الملا مصطفى البارزاني و الرؤية الحكيمة

سردار علي سنجاري

الزعيم الخالد الملا مصطفى البارزاني ، احد اهم قادة العصر واشجعهم ، الذي حمل هموم شعبه وامته منذ شبابه حتى يوم رحيله . لقد آمن البارزاني الخالد بكل معاني السلام والتآخي وبالاخص بين الشعبين الكوردي والعربي و ناضل من اجل الديمقراطية للعراق باختلاف مكوناته واديانه وسعى الى تحقيق العدالة للشعب العراقي بكورده وعربه و اقلياته الحضارية والتاريخية . ولم يعرف عنه اي نوع من انواع التعصب او التميز بين ابناء العراق . انسانيته حولته من قائد للامة الكوردية الى قائد شعبي اممي يحظى بإحترام كامل من كافة الشعوب العربية والاسلامية والاجنبية.

لقد سلك البارزاني الخالد سلوك القادة الشجعان في التعاطي مع كافة القضايا رغم كل الأزمات والاضطهاد الذي تعرض له شخصيا وعائلته وشعبه و حرص على ان تكون رسالته رسالة سلام وتآخي وان تكلل مسيرته النضالية بالتوافق بين كافة المكونات العراقية .

لقد اختلفت معطيات المطالبة بالحقوق القومية للشعوب في القرن التاسع عشر وكان الكورد جزء من تلك الامم التي بدات بالبحث عن ذاتها والعمل على استقلالها وهنا كانت ولادة البارزاني الخالد الذي ترعرع في وسط عائلة دينية ملتزمة بالقيم الاخلاقية والوطنية وحريصة على تاريخها النضالي ومكانتها الاجتماعية والعشائرية والثورية.

لم تكن غاية البارزاني شخصية فقد عرف عنه الزهد والتواضع ولكن كانت هموم امته هي الشاغل الاكبر في حياته . فقد اختلف في فكره عن كل القادة الكورد الذين سبقوه وناضلوا باخلاص من اجل خلاص الامة الكوردية من قيود العبودية . لقد تبنى البارزاني الخالد مسالة التوعية القومية بجانب الحفاظ على خصوصيات الكورد الثقافية والدينية والاجتماعية وعمل على نمو الفكر القومي الكوردي وادرك انه لا يمكن ان تتحقق طموح الامة الكوردية الا من خلال انبثاق تنظيم حزبي يستطيع الشعب الكوردي والقيادة السياسية الكوردستانية العمل والمطالبة بحقوقهم تحت مظلته ، وهنا كان انبثاق الحزب الديمقراطي الكوردستاني سنة ١٩٤٦ الذي أسسه البارزاني الخالد والذي شهد الكورد تحت ظله العديد من الاحداث التي نقلت القضية الكوردية من قضية محلية ضيقة الى قضية دولي هامة . لقد كانت الرؤية الحزبية للخالد البارزاني بعيدة المدى ولا تقتصر على فئة معينة او حتى مكون معين فقد انضم اليه كافة فئات المجتمع العراقي من المسلمين والمسحين والايزيديين والتركمان والكاكائيين والصابئة والكثير من العرب الذين امنوا بالديمقراطية وكذلك من العمال والكسبة والمثقفين ورجال الدين والعشائر وجميع شرائح المجتمع وتشكلت قاعدة جماهيرية كبيرة تجاوزت حدود اقليم كوردستان العراق واصبح البارزاني يتمتع بمحبة واخلاص الشعب الكوردي وباقي المكونات له.

تاسست النواة الاولى للمقاتلين الكورد ( البيشمه ركة ) التي اصبحت حديث العالم الحر لما قدمته من تضحيات وصور بطولية مشرفة للدفاع عن قضيتهم وشعبهم وقتالهم بشرف
لقد كانت الديمقراطية للعراق و الوحدة الكوردستانية بالتاكيد الشاغل الاهم والاكبر في نهج البارزاني الخالد وسعى الى العمل الجاد والمخلص من اجل ذلك والسعي الى توحيد الصف الكوردي ونجح في الكثير من محطات نضاله ولهذا ماتزال سيرته العطرة ونضاله يتردد في كافة المدن الكوردستانية باختلاف مواقعها الجغرافية.

سعى الخالد البارزاني الى ايجاد السبل الحقيقية للتقارب الجاد مع الشعوب العربية التي اعتبرها الشريك الحقيقي والاقرب للامة والشعب الكوردي، وكان له مكانته الكبيرة وحظي باحترام كبير بين الشعوب العربية والقادة العرب باختلاف مسمياتهم واقطارهم .

شكلت العلاقات الكوردية العربية وبالتحديد في زمن الرئيس المصري الاسبق جمال عبد الناصر تحولا كبيرا في مسار القضية الكوردية على المستوى العربي لدور مصر الكبير وشخصية الراحل جمال عبد الناصر وتاثيره الكبير على الشارع العربي . حاول البارزاني الخالد عبر سنوات نضاله الدؤوب ان يوفق بين الشعبين الكوردي والعربي داخل العراق ويبتعد عن المهاترات العنصرية والشوفينية المقيتة التي تبنتها العديد من الانظمة الحاكمة العراقية باتجاه الشعب الكوردي والتي ماتزال تشكل ازمات وصلت الى حد الاقتتال بين الجانبين لفرض سياسة العبودية والاضطهاد ضد الشعب الكوردي المسالم التي انتهجته الكثير من الحكومات العراقية المتعاقبة وصلت الى حد استخدام الاسلحة المحرمة دوليا والابادة الجماعية وتدمير القرى وحرقها. كان هاجس البارزاني الخالد وحلمه ان ينعم الكورد والعرب في عراق ديمقراطي حر قوي يضمن لكافة ابنائه ومكوناته العيش والحياة الكريمة بعيدا عن الصراعات والمواجهات التي لا تخدم اي جانب .

ان العمق الفكري في رؤية البارزاني الخالد في عراق موحد وقوي ينتهج سياسة الانصاف والعدالة لابنائه ومكوناته يعكس مدى ايمان الخالد بالمبادىء والقيم الانسانية التي هي اسمى القيم المقدسة التي وجدت للحفاظ على الانسان ومكانته الكونية .كما كان يسعى دوما الى تعزيز اواصر العلاقة مع الشخصيات الوطنية العراقية وينتهج لغة الحوار السلمي ويخاطبهم بما يضمن وحدة الصف العراقي وحقوق الشعب الكوردي بعيدا عن لغة الاستفزاز. واليوم ونحن نعيش زمن الامن والسلام تحت قيادة الرئيس المفدى ونجل الملا مصطفى البارزاني السيد مسعود البارزاني الذي اثبت للجميع من داخل وخارج العراق انه خير من التزم بنهج البارزاني الخالد وزاد عليه الكثير من الانجازات التي سوف يذكرها التاريخ الانساني في صفحاته البيضاء للاجيال القادمة وعليه واجب على كل من يسير على خطى و النهج المبارك للبارزاني الخالد ان يتحملوا المسؤولية الاخلاقية والانسانية في السعي لاستمرارية هذا النهج المبارك والعمل بمفرداته بكل صدق واخلاص مع نكران الذات.

المجد والخلود للبارزاني الخالد

قد يعجبك ايضا