شيركو حبيب
قدم الشعب الكوردي العديد من رجالاته ثمنا للحرية و الديمقراطية، والنضال لأجل حياة كريمة تسودها المحبة والسلام والتآخي بين المكونات المختلفة، وقدم الآلاف من الشهداء لبناء دولة مدنية ديمقراطية يحكمها الدستور و القانون.
تحمل الكورد الكثير من الظلم، ورغم مشقة ومصاعب الحياة ظهر القادة من رحم هذه الأمة، ضحوا بحياتهم من أجل شعبهم، منهم القائد الخالد الذكر إدريس بارزاني، وهو نجل الزعيم الأب الروحي للشعب الكوردي مصطفى بارزاني.
ولد إدريس بارزاني في بارزان مهد النضال و التسامح و العدالة، لعائلة يشهد لها التاريخ بالنضال و العنفوان و التضحية، وعانى كما أفراد عائلته و شعبه من بطش الأنظمة الدكتاتورية التي حكمت العراق بالحديد و النار. في ريعان شبابه التحق بالثورة الكردية عام 1961 حينما اندلعت ثورة أيلول المجيدة، بقيادة الزعيم الوطني الخالد مصطفى بارزاني، وكان للشهيد إدريس دور بارز في الانتصارات التي حققتها بيشمركة كردستان في جبهات القتال، وكان له دور مشهود في المفاوضات مع الحكومة العراقية عام 1970 والتوصل إلى اتفاقية تاريخية بين قيادة الحركة الكوردية والحكومة العراقية والتي سميت باتفاقية 11 اذار مارس 1970 وبموجبها اعترفت الحكومة العراقية بالحقوق القومية والثقافية للشعب الكوردي في العراق.
عرف الشهيد إدريس بمهندس السلام، وكان له الفضل في التوصل إلى اتفاقية بين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الكوردستاني عام 1986.
عنه يقول الرئيس بارزاني “كان السيد إدريس رجلا عظيماً جداً، عظمته نابعة من فهمه ونضجه”. ووصفه كذلك، بأنه كان شخصاً متسامحاً ولا يفكر في الانتقام، غالباً ما كان يعتبر الناس العاديين والفقراء من أفراد عائلته”.
وأضاف “لقد تمكّن الراحل إدريس بارزاني من نيل محبة الناس واحترامهم، وعلى الرغم من كل المخاطر، يحمي الجرحى والبيشمركة من منزله ويرسلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج أثناء واجبه”.
لم يكن وفاة القائد الخالد إدريس خسارة للحزب الديمقراطي الكوردستاني فحسب، بل خسارة للحركة التحررية الكوردية برمتها، حيث كان الشعب الكوردي بأشد الحاجة إليه ليواصل المسيرة مع الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، كما كان للفقيد دور بارز في اندلاع ثورة كولان المجيدة.
اليوم؛ نرى ثمرة نضال وكفاح الشهيد إدريس والذي بدأه منذ نعومة أظفاره مع عائلته ومشاركته في ثورة أيلول جنبا إلى جنب مع والده وشقيقه الزعيم مسعود بارزاني البيشمركة الأبطال، كوردستان ديمقراطيا تعدديا يسوده التآخي والعيش المشترك بين كافة مكوناته.
نستذكر اليوم بكل إحلال وإكبار الشهيد إدريس بارزاني، قائدا مناضلاً وضع حياته فوق أكفه وقاتل بالبندقية تارة والمواقف السياسية تارة أخرى، ولا يسعنا إلا أن نستلهم الدروس والعبر من أفكاره ونضاله في توحيد البيت الكوردي، وحل الخلافات بين بغداد وأربيل دستوريا، وأن نعمل جميعا لبناء دولة مدنية ديمقراطية يكون الجميع فيها سواسية أمام القانون.
ونحن سائرون على درب ونهج البارزاني الخالد، بقيادة الزعيم مسعود بارزاني لتحقيق ما ناضل من أجله الشهيد إدريس الذي رحل عنا في 31 من يناير عام 1987 بجسده، ولكن روحه لازالت خالدة نستلهم من سيرته التضحية والفداء.