التآخي ـ وكالات
يمثل تسعة مصريين أمام محكمة يونانية بتهمة تهريب البشر وذلك ضمن التحقيقات الجارية في حادث غرق سفينة تحمل مئات المهاجرين أمام السواحل اليونانية العام الماضي، في واحدة من أسوأ الحوادث من هذا النوع.
ولا زالت ملابسات حادث غرق السفينة أدريانا تثير الجدل بين السلطات اليونانية والجماعات المؤيدة لحقوق الناجين والمهاجرين.
وأفادت مصادر قضائية يونانية يوم الجمعة (5 نيسان 2024) بأن تسعة رجال مصريين كانوا على متن سفينة مهاجرين غرقت قُبالة اليونان العام الماضي مما أسفر عن مقتل وفقدان مئات الأشخاص، سُيحاكمون الشهر المقبل بتهمة تهريب البشر.
ولازالت ملابسات حادث غرق السفينة “أدريانا” في حزيران 2023 تثير الجدل بين السلطات اليونانية والجماعات المؤيدة لحقوق الناجين والمهاجرين، مما يعني أن المحاكمة ستكون أول فرصة رسمية لسماع شهادات بعض الأشخاص الذين كانوا حاضرين في ذلك الوقت، فيما يتهم ناجون خفر السواحل اليوناني بالتسبب في غرق القارب.
وتقول السلطات، التي راقبت أدريانا لساعات، إن سفينة خفر السواحل كانت على بعد 70 متراً عندما غرقت سفينة المهاحرين. ونفى خفر السواحل ارتكاب أي سلوك يخالف القانون.
ولم تتضح بعد الأحداث التي جرت من وقت إبلاغ خفر السواحل بوجود السفينة وحتى لحظة انقلابها.
ووفقاً لتقرير صدر في كانون الأول، قالت وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) إنها رصدت السفينة من الجو قبل خفر السواحل لكن السفارة اليونانية لم ترد على مكالمات الوكالة وعروضها للمساعدة. ولم تتمكن فرونتكس من التوصل إلى استنتاج حول سبب غرق السفينة.
وكانت سفينة الصيد المكتظة تحمل مئات المهاجرين من باكستان وسوريا ومصر عندما غرقت قبالة بلدة بيلوس الجنوبية في المياه الدولية في أثناء إبحارها من ليبيا إلى إيطاليا؛ ونجا نحو 104 رجال فيما جرى انتشال 82 جثة فقط، وفُقد أثر ما يصل إلى 750 شخصًا، وفقًا لمنظمات غير حكومية.
وكان هذا أسوأ حادث كارثي منذ سنوات وسلط الضوء مجدداً على المخاطر التي يواجهها المهاجرون الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.
ويقول أحد المصادر لرويترز إن المصريين التسعة المحتجزين احتياطيا منذ حزيران 2023 متهمون بالتسبب في الحادث والانضمام إلى منظمة إجرامية وتهريب مهاجرين وتهم أخرى. ونفوا جميعا ارتكاب أي أعمال غير قانونية. ومن المقرر أن تبدأ المحاكمة في 21 أيار 2024 في مدينة كالاماتا.
وعارضت جماعات مؤيدة لحقوق الإنسان احتجاز الرجال. وقال مركز ليسفوس القانوني غير الحكومي “يجب أن يحظى هؤلاء الناجون بالدعم لا أن يواجهوا اتهامات. حان الوقت لإسقاط التهم الموجهة إليهم”.
وفي العام الماضي، روى ناجون أن خفر السواحل قام بمحاولة فاشلة لقطر سفينة الصيد المتهالكة مما أدى إلى انقلابها. وتتعارض هذه الأقوال مع روايات الحكومة اليونانية وخفر السواحل التي قالت إن السفينة رفضت المساعدة.
وفي أيلول 2023، رفع 40 ناجياً دعوى قضائية ضد السلطات اليونانية متهمين إياها بالتقاعس عن إنقاذ من كانوا على متن السفينة والتسبب في غرقها.
يشار الى انه عندما اتصل ركاب السفينة المذعورون طلباً للنجدة، طمأنهم العاملون في الحقل الإنساني بأن “فريق الإنقاذ في الطريق إليكم، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت”. كما استعد مسؤولو الحدود الأوروبيون الذين شاهدوا اللقطات المأخوذة من الجو لرصد ما كان مؤكداً أنها “عملية إنقاذ بطولية”.
إلا أن السفينة “أدريانا”، وخلافاً لذلك، انقلبت رأساً على عقب، وسرعان ما شقّت طريقها نحو القاع في ظل وجود سفينة وحيدة تابعة لخفر السواحل اليوناني، ما أودى بحياة أكثر من 600 مهاجر، في مأساة بحرية صادمة حتى في أكثر طرق الهجرة فتكاً في العالم.
واشارت صور الأقمار الاصطناعية والوثائق القضائية وأكثر من 20 مقابلة أجرتها الصحافة مع ناجين ومسؤولين وسلسلة من الإشارات اللاسلكية التي تم إرسالها في الساعات الأخيرة، إلى أنه كان بالإمكان تخفيف عدد الضحايا.
وبرغم أن العشرات من المسؤولين وأطقم خفر السواحل كانوا يُراقبون السفينة، إلا أن الحكومة اليونانية تعاملت مع الموقف بصفته “عملية لإنفاذ القانون”، وليس كونه “عملية إنقاذ”؛ وبدلاً من إرسال سفينة مستشفى تابعة لسلاح البحرية تحمل على متنها اختصاصيي إنقاذ، أرسلت فريقاً ضم 4 رجال ملثمين يحملون أسلحة من وحدة العمليات الخاصة التابعة لخفر السواحل.
وتذرعت السلطات في اليونان مراراً بأن السفينة “أدريانا” كانت في طريقها إلى إيطاليا، وأن المهاجرين رفضوا إنقاذهم، لكن صور الأقمار الاصطناعية وبيانات التتبع التي حصلت عليها الصحيفة ” أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك” أن السفينة “انجرفت بقوة في دوامة بحرية في الـ 6 ساعات ونصف ساعة الأخيرة قبل غرقها”.
وفي شهاداتهم بعد أداء القسم، وصف الناجون الركاب الذين كانوا في الطوابق العليا من السفينة وهم “يستغيثون من أجل النجدة، بل ويحاولون القفز على متن ناقلة تجارية توقفت لتوفير مياه الشرب” للسفينة المنكوبة.