الزعيم مسعود بارزاني.. مرجعية سياسية عراقية

 

 

معد فياض

 

تحتاج الشعوب والأمم التي تعيش ظروفاً سياسية صعبة تؤدي إلى عدم استقرار أوضاعها وأوضاع البلد وتتسبب بتشتتها، إلى مرجعية سياسية وطنية رصينة تتمتع بتاريخ من التجارب النضالية الميدانية، وأفكار حريصة على حياة الشعب وبناء البلد وأخذه بعيداً عن حافة الهاوية، وهذا ما يحتاج إليه العراق والعراقيون منذ 2003 وحتى اليوم.

 

العراقيون ليسوا بحاجة إلى مرجعية دينية، خاصة إذا أغلقت هذه المرجعية أبوابها ونأت بنفسها عن الأمور السياسية التي تعتقد بأنها تسيء إليها، إضافة إلى أن العراقيين ينتمون إلى أديان وطوائف ومذاهب مختلفة ولا يمكن جمعهم تحت مظلة أو مرجعية دينية أو مذهبية واحدة.

 

في كل الأزمات التي مر بها العراق منذ تغيير النظام، وحتى اليوم، تتجه الأنظار إلى أربيل للقاء الزعيم مسعود بارزاني باعتباره الرجل الحكيم الذي يمتلك مفاتيح الأبواب المغلقة لحل الأزمات الخانقة والصعبة للغاية بفضل حكمته ومبدأيته وحفاظه على عهوده، وكان، وما يزال، يتعامل مع الأمور بروح وطنية حريصة على العراق والعراقيين وباعتباره مرجعاً سياسياً وطنياً قادراً على حل الأزمات من خلال جمع الفرقاء السياسيين حول طاولة الحوار البنّاء لإنقاذ جميع العراقيين بعربهم وكوردهم وتركمانهم وبمختلف فسيفساء أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم.

 

العراقيون بحاجة إلى رمز يمارس أبوته مع الجميع دون اعتبارات القومية والدين والمذهب والطائفة. وقد غاب هذا الرمز والأب منذ نهاية العهد الملكي على يد العسكرتاريا، وبداية عهود الانقلابات المتهورة والإعدامات والاغتيالات والحروب الداخلية التي قادها الرؤساء وقادة الجيوش ضد الشعب الكوردي لقمع ثورته المطالبة بحقوقه المشروعة وحرموا العراق من ظهور رمز وطني يؤمن بالمبادئ النبيلة ويتحلى بأخلاق الفرسان، أب عادل ورحيم ونزيه مؤمن بالعراق ويضم تحت خيمته جميع العراقيين، وهذا ما يتحلى به الزعيم مسعود بارزاني سليل المجد ونجل قائد الثورة الكوردية الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني، الرمز الكوردي العراقي الذي أراد ممارسة أبوته للعراقيين لكن الحكومات الظالمة منذ عشرات السنين والتي توارثت الأحقاد ومارست القتل والاضطهاد ضد الكورد حالت دون أن يلعب بارزاني الأب هذا الدور الإنساني.

 

في أحلك الظروف التي عاشها الكورد وأقسى المراحل التي مر بها إقليم كوردستان، كان الزعيم مسعود بارزاني حانياً على الجميع، وبالرغم من الحصار الاقتصادي الذي عاشه الكورد نتيجة حملات الكراهية التي أنتهجتها ما تسمى بالحكومات المركزية، ولعقود طويلة، فإن المواطن الكوردي كان وما يزال يقتسم خبزته مع أخيه العراقي بغض النظر عن قوميته ودينه ومذهبه، متتبعاً نهج العقيدة البارزانية التي تحولت إلى منهج أخلاقي قويم لا علاقة له بالسياسة وألاعيبها.

 

بعد تغيير النظام على أيدي قوات الاحتلال الأميركي في نيسان 2003، انتظر العراقيون مجيء رمز عراقي يعوضهم عن عقود الظلم والاضطهاد والقتل والمقابر الجماعية والحرمان، لكن الذي حدث هو هجوم زعماء أحزاب الطائفية والفساد على السلطة ومقدرات الشعب وإحلال الفوضى وتعميق الهوة بين بغداد وأربيل، تلك الهوة التي حفرها النظام السابق، وبقية الأنظمة التي حكمت العراق منذ العهد الملكي حتى 2003، وحرمت العراق من تصدي قادة الكورد الشرفاء، خاصة البارزانيين، للمشاركة في حكم البلد وإحلال العدل والسلام والاستقرار.

 

كنا دائماً نقول إن الكورد هم حجر القبان في العملية السياسية في العراق، وهم من يوازن الأمور ويعملون على حل الأزمات المستعصية، وفي رصد سريع لمجريات الأمور في العراق سنجد أن أبواب أربيل كانت دائماً مشرعة أمام ساسة العراق باختلاف توجهاتهم وقومياتهم وأديانهم، حتى الذين اختلقوا أقسى الأزمات مع الكورد، للوصول إلى مصيف صلاح الدين حيث مكتب الرئيس مسعود بارزاني في (القمة العالية) للتباحث وحل المشاكل بحكمة وهدوء وروح متسامحة، بعيداً عن اختلاق أية أزمة، بينما يجتهد بعض المتسيسين في بغداد لخلق المشاكل مع الكورد، ولا يواجهون “الإحسان بالإحسان”، لكن سعة صبر وحكمة بارزاني وإيمانه العميق بشعبه ووطنه تبقيه في قمته العالية ليكون بالفعل الرمز الوطني والأب لكل العراقيين، الأب الذي طالما كان وما يزال موجوداً ليفيض بحكمته وأفكاره النيرة ليضيء عتمة أية أزمة ويخرج البلد والشعب العراقي عموماً من أنفاق الأزمات التي تُصنع ببغداد.

 

اليوم وعندما وصلت العملية السياسية إلى نفق مغلق، لا نقطة ضوء في نهايته، أو كما أطلق عليه السياسيون مصطلح “الانسداد السياسي”، اتجهت عيون كل العراقيين نحو أربيل التي حج إليها كل قادة الأحزاب والكتل السياسية من شيعية وسنية متطلعين إلى الحلول الناجعة التي تجترحها حكمة وخبرات الرئيس مسعود بارزاني لشق هذا النفق وتهديم جدران “الانسداد السياسي” بمبادرة رشيدة من أجل الحفاظ على سير العملية السياسية وحماية العراق والعراقيين من عواصف كادت أن تمزق سفينة العراق وسط بحر متلاطم من الأزمات التي لا حلول لها إلا بوجود مرجع سياسي وربان حكيم لسفينة العراق ينجو بالعراقيين، ويقودهم إلى بر الأمان، فكان هذا القائد وربان السفينة الرئيس مسعود بارزاني.

 

لقد جاءت مبادرة الرئيس مسعود بارزاني، وبالتضحية بالاستحقاق الانتخابي لحزبه، الديمقراطي الكوردستاني في منصب رئاسة الجمهورية، بمثابة قارب النجاة للعملية السياسية من الغرق في وحل الصراعات على المناصب والامتيازات، فاختار ودعم ترشيح الرئيس لطيف رشيد، القيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني، لوضع العراق على سكة التصحيح ومسارها نحو تشكيل الحكومة بعد أن عجز جميع القادة السياسيين من بلوغ نقطة الانطلاق بعد عام من الانتخابات.

 

لقد برهن الزعيم مسعود بارزاني بأنه مرجع سياسي لكل العراقيين، وأنه قادر على وضع النقاط على الحروف، وأن إرادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني واختياراته هي التي تنتصر دائماً لخير البلد وأهله، فكان اختيار رئيس الجمهورية بإرادة ودعم الزعيم مسعود بارزاني، وبذلك يكون قد خلق فرصة تاريخية أمام جميع السياسيين العراقيين للوصول إلى تفاهمات وحوارات سليمة وسلمية لإنقاذ البلد، وعلى السياسيين أن يغتنموا هذه الفرصة ويعتمدوا على الخبرات السياسية المتميزة التي يتمتع بها الرجل السياسي الأوحد المحنك والذي خاض غمار النضال والعمل السياسي منذ فتوته وحتى اليوم، الرجل الذي يمتلك مفاتيح كل المغاليق من الأبواب، المرجع السياسي والرمز الوطني والأب الحريص على كل العراقيين، الرئيس مسعود بارزاني.

 

قد يعجبك ايضا