التآخي – وكالات
فرضت الولايات المتحدة يوم الجمعة الثاني من شباط 2024 عقوبات تستهدف برنامجي الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة في إيران وكذلك مسؤولين قالت إنهم تورطوا في اختراق بنية تحتية أمريكية، في ظل سعي واشنطن لزيادة الضغط على طهران.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إنها فرضت عقوبات على أربع شركات يقع مقرها في إيران وهونغ كونغ بسبب توفيرها مواد وأدوات تكنولوجية لبرنامجي الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة في إيران. وأضافت الوزارة أنها فرضت أيضًا عقوبات على شركة يقع مقرها في هونغ كونغ بسبب بيعها سلعًا أولية إيرانية لكيانات صينية.
وذكرت الوزارة أيضًا أنها فرضت عقوبات على ستة مسؤولين في القيادة الإلكترونية التابعة للحرس الثوري الإيراني بسبب أنشطة ضارة استهدفت بنى تحتية حيوية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى. وقال مساعد وزيرة الخزانة لشؤون الاستخبارات الاقتصادية والإرهاب براين نيلسون في بيان إن “الاستهداف المتعمد للبنى التحتية الحيوية من قبل الجهات السيبرانية الإيرانية هو عمل غير مقبول وخطير. ولن تتسامح الولايات المتحدة مع مثل هذه الأعمال وستستخدم جميع الأدوات المتاحة لمحاسبة المسؤولين عنها”.
وتمثل العقوبات التي أُعلن عنها في بيانات منفصلة أحدث خطوات واشنطن لمعاقبة طهران بعدما هاجم وكلاء لها في العراق ولبنان وسوريا واليمن وقطاع غزة أهدافا أمريكية وإسرائيلية.
وحملت الولايات المتحدة “متطرفين” مدعومين من إيران مسؤولية هجوم استهدف قاعدة أمريكية في الأردن أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 40. وتعهدت إدارة بايدن بالرد على الهجوم. وكان ذلك أول هجوم يسقط فيه قتلى من الجنود الأمريكيين منذ شن إسرائيل الحرب ضد حماس في غزة في السابع من تشرين الأول 2023.
وقالت وزارة الخزانة إنها فرضت عقوبات على الكيانات الأربعة التي يتواجد مقرها في إيران وهونغ كونغ لقيامها بعمليات شراء لصالح شركة (بیشتازان کافوش كوستار بُشرى) الإيرانية والعضو المنتدب بالشركة حامد دهقان المشاركين في دعم الكيانات العسكرية الإيرانية، بما في ذلك الحرس الثوري.
أما الشركات الثلاث في هونغ كونغ التي اتهمتها وزارة الخزانة بأنها جزء من شبكة المشتريات لبرنامجي الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة في إيران فهي “إف.واي إنترناشيونال تريدنغ” و”دولنغ تكنولوجي إتش.كيه ليمتد” و”أدفانتدج تريدنغ ليمتد”.
وتعرضت شركة النفط والبترول الصينية، ومقرها هونغ كونغ، لعقوبات الجمعة، إذ اتهمتها وزارة الخزانة بأنها شركة واجهة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وقالت وزارة الخزانة إن الشركة رتبت عقودًا وباعت سلعًا إيرانية بمئات الملايين من الدولارات وشاركت في التجارة مع كيانات مقرها الصين لصالح فيلق القدس.
والتزمت ايران و الصين الصمت ازاء العقوبات ولم تعلق عليها.
وتحظر السلطات بموجب هذه العقوبات الوصول إلى جميع ممتلكات الكيانات والأفراد المشمولين بالعقوبات الموجودة في الولايات المتحدة أو الخاضعة للسيطرة الأمريكية، ويُمنع الأمريكيون والشركات الأمريكية بوجه عام من إجراء أي تعاملات مع أشخاص صدرت بحقهم عقوبات.
وفي بيان منفصل، قالت وزارة الخزانة إنها فرضت عقوبات على ستة مسؤولين في لجنة الانتخابات المركزية في الحرس الثوري الإيراني، وهم حميد رضا لشكريان ومهدي لشكريان وحميد همايونفال وميلاد منصوري ومحمد باقر شيرينكار ورضا محمد أمين صابريان.
وقضية العقوبات على ايران قديمة اذ سبق أن فرضت عدة دول عددًا من العقوبات على إيران، لا سيما الولايات المتحدة والكيانات الدولية. وفرضت الولايات المتحدة أول عقوبة على إيران في تشرين الثاني 1979 بعد أن استولت مجموعة من الطلاب على السفارة الأمريكية في طهران واتخذوا من فيها رهائن. شملت العقوبات المفروضة بموجب الأمر التنفيذي رقم 12170 تجميد ما يقرب من 12 مليار دولار من الأصول الإيرانية، منها ودائع بنكية وذهب وعدة ممتلكات أخرى، وفرض حظر اقتصادي. ورُفعت تلك العقوبات في كانون الثاني 1981 بعد التوقيع على اتفاقية الجزائر التي ساومت فيها الولايات المتحدة على تحرير الرهائن.
وفرضت الولايات المتحدة العقوبات الثانية على إيران في عهد الرئيس رونالد ريغان عام 1987 بسبب أفعال إيران في المدة 1981–1987 ضد الولايات المتحدة والدول المطلة على الخليج العربي، ودعمها “للإرهاب”. واشتدت تلك العقوبات في عام 1995 لتشمل المؤسسات التي تتعامل مع الحكومة الإيرانية.
وفُرضت العقوبات الثالثة في كانون الاول 2006 بناءً على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1737 بعد أن رفضت إيران أن تمتثل لقرار المجلس رقم 1696 الذي طالبها بوقف برنامج تخصيب اليورانيوم. واستهدفت عقوبات الولايات المتحدة في بداية الأمر استثمارات النفط والغاز والبتروكيمياويات، وصادرات منتجات النفط المكرر، وصفقات العمل مع الحرس الثوري الإيراني.
وشملت تلك العقوبات قيودًا على المعاملات البنكية والتأمينات (بما يشمل البنك المركزي الإيراني)، والشحن، وخدمات استضافة مواقع الويب للأغراض التجارية، وخدمات تسجيل اسم النطاق. ومددت قرارات المجلس اللاحقة تلك العقوبات.
وتكبد الاقتصاد الإيراني خسائر فادحة على مدار السنين بسبب تلك العقوبات. وقادت الولايات المتحدة الجهود الدولية لاستعمال العقوبات في التأثير على سياسات إيران منذ عام 1979، بما في ذلك برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم الذي تخشى الحكومات الغربية من أن يكون هدفه تطوير قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية. وزعمت إيران أن برنامجها مُخصص للأغراض المدنية السلمية فقط مثل إنتاج الكهرباء والأغراض الطبية.
واحتج أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بتباطؤ المفاوضات النووية بين إيران والحكومات الغربية وفشلها في إحراز أي تقدم لفرض عقوبات اقتصادية جديدة على إيران. وفي 2 نيسان 2015، توصلت مجموعة 5+1 إلى اتفاق مبدئي مع إيران على إطار عمل يهدف في نهاية المطاف إلى رفع جميع العقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود على برامج إيران النووية الممتدة لعشرة أعوام في الأقل. واُعتمدت الاتفاقية النهائية المعروفة بخطة العمل الشاملة المشتركة في 18 تشرين الاول 2015. ونتيجة لذلك رُفعت عقوبات الأمم المتحدة عن إيران في 16كانون الثاني 2016.
وفي 8 مايس 2018، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن الولايات المتحدة سوف تنسحب من الاتفاق النووي مع إيران. وفي أعقاب ذلك، نفذ الاتحاد الأوروبي تشريعًا مُحدثًا في 7 آب 2018 لإبطال تأثير العقوبات الأمريكية على الدول التي تتعامل مع إيران. وفي ايلول 2019 أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها فرض عقوبات على أي دولة تتعامل مع إيران أو تشتري منها نفطًا. وفي الشهر ذاته أيضًا، قال ترامب أنه أمر وزارة الخزانة بتشديد العقوبات على إيران، وذلك ردًا على هجوم إيراني مشتبه فيه على مرافق النفط السعودية الرئيسة. واستهدفت تلك العقوبات الجديدة البنوك المحلية الإيرانية. وقال أحد كبار موظفي إدارة ترامب أن العقوبات الجديدة تستهدف الأصول المالية لدوائر المرشد الأعلى للدولة الإيرانية.
في 21 شباط 2020، وُضعت إيران على القائمة السوداء الخاصة بمجموعة العمل المالي. وفي 14 آب 2020 رفض مجلس الأمن قرار الولايات المتحدة المُقترح لتمديد حظر بيع الأسلحة لإيران. إذ أنه وفقًا للبنود التي وافقت عليها الأمم المتحدة في الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، تنتهي مدة حظر بيع الأسلحة لإيران في 18 تشرين الاول 2020، وبعد انتهاء تلك المدة يُسمح لإيران بشراء الأسلحة الأجنبية وفقًا لمتطلباتها الدفاعية.
وحاولت إيران تشجيع السياحة لديها بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات على الأشخاص الذين زاروا إيران انطلاقًا من عام 2011 بالتوقف عن إلحاق تأشيرة دخول الأجانب مع جوازات السفر ووضع الأختام على جوازات السفر. وفي تشرين الثاني 2018 امتنعت إيران من جديد عن وضع الأختام على جوازات سفر السياح الأجانب، وتوقفت عن وضع ملصقات تأشيرة الدخول في جوازات السفر.
في آب 2020، حاولت إدارة ترامب تمديد حظر بيع الأسلحة لإيران ولكن بلا جدوى. ولذا حاولت الولايات المتحدة فرض العقوبات الجزائية المنصوص عليها في الاتفاق النووي بمفردها برغم انسحابها من هذا الاتفاق في عام 2018. وأثارت تلك المناورة الشكوك والقلق من حلفاء الولايات المتحدة، وحذر الخبراء من أنها قد تؤدي إلى فسخ الاتفاقية. وقال مندوب وزارة الدفاع في الشرق الأوسط السابق ميك مولروي أن انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة أدى إلى «إقصاء العديد من حلفائنا وشركائنا، أولئك الذين نحتاجهم لمكافحة أنشطة إيران الخبيثة ومنعها من الحصول على أسلحة نووية إلى الأبد».
في 25 آب 2020، تصدت الأمم المتحدة لجهود الولايات المتحدة لفرض العقوبات الجزائية على إيران، إذ صرح مجلس الأمن أنه لا يمكنهم المضي في تنفيذ تلك المناورة. وصرح رئيس مجلس الأمن وسفير إندونيسيا في الأمم المتحدة ديان تيرانسيا دجاني قائلًا أن وضعه لا يسمح له باتخاذ أي إجراءات أخرى بشأن طلب الولايات المتحدة، مستشهدًا بعدم إجماع مجلس الأمن على إستراتيجية الولايات المتحدة.
وفي 20 ايلول، أكدت الولايات المتحدة أن عقوبات الأمم المتحدة على إيران عادت إلى ما كانت عليه، وهو ما نفته إيران ومعظم أعضاء المجتمع الدولي. وفي اليوم التالي فرض الرئيس ترامب عقوبات جديدة واسعة على إيران “لكبح تهديدات طهران باستخدام القذائف والأسلحة التقليدية والنووية”. وفي 8 تشرين الاول 2020 فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على قطاع إيران المالي تستهدف 18 بنكًا إيرانيًا.