ماجد زيدان
اقدمت الحكومة على رفع اسعار البنزين , فأثارت نقاش وجدل واسع وغضبا قد يطلق حريق احتجاجات كبيرة على السياسات الحكومية التي تستهدف قوت الناس وتزيد معاناتهم .
صحيح ان القرار الحكومي رفع نوعين من البنزين هما المحسن والممتاز وترك للأنواع الاخرى , ربما الى وقت لاحق تحسبا من الغضب الذي يلوح في الافق والذي يتضح من نزول مؤشر التأييد للحكومة والاطار التنسيقي الذي يدعمها , بل ان هذا التصدع ظهر في داخله في رفض بعض اطرافه لهذه الخطوة الخطرة في تصريحات وبيانات ومحاولات الناي بالنفس عنها والتي توفر البيئة الملائمة للتحرك الجماهيري ضد الحكومة .
الواقع الحكومة تدرك ما اقدمت عليه ,وهو نابع من طبيعتها وتركيبتها ونهجها بحل الازمات , التي تحاول تدثرها اعلاميا بشعار حكومة الخدمات , لذلك تحرك المؤيدين لهذه الخطوة في تبريرها والزعم بانها تستهدف السيارات الفارهة لكبار المنعمين بخيرات الوطن على حساب فقر نسبة عالية من ابنائه , وتناسوا ان السيارات الحديثة الرخيصة والغالية ما عادت تعمل على البنزين العادي الذي هو اقرب الى النفط , ولم يقل المحللون الدائرون في فلكها ان هذا القرار جاء تلبية لمطالبة البنك والصندوق الدوليين الذي منصلب سياستهما القاء العبء على الفئات الاجتماعية في ادنى السلم واضعفه , وكذلك لسد العجز في الموازنة ولتغطية النهب لأموال الدولة واستمرار الفساد وعدم التمكن من الحد منه .
حجج الحكومة واهية ورفع اسعار المحروقات ليس من الحلول الناجعة ولا تحد من الاستهلاك وسيكون الناس بين عدم متأثر به ومحمل تبعاته للمستهلك في النهاية , ويخدم موجة غلاء جديدة يكتوي بها غالبية الناس المحدودي الدخل اكثر من الاخرين والقطط السمان في البلد.
القرار يستخف بردود الفعل للقوى التي تدافع عن المصالح العامة للمتضررين منه ,لأنها مبعثرة ومشتتة غير قادرة على توحيد طاقاتها الكبيرة في تيار معارض لأي هجوم يستهدف رفع الاسعار بشكل مباشر او غير مباشر, آن الاوان ان تتحد القوى وتنسق فعاليتها من اجل إيقاف الضرر الذي سيلحق بها وبجمهورها .
وبصورة غير مباشرة كشفت هذه الخطوة عن تصريحات اعلامية مخادعة واستعراضية وانجازات حكومية عن ان افتتاح مصفى كربلاء وبيجي قلص استيراد
المشتقات النفطية وحقق النسبة الاعظم من الاكتفاء الذاتي , ولكن ها هي الحكومة تزيح الستار عن مزاعمها بالقول انها تستورد كميات كبيرة من البنزين وتؤدي الى خسائر باهظة جراء بيعه بسعر اقل من كلفته , ولكن لا تخبرنا لماذا لم ترفع سعره عندما كانت تستورد ضعف الكمية وكانت موارد الدولة اقل مما هي عليه الان .
إن ارتفاع أسعار البنزين يعني ارتفاع أسعار النقل وسوف يصطحب معه ارتفاعاً بجميع المواد وزيادة كلفة المنتوج الوطني ، وارتفاعها يقع على كاهل المواطن وخصوصاً ذوي الدخل المحدود
كان الامل بعد تحسن الانتاج ان يخفض ما رفع سعره , واحترام تطلعات الناس الذي لم يبق امامهم سوى استعادة ما فعلوه في الماضي عندما رفعت اسعار المحروقات واجبروا الحكام على التراجع , والمفارقة ان السليمانية تخفض الاسعار لتضعنا في مواجهة الصيف والشتاء في سطح واحد مثلما يقال !.