لا تزال هناك حمام تحوم في سماء حلبجة، في ذكرى قصف حلبجة في ١٦ اذار ١٩٨٨

د. توفيق رفيق التونچي

للحروب دوما نهاية في يوم ما ولكن كيف هي؟
الحروب تنتهي اما حين تخسر الدول وتنسحب من ساحة المعركة او تتخاذل امام جبروت وقوة الطرف الاخر اي الخصم. كما هي عليها كذلك في عالم الحيوان انظر مثلا الي الحصان الذي يريد ان يقود القطيع او لحبه لمهرة صديقة فيقوم بالصراع الى ان ينتصر ويقود القطيع. اما الحصان الخاسر فتراه قد انسحب خائبا من ساحة الصراع وانزوى بعيدا عن الاعين. الحروب العالمية انتهت بمآسي وافضعها كانت باستخدام القنبلة النووية في مدن اليابان ناكازاكي و هيروشيما.

انتهت الحرب العراقية الايرانية بعد ثماني سنوات بقصف مدينة حلبجة بالغاز ايام ١٦ و ١٩ اذار من عام ١٩٨٨ ونقل الحدث في ارجاء العالم وربما اشارة الى ان مدينة قم او طهران وحتى بغداد ستكون القادمة وجرع كاس السم وانتهى الحرب. الحرب الحالية في اوربا ستنتهي بنفس الطريقة حين نرى ان القط قد حشر في زاوية لا يتمكن منها الخلاص وفي حالة الياس يقوم بتفجير نفسه. حلبجة واهلها اليوم يعيشون في عالم غير حلبجة في ١٦ اذار من عام ١٩٨٨ يوم قصف بالكيمياوي. الحكومتين العراقية والايرانية لم تعترف رسميا لكن القوات العراقية تقول بانهم انذروا مواطني المدينة قبل البدأ بالقصف. ثم كرروا ذلك في قرى برزان.

بتلك الجريمة وبقى الفاعل مجهولا لحد اليوم. العجيب في الامر كذلك لهول الكارثة الانسانية يتهم الاول الثاني وبالعكس بالعملية الاجرامية. العديد من القوميين رفضوا ان يكون ذلك من شيمة قومهم في الخرب ان يستخدموا اسلحة الدمار الشامل في الحروب لكن الواقع يثبت عكس ذلك. المقال الوحيد الذي انتصر لطفل حلبجة جاء من فيلسوف جليل اسمه هادي العلوي في مقالة تاريخية وثق الحدث وضحاياها) براءة الى أطفال كوردستان(.
وكنت قد قد كتبت مادة نشرت في موقع ايلاف عن الحدث انذاك.

. https://elaph.com/amp/Web/Archive/1079360379220251500.htm
كتبت قائلا:
“كلما جاء الربيع الى هذه الربوع ومنذ انتشار ذلك الدخان الأصفر وحصده لأرواح آلاف الناس من المدنيين العزل تأتي أسراب من الحمام الزاجل الأبيض بنقاوة الثلج ونصاعتها وتبقى تدور وتدور فوق المدينة المنكوبة وشواهدها البيضاء.
تلفت احد الصبية التي كانت تلعب امام دار بيتها الى ذلك فرفعت راسها عاليا مؤشرة الى تلك المجاميع من سرب الحمام قائلة:
بابا…بابا ما تلك الكثرة من الحمام اليوم؟
فاجاب الاب: اي حمام تقصدين يا ابنتي اني لا ارى شيئا.
استذكار الحدث مهم في عالمنا هذا المليء بالصراعات. المصيبة الكبرى تكمن في عالم صناعة السلاح الذي يتطور يوما بعد يوم وكلفتها كثيرا جدا وعلى الإنسانية وتمثل اليوم الصناعات العسكرية أهم بنود ميزانيات العديد من الدول لو صرفت تلك الاموال على البشرية لأختفى الفقر من الثرى.
التطور المستمر في عالم التصنيع العسكري يحتاج الى اماكن لتجربة تلك الأسلحة الحديثة ومشاهدة مدى فعاليتها في القتل. الهدم. لذا يستوجب اشعال الحرب هنا وهناك لتجربة تلك الأسلحة. البشرية ستبقى دوما امام محو وجودها والوجود لجميع الكائنات الحية اذا ما استمر هذا السباق للتسلح والقادم سماء داجية وصحراء رمال، لا سامح الله………

قد يعجبك ايضا