حسين الحميد
خرج قطاع الاتصالات في السودان عن الخدمة كليا، مما فرض واقعا جديدا على الإعلام بشكل أعاق تداول الأخبار والمعلومات، وسط تبادل الاتهامات بين طرفي الصراع بشأن مسؤولية ما جرى، بينما أشار البعض إلى رغبة الجيش في التعتيم عن أخبار طالت صفوفه الداخلية بعد تسريبها لوسائل إعلام محلية، وانتشار الشائعات .
ومنذ ما يزيد عن شهرين، تعيش مدن إقليم دارفور غربي البلاد في عزلة عن العالم بسبب انقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت، واستعاض السكان عنها بشبكات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، التي تتوفر بشكل محدود في بعض المقاهي والأسواق، واستطاع هؤلاء الحديث عن أزمتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي
وقال متابعون إن انقطاع الاتصالات والتواصل يصب لصالح الراغبين في نشر الشائعات والأخبار الكاذبة بشأن المعارك، إذ لا يمكن التأكد من الحقائق والمعلومات على أرض الواقع. وحذرت هيئات شبابية وتنظيمات سياسية من توظيف قطاع الاتصالات في الصراع العسكري والسياسي
وقال مرصد الإنترنت “نيتبلوكس” على قناة إكس إن مشغلي الإنترنت الثلاثة الرئيسيين في السودان انقطعوا عن الاتصال بالإنترنت الأربعاء الماضي، مما أدى إلى انقطاع الشبكة في البلاد.
وشاركت “نيتبلوكس” وهي مراقب للإنترنت، بيانات عن إكس أظهرت أن الاتصال من مقدمي الخدمة الرئيسيين، “أم.تي.أن” المملوكة لجنوب أفريقيا و”سوداني” المملوكة للدولة، انخفض إلى الصفر وأقرب إلى الصفر
وألقى مصدر قوات الدعم السريع باللوم في انقطاع التيار الكهربائي في دارفور على الجيش قائلا إنه أمر بخفض الإمدادات لمدة أشهر هناك ومناطق أخرى لم تثر قلقا خارجيا مماثلا. ولم يتم ذكر الجهة المسؤولة عن انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء أخرى من البلاد، لكنهم قالوا إن قوات الدعم السريع لم تكن وراءه
وقالت شركة زين السودان الكويتية، في بيان نشرته على فيسبوك، إن موظفيها “يعملون في ظل ظروف صعبة وقاسية وخطيرة للغاية، وتود الإشارة إلى أن انقطاع الشبكة الحالي هو بسبب ظروف خارجة عن إرادتها”. ورفض ممثل لشركة سوداني المملوكة للدولة التعليق، لكن الشركة قالت على فيسبوك إنها تعمل على استعادة الخدمة .
وذكرت مصادر مطلعة أن قوات الدعم السريع تسيطر على المنطقة التي تضم جهاز التحكم منذ الخامس عشر من أبريل الماضي، ولم تقم بقطع الخدمة، ولذلك لا يوجد أي سبب يجعلها تفعل ذلك الآن، وأضافت أن كل السودانيين يعلمون أن قطاع الاتصالات يُدار بواسطة الأجهزة الأمنية، وأنها كثيرا ما قطعت الخدمة لدواع عسكرية أو أمنية .
وبالتوازي مع انقطاع الاتصالات، أعلنت نقابة الصحافيين السودانيين عن تلقيها معلومات تُشير إلى اقتراب القتال بين القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، من مباني الإذاعة والتلفزيون، وعبرت عن قلقها من أن يزيد الأمر من خطورة تدمير أو إتلاف أرشيف يقترب عمره من المئة عام ويمثل إرثا سياسيا وثقافيا واجتماعيا للأمة السودانية جمعاء، وناشدت المنظمات ذات الاختصاص التدخل لإنقاذ هذا الإرث .
ولفتت إلى أنها تدق جرس الإنذار للمرة الثانية منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل من العام الماضي 2023، تنبيها للمخاطر المحتملة، والتي قالت إنها تهدّد هذا الإرث. وناشدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، وكل المنظمات العاملة في مجال حفظ التراث المادي والإنساني، أنّ هناك خطرا حقيقيا على مكتبتي الإذاعة والتلفزيون، ودعت كل هذه المنظمات إلى التدخل لدى الطرفين المتقاتلين لإنقاذ هذا الإرث وحمايته من الضياع، وذلك انطلاقا من مسؤوليتهم ز
وأدت الحرب إلى تعطيل كل الأجهزة الإعلامية الموجودة في العاصمة الخرطوم، حيث توقفت الصحف عن الصدور وتوقف بث القناة الرسمية (تلفزيون السودان) بجانب عدد من القنوات الفضائية الأخرى، وكذلك توقفت الإذاعة السودانية وعدد من الإذاعات المحلية ذات الموجات القصيرة . (FM)
ومع مرور أكثر من تسعة أشهر على هذه الحرب، عاودت بعض القنوات الفضائية والإذاعات بثها، ولكن ظلت الصحافة الورقية متوقفة عن الصدور وغابت عن المشهد الإعلامي، وشكل هذا التوقف في السودان هاجسا كبيرا لأصحاب المؤسسات الصحفية السودانية والصحافيين، وانعكس سلبا عليهم وعلى أوضاعهم بصورة مباشرة بتوقف مصدر الدخل لهم .