كتاب” الشعر المغربي في الألفية الثالثة”.. تأويل مُغاير للشعرية المغربية الراهنة

*أحمد الشيخاوي

عن عبور الثقافية للنشر، صدر حديثا للشاعر والناقد المغربي كريم أيوب، في طبعة أنيقة زانتها لوحة الشاعر والفنان العراقي المغترب، مهدي النفري، كتاب” الشعر المغربي في الألفية الثالثةـ من ظنون الفهم إلى يقين المتاه ـ”، والذي يقع في 150صفحة من القطع المتوسط، ويبسط تفصيلا في جملة من المفاهيم، استهلالا بإشكالات الحداثة( شعر الالفية الثالثة بالمغرب)، فمفهوم الحساسية( ماهية الشعرية في الراهن الشعري/ جنيالوجيا الذات التفكير الوجودي في النص الراهن/ القصيدة والواقع)، مرورا بتجليات التجزيء والتشظي( نبوءات الشعراء)، فإبداع البحث عن المصير( موت العنوان في القصيدة المغربية الراهنة)، ليختم بمفهوم شعريات أسئلة الكوني( شكوك المعنى)، موردا بعض النماذج للتدليل والبرهنة على ذلك، تبعا لكل فصل من هذا المنجز القيم، على حدة.
ومما جاء في تقديم الدكتورة الغالية ماء العينين للعمل، وهو ما ورد في ظهر الغلاف أيضا، نسوق الآتي:
في وقت يتعاظم فيه توجه الدراسات النقدية نحو السرد والنقد الروائي بشكل خاص، وتتعالى أصوات تحاول إثارة الانتباه، إلى ما يعانيه الشعر المغربي من قلة الاهتمام والمتابعة، تبرز أصوات تقبل على هذا الشعر إبداعا ونقدا.

أيوب كريم من بين هذه الأقلام الشابة التي خصصت جهدها وأبحاثها للشعر المغربي دراسة ونقدا. ورغم أن البداية كانت أكاديمية، على مستوى الماستر والدكتوراه إلا أن ما يميز أيوب كريم، أنه لم يسجن نفسه في الإطار النظري واجترار ما تعودنا عليه، في أغلب البحوث والأطاريح الجامعية، بتكرار التأريخ الأدبي للنقد المغربي وأهم مراحله ومدارسه، بل انطلق من وعي عميق بأن التجارب الشعرية، وخصوصا شعر الألفية الثالثة، تعاني من قلة المتابعة إن لم نقل انعدامها. فأعد العدة وشحذ أدواته متسلحا بمعرفة كبيرة ومتابعة جيدة، لما ينتجه الشعر المغربي اليوم، فامتلك جرأة النبش في هذا الابداع ومحاولة استكناه مجاهله ورصد خصوصياته…
يُشار إلى أن الإصدار في مبادرة إطلاق الدورة الأولى لجائزة المهندس المغربي الراحل رشيد الإدريسي، المنحدر من مدينة أوطاط الحاج، فضلا عن كتابين نقديين آخرين يريان النور قريبا، ” قراءات في نماذج من المتن الأدبي المغربي” للباحث عبد النبي بزاز، وكتاب” الشعري والمنثور بين المنهج والأسلوب” للباحث لحسن ايت بها.
هذا في إطار بادرة هادفة من جمعية عبور وفي غياب الدعم من الجهات المسؤولة.
أخرجت العمل مطبعة النور، ومما يجب لفت العناية إليه، أن تصميم اغلفة الكتب الثلاثة الفائزة، تم بأنامل عراب عبور، الشاعر والفنان المغربي المبدع نور الدين الوادي.
نقتبس للناقد قوله:
وفي خضم هذه العناصر، الذات والواقع والآتي، نما شعر ألفيتنا وفق رؤيا يكون فيها الإشكال أكبر من المعنى، إنه التيه الذي يقمس فيه الشعر، كل ما وجد تخوم رؤاه أو وقف عند الطرق المسدودة، صحيح أن الشعراء، وإلى زمن غير بعيد عاشوا بتجارب الآخر، كالغربة والبعث والموت… ثم عاشوا بعد ذلك، سيما عند بروز قصيدة المثر بشكل واسع، عاشوا بتجاربهم وجدّدوا وتحّرروا، ولكنهم وجدوا أنفسهم على السبيل المسدود الذي لا بقدم لهم معنى ولا فهما ولا مساحة لبث النهضة المشتهاة، ولذلك نلاحظ في الغالب لجوء الشاعر إلى مستوى آخر من المعنى، هو اللامعنى، على أساس أن ذلك قد يشكل فهما في ذاته، يستنير به في لملمة جراح الذات والواقع، أو يكتفي به كمنفى، يعاش طوعا وقسرا.
أنظر كتاب” الشعر المغربي في الألفية الثالثةـ من ظنون الفهم إلى يقين المتاه ــ” للمغربي كريم أيوب، طبعة أولى 2024، منشورات عبور.

*شاعر وكاتب مغربي

قد يعجبك ايضا