ما ردود الفعل بشأن قرار السعودية افتتاح أول متجر للمشروبات الكحولية في البلاد؟

 

التآخي ـ وكالات

أثار خبر السماح ببيع المشروبات الكحولية في السعودية، وإن كان “للدبلوماسيين غير المسلمين” فقط، ردود فعل متباينة في الأوساط السعودية والخليجية على حد سواء.

الخبر الذي نشرته وكالتا رويترز والصحافة الفرنسية للأنباء لم تعلّق عليه أي من الجهات الرسمية الحكومية السعودية حتى الآن، لا تأكيدا ولا نفيا.

الخبر وكما نشرته الوكالتان يؤكد أن السعودية ستفتح أول متجر لبيع المشروبات الكحولية في العاصمة الرياض، وتحديدا في شارع السفارات في الحي الدبلوماسي الذي يضم سفارات دول عدة، ويمتد على مساحة ثمانية كيلومترات، وهو حي على مقربة من منشآت ومبان حكومية عدة كالديوان الملكي، ومجلس الوزراء، ومجلس الشورى.

وتعد هذه الخطوة تحوّلا كبيرا في السياسة الداخلية للمملكة التي منعت بيع المشروبات الكحولية منذ عهد الملك الراحل عبد العزيز آل سعود في خمسينات القرن الماضي، حتى وإن كان بيعها يقتصر- بحسب ما نُقل عن مصادر مطلعة – على “الدبلوماسيين غير المسلمين”.

بين مؤيّد ومعارض، انقسمت الآراء على وسائل التواصل الاجتماعي لاسيما على منصة إكس (تويتر سابقا) إذ انتشرت أوسمة مثل: #شولوم_بياع_الخمر و #السعودية_تايلند.

معظم الاعتراضات جاءت من قبل وجوه سعودية معارضة تقيم في الخارج، كالمعارِضة السعودية علياء الحويطي، ورجل الدين السعودي سعيد بن ناصر الغامدي.

 

 

علياء الحويطي وفي مقاطع مصوّرة مختلفة لها على منصة إكس، قالت “تتكلمون على أنكم عاصمة المقدّسات والآن تسمحون ببيع الخمور بشكل علني علما أنها كانت موجودة سابقا”.

وأوضحت المعارضة السعودية التي تقيم في لندن أنها ليست ضد التطوّر والحضارة، لافتة إلى أن من يريد أن يقلّد الغرب في الحضارة عليه أن يؤيده في إقامة الانتخابات وبناء الدولة المدنية والسماح بحرية الرأي وببناء معاهد ثقافية ورياضية وبتحسين الطب، والتعليم، أي في أمور تجعل من السعودية دولة حضارية تنافسية، وليس في توجيه المجتمع السعودي نحو الانحراف والانحلال والخمور، على حدّ قولها.

بدوره نشر رجل الدين السعودي سعيد بن ناصر الغامدي على حسابه على منصة إكس منشورا قال فيه إن الخمر كان يصل إلى السفارات عبر الحقائب الدبلوماسية والآن سينفتح سوق أكبر لما سماهم “السكارى” من دون أن تتم محاسبتهم من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن القيّمين على هذه الهيئة -بحسب الغامدي- إما تم سجنهم أو فصلهم، بحسب تعبيره.

 

في المقابل، دافع الصحفي السعودي حسين الغاوي عن القرار الجديد ببيع المشروبات الكحولية في الحي الدبلوماسي مستغربا الضجة التي أُثيرت بشأن الموضوع وعادا الحملات التي تساق ضد السعوديين في هذا الإطار حملات تافهة، على حد وصفه.

وقال الغاوي في مقطع مصوّر على حسابه في منصة إكس إن “المتجر سيكون في حي دبلوماسي لن يدخله سوى دبلوماسيين”، لافتا إلى أن البيع في داخل هذا المتجر سيكون وفق قوانين وضوابط محدّدة كبيع الخمور لدبلوماسيين غير مسلمين فقط لا غير.

وأضاف “هؤلاء الدبلوماسيون يشربون الخمر منذ زمن، وهذا الأمر ليس بجديد، إذ كانوا يحصلون على المشروبات الكحولية عبر طائراتهم والحقائب الدبلوماسية”.

وأوضح الصحفي السعودي أنه نتج عن ذلك نشوء “سوق حرة” (بمعنى سوق سوداء) يتم من خلالها بيع زجاجات الخمر التي يأتي بها الدبلوماسيون من بلادهم، وهي طريقة وصفها الغاوي بأنها غير نظامية. وأضاف في المقطع المصوّر أن المكانين المقدسين في السعودية هما مكة والمدينة، وبأن مدنا كالرياض وجدة فيها سفارات ومقيمون أجانب وبعثات أجنبية، لافتا إلى أن التدابير الجديدة ستحدّ من السوق السوداء في السعودية، بحسب قوله.

يقول فريق بي بي سي عربي، انه حاول التواصل مع جهات دبلوماسية عدة في داخل السعودية للوقوف على رأيها بشأن القرار الجديد لكن هذه الجهات رفضت الحديث عن الموضوع، على حد قوله.

وسيتمكن غير المسلمين من شراء المشروبات الكحولية عبر المتجر الذي من المقرر أن يفتح أبوابه في الأسابيع المقبلة، وذلك من خلال فتح حساب على تطبيق خاص على الهاتف المحمول يعطي الدبلوماسي رمز دخول من قبل وزارة الخارجية السعودية.

غير أن شراء المشروبات الكحولية لن يكون بلا حدود، إذ يتعيّن على الدبلوماسيين الراغبين في الشراء احترام حصصهم الشهرية، في خطوة يراد منها وضع حد للسوق السوداء التي كانت رائجة، إذ سيتزامن ذلك مع فرض قيود جديدة وأكثر صرامة على إدخال المشروبات الكحولية عبر الحقائب الدبلوماسية، ما سيزيد طلبات الشراء في داخل المتجر المزمع فتحه، بحسب ما هو متوقّع.

ووفق المعلومات المتداولة يُسمح لكل شخص لا يقل عمره عن واحد وعشرين عاما بـ 240 نقطة شهريا، على أن تُخصم ست نقاط لكل ليتر من المشروبات الكحولية.

وكان سعر زجاجة المشروب الكحولي في السوق السوداء في السعودية يصل إلى مئات الدولارات الأمريكية، مع أن سعرها في السوق الاعتيادي لا يتعدى عشرات الدولارات؛  لذلك، كان يلجأ البعض إلى تصنيع تلك المشروبات، وفي مقدمتها النبيذ في منزله، فيما يفضّل آخرون الذهاب إلى البحرين للحصول عليها وتناولها هناك وبأسعار أقل بكثير من سعر السوق السوداء في السعودية.

وشهدت السعودية مؤخرا افتتاح “بار” لبيع المشروبات غير الكحولية في رمضان الفائت، غير أن التدابير الجديدة التي ستسمح ببيع الكحوليات في متجر مخصّص للدبلوماسيين لا يعني بأي شكل من الأشكال أن سياسة المملكة تغيّرت تجاه هذا الموضوع، أقله في الوقت الراهن، إذ ما زالت القوانين السعودية تعاقب على حيازة أو استهلاك المشروبات الكحولية بالسجن أو بالجلد أو بالطرد من البلاد.

يعد هذا التطوّر الجديد جزءا من الجهود التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لجعل المملكة العربية السعودية مركزا للأعمال والسياحة والترفيه، ومع ذلك، فإن سرعة التغيير التي تشهدها البلاد ملفتة جدا مع جميع التغييرات الاجتماعية التي طرأت وتسارعت في الأعوام الأخيرة.

 

 

 

وسبق لإمارة دبي ضمن دولة الامارات العربية المتحدة، ان ألغت ضريبة قيمتها 30 في المئة كانت تفرضها على المشروبات الكحولية، في خطوة تبدو داعمة لقطاع السياحة.

وتوقفت السلطات في دبي أيضا عن فرض رسوم على الرخصة الشخصية لشُرب الكحول، التي يحتاج كل من يرغب في تناوُل مشروب روحي إلى حيازتها.

وارخت دبي قبضة قوانينها في هذا الصدد؛ ومن ذلك السماح ببيع الكحول في نهار رمضان، والسماح بتوصيل المشروبات الكحولية إلى المنازل في أثناء تفشي وباء كورونا.

ويرى كثيرون في خطوة إلغاء ضريبة الكحول، محاولة لجعل دبي بحيث تظهر أكثر جذبا للأجانب، في ظل منافسة محتدمة في هذا المضمار من دول مجاورة.

ووفقا لقانون العقوبات الإماراتي، فإن شرب الكحول مسموح به في الإمارات، إذا كان ذلك في الأحوال والأماكن المصرح بها وفقا للتشريعات والأنظمة النافذة، اذ نصت الفقرة الأولى من المادة 363 من ذلك القانون على أنه لا عقوبة على الشرب، الحيازة، أو الاتجار بالمشروبات الكحولية في الأحوال والأماكن المصرح بها قانونًا.

قد يعجبك ايضا