الشباب والبحث عن النموذج والقدوة

 

محمد علي جواد تقي

كلما تطورت الحياة، وتقدم الانسان في فكره، وفي ثقافته، ووسائل حياته، يكون أحوج الى القدوة ليستفيد منها في مسيرته المهنية او العلمية، مع تسارع وتيرة التطور في المجالات كافة، الأمر الذي أنتج لنا ظاهرة جديدة، تتزايد فيها القدوات، ليس في الفن، والعلم، والدين، بل الى الرياضة بمختلف اصنافها…

مما تعتزّ به الذاكرة؛ قول أستاذ في الأدب من مصر العربية، في دورة لتعلّم الكتابة: “إنك إن أكلت تفاحة، ماذا سيحصل؟ هل تبقى التفاحة في بطنك كما هي؟! أكيد إنها تتعرض لعملية تجزئة في الجهاز الهضمي ليستفيد الجسم من السوائل والألياف الموجودة، فيما يتم طرح الزائد منه خارج الجسم”.

هكذا يكون تناول الشخصية المحببة الى النفس كنموذج يُحتذى به في ظروف زمكانية، أو ربما يكون الاقتداء مدى الحياة، فان الترميز لشخصية معينة كنموذج للنجاح والتفوق مسألة نفسية واجتماعية عرفها الانسان منذ أمد بعيد لتحقيق الطموحات بشكل أسرع مستفيداً من تجارب الناجحين، فيتولد شعورٌ بأن هذا الرمز يمثل كل شيء في الحياة، فيجد البعض نفسه فيه، او يجده هو في نفسه في كل مكان وزمان.

وكلما تطورت الحياة، وتقدم الانسان في فكره، وفي ثقافته، ووسائل حياته، يكون أحوج الى القدوة ليستفيد منها في مسيرته المهنية او العلمية، مع تسارع وتيرة التطور في المجالات كافة، الأمر الذي أنتج لنا ظاهرة جديدة، تتزايد فيها القدوات، ليس في الفن، والعلم، والدين، بل الى الرياضة بمختلف اصنافها، والتمثيل في التلفزيون والسينما، واخيراً وليس آخراً؛ في الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي.

وحتى نصل الى نتيجة تجعلنا نكسب القدوات المفيدة في حياتنا، يجدر بنا تسليط الضوء على نظرتين –ربما من جملة نظرات أخرى- الى مسألة القدوة؛ الأولى: النظرة العاطفية، والأخرى: النظرة العقلية والحضارية.

النظرة العاطفية الى القدوات

ولأنها تصدر من انفعالات النفس وما تفرزه من مشاعر الى الواقع الخارجي، فهي تدفع صاحبها للحصول على المبتغى بأسرع وقت، دون النظر الى الاستحقاقات، كأن يحلم البعض بأن يكون مثيل ونظير لهذا العالم أو ذاك الخطيب، او الأديب، لمجرد أنه أعجب به وبمنجزاته، فيتصور إن بامكانه تحقيق نفس هذه المنجزات اذا صار مثله، وهذا ما يرفضه العقل والمنطق، لأن الانسان مزوّد بالعقل والقدرات الخاصة به، الى جانب الحرية والإرادة، وبإمكانه بناء شخصيته وفق منظومته الفكرية والثقافية وسط بيئته الاجتماعية، فتكون شخصية متوازنة وحقيقية.

والمشكلة في هذه النظرة العاطفية السريعة عندما يحصل الفشل في عملية التشبيه والاستنساخ فتكون النتيجة كارثية، تسبب الإحباط واليأس من كل شيء، فربما تكون المشكلة في المتأثر وعدم قدرته على بلوغ مراتب ذلك الشخص المؤثّر.

النظرة العقلية والحضارية

وهي التي تدعو الى استحضار العقل وتحفيزه قبل الحكم بصحّة او سقم أي شخص، ومن أبرز علامات العقل؛ استشراف المستقبل، والتطلع الى عواقب الأمور قدر الإمكان في شخص نريد الاقتداء به، وبفكره، ونظرياته، وطريقة حياته، ومما يساعدنا على التطلع؛ القيم والثوابت في الأخلاق والآداب في العلاقات الاجتماعية، فهي تساعدنا الى حد كبير على تحديد صوابية وحقانية هذا الرمز دون غيره في الاقتداء واتخاذه النموذج في الحياة.

ان البحث عن القدوة الصالحة التي تصحبنا الى ما هو خير وصلاح، لا الى الندم والحسرة، والخسران ويجب الشعور بالمسؤولية إزاء المجتمع والأمة، لأن الذي يبحث عن ملذات الدنيا لا يسعه توفير هذه الملذات للآخرين.

قد يعجبك ايضا