* فاضل ميراني
لا ينكر احد توافر عدة إرادات في العراق، و لا ينكر احد ايضا وجود تنازع بين عدد من الارادات، وكل إرادة تبرر في دعايتها ما تصرح به او تفعله حتى وإن خالفت الدستور و القوانين، و قسم منها داخل بشكل رسمي في كل المؤسسات، ومع ذلك فهي تفعل من التجاوزات ما وصل منها الى حد الجريمة جرى السكوت عنها لان الإرادات اقوى من السلطة و ذلك امر لا يخفى و سببه ايضا، فقد تشوهت بنية الدولة بحجج يصعب قبولها لكن يمكن فهمها، فمزاج حركات بعينها ليس مع القانون.
ثمة موضوع قانوني يمكن اسقاطه على تنازع الارادات و هو تنازع القوانين، اي ان قانون دولتين او اكثر بشأن حكم علاقة قانونية، بمعنى ابسط استبعاد الاختصاص الوطني للقضاء و السماح لقانون اجنبي بحكم العلاقة على اقليم الدولة التي استبعدت قانونها، وذلك استنادا لقواعد الاسناد و التكييف.
كلنا نعرف و نفهم و اكثرنا لا يقبل ان يجري تعطيل الإرادة الوطنية لصالح إرادة اجنبية في علاقة تضر عناصر الدولة من اقليم و شعب و نظام.
تنازع الارادات ليس مثل تنازع القوانين، و انما يمكن ان يدل الاخير على الاول، وفهم تنازع القوانين يظهر قوة و جدية تطبيق القانون و يظهر ايضا تفهم القانون و المطبقين له لحالة السماح بتطبيق قانون اجنبي على الحالة القانونية على ارض الدولة، لكن تنازع الارادات واعني حالة بلادنا فتعكس مدى و ضخامة و توجه الإرادة و من ينفذها و من هو الطرف الاجنبي المستفيد من كسر إرادات وطنية تعمل على خلق حالة مستقرة ايجابيا في العراق.
عندما كنا معارضين للانظمة السابقة، لم نتخل عن عراقيتنا و لا كورديتنا و لا فكرنا الديمقراطي، و كنا نمثل ارادتنا التي يحترمها فينا حتى العدو الذي اجرم قتلنا بكل الصور، وهو يعلم ان تخوينه لنا لم يكن ينطلي على اغلب العراقيين وان حاول لسنوات ان يصدر داءه و يلصقه بنا، فنحن نمثل حراكا لشعب عريق يستكثرون عليه حقه.
نحن تنازعنا في ارادتنا مع ارادة حكمت البلاد فكانت المحصلة توسعة المقابر و الجهل و الديون و انهيار سمعة البلاد و محاصرتها و قصفها، لكننا لم نسر خارج القوانين حتى ايام كنا مطاردين من قوانين جائرة، ونحن يوم حكمنا اخترنا العراق و لم نزد جراحه لان العراقيين اهلنا و لا رابط بين قسوة النظام و عموم الشعب.
ما جرى و يجري خاصة في الايام الاخيرة من احداث يعكس المرحلة الخطرة التي وصلتها ظاهرة التنازع بين الإرادات في العراق، ومنها ما صار مخجلا مثل تصوير ابسط حقوقنا و حصرها في الرواتب و الموازنة، وتلك ارادة من عقلية المركزية التي حولت الامر الى ورقة ضغط مرة و تخدير مرة و مكرمة مرة و الهاء مرات، ومنها ماهو تنازع تخريب للنسيج الاجتماعي بزيادة السكوت عن الخارجين على القانون ممن يستهدفون كوردستان بالتشويه، ومنها تنازع يهدم الاقتصاد و يطرد الخبرات العلميةو يهدد بيئة الاقتصاد، ومنه تنازع وصل لمرات عدة لنسف بواقي السيادة عبر اغتيال او قصف المدن و المنشأت.
لن اذهب بعيدا لتصور ادركه و مثلي كثيرون للفرصة السانحة لصناع القرار الذين يهملون خشية او لعدم اهتمام وجود جيل يمكن ان يسهل لهم فرصة علاج الوضع قدر الامكان بدل ان يورثوا للجيل القادم ما لا يمكن علاجه، يوم تصل الامور حينها لتحول منفذي ارادات الضرر لرؤساء شركات تعمل في مكان يحترم سيادته و لا يسمح بفرض ارادة تخريبية على ارادته، وانا اخاطب الجيل الجديد ليكتشف مبكرا حقيقة الامور و ليعمل بذكاء حتى لا يتورط بخدمة من لا يهمه حاضر الفرد العراقي دما و عيشا.
*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني