مهام الجيش والميليشيات في اركان الحكومات

 
لطيف دلو 

يعتبر الجيش ( القوة المسلحة تحت أي اسم كان ) من اهم اولويات مؤسسات الدولة لحماية حدودها وثرواتها من الاطماع والتدخلات الاقليمية مع تامين الامن والاستقرار لها وترسيخ قواعدها وفي أي حكومة ذات قاعدة شعبية لها جيش واحد بنظام واحد وليس من مهامه التدخل في القضايا الداخلية السياسية إلا في حالات الفوضى العارمة التي تسيء لسيادة الدولة لحين السيطرة على الوضع المتردي وتهدئته وإعادة السلطة او تشكيل حكومة جديدة لادارة البلاد ولا يجوز وجود قوتين مسلحتين في الدولة بأي اسم كان إلا في دولة عميقة حكومتها نابعة من الدكتاتورية والقوموية التي لا تقبل الاخر في وطن متعدد الاعراق ، تشكل لنفسها قوة خاصة لحمايتها من خارج الجيش الوطني ومن المؤكد تمنح تلك القوة امتيازات في السلطة والرواتب والاسلحة بإختلاف الجيش الاعتيادي المعروف لدى العامة والذي يفقد الكثير من سمعته ومهامه التعبوي وفي الادارة والتسليح بسببها وبعض الحكومات تصيغها بغطاء رسمي وهمي لتتوارى عن الانتقاد السياسي الدولي ولكن بقيادة وادارة مستقلة للحفاظ على مهامها وامتيازاتها.

اول حكومة تشكلت في العراق عام 1921 كانت ملكية برلمانية بجيش واحد لربما كانت هناك حمايات  خاصة لها من داخل الجيش باعداد قليلة بصفة مرافق وإن كانت الحكومة قوموية لم تكن لها قوات او ميليشيات خاصة بها بل عوضتها بقواعد اجنبية داخل العراق في الحبانية والشعيبة ، وبعد اسقاط تلك الحكومة في 14 تموز 1958 ابتدأت بصورة واضحة نشأة الميليشيات او القوة الثانية في البلاد بإسم المقاومة الشعبية في عهد حكومة عبد الكريم قاسم وانحلت تدريجيا وبعد إسقاط حكومته عام 1963من قبل حزب البعث في الفترة الاولى للحكم شكل قوات الحرس القومي ذات سلطة اعلى من الجيش وفي العام نفسه حل الرئيس عبد السلام عارف الحرس القومي مع سيطرة البعث عن السلطة وفي حينها كانت هناك هواجس لدى البعض وليس من مصادر موثوقة بأنه أستعاض بقوة مصرية لحماية رئاسته وفي عام 1966 خلفه شقيقه الرئيس عبدالرحمن عارف استعان بقوة خاصة من الجيش للغرض نفسه وفي عام 1968 اُسقطت حكومته من قبل حزب البعث واستلم السلطة للمرة الثانية بزعامة احمد حسن البكر الذي اعاد تشكيل الحرس القومي باسم الجيش الشعبي وانحل عام 1991 وفي عام 1969بعد استلامهم السلطة بعام واحد تشكلت قوات الحرس الجمهوري لحماية النظام وعندما خلفه صدام حسين في الرئاسة عام 1979 منح تلك القوات امتيازا تاما في كافة النواحي واستمرت بالتطور إلي ان اصبحت اكثر من فيلق  وانحلت مع الجيش وكافة القوي الامنية بسقوط النظام في 8 نيسان 2003.

وبعد فراغ امني عقب سقوط النظام البائد بعدة اشهراُعيد تشكيل الجيش العراقي وبعد إحتلال داعش المناطق والمدن الغربية تشكلت قوات الحشد الشعبي عام 2014 لمساندة الجيش في حربه مع داعش  لاعادة وتطهير تلك المناطق منهم وبقيت هذه القوة منعزلة تماما عن الجيش وبقيادة مستقلة كما تظهر من وقائع الحال إنها  قوات خاصة لحماية الحكومة كما في الانظمة والحكومات السابقة ولم تكن في الدولة العراقية الى يومنا هذا  حكومة واحدة ذات قاعدة شعبية وبجيش وطني واحد لان جميعها كانت تحتمي بقوات مسلحة خاصة بها بإمتاز تام بفارق كبيرعن الجيش الوطني خشية من السقوط  دون اخذ الخلف العبرة من  مصيرالسلف .

تلك نبذة مختصرة عن مجريات الحكم في هذه الدولة خلال قرن من الزمن إن لم تخني الذاكرة ولا يعتقد بأن يتغير الوضع السياسي للحكم في البلاد بعد كل تلك المدة
والأنتخابات التي حدثت فيها للاصلاح حسب ادعاء القائمين عليها لكنها لم تحقق إلاّ من سيء إلى اسوأ ولا بعد العسر يسرى ، لان الثقافة البداوية لِأي شخصية تستلم زمام السلطة مازالت مؤثرة بالثراء والجاه من خلال السلطة على حساب الاخرين ووصلت إلى النخاع في ادخال الدولة السجل الاسود للفساد الدولى وعدم الامان والاستقرار للمواطنين.

إن القاعدة الاساسية للتخليد والجاه للقادة هي خدمة الشعب بالعدل والمساوات في توزيع الثروات الهائلة لارض العراق وهي تكفي للقضاء على الفقر والبطالة بايجاد العمل للمواطنين ليكونوا رافدا للاقتصاد وليس عالة عليه بمخصصات معيشية لا تغني ولا تسمن  ، وليس الثراء والجاه عن طريق إستغلال السلطة كما ادخل قارون وامثاله مزابل التاريخ.

قد يعجبك ايضا