على ماذا يعول الحوثيون في تحديهم للتحالف الغربي؟

 

التآخي ـ وكالات

استهدفت قوات الحوثي في الشهور الماضية عدة سفن في البحر الأحمر بأسلحة متنوعة. الترسانة الحوثية المتنوعة أثارت قلقاً دولياً كما أثارت تساؤلات عن مصدرها. فما هي أهم أسلحة الحوثيين؟ ومن أين حصلوا عليها؟

ووجهت قوات أمريكية وبريطانية ضربة عسكرية إلى قواعد تابعة لجماعة أنصار الله الحوثية اليمنية، وذلك بعدما استهدفها عدة سفن في البحر الأحمر ادعت أنها كانت في طريقها لإسرائيل او تتبع شركات إسرائيلية.

وفيما توعدت الجماعة اليمنية؛ وقالت إن الضربة لن تمر “من دون رد ودون عقاب”، ذكر المتحدث العسكري باسم الحركة أن القصف أسفر عن مقتل خمسة مقاتلين وإصابة ستة آخرين، متوعداً بمواصلة منع مرور السفن التابعة لإسرائيل في البحر الأحمر وبحر العرب.

وحذّر زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، من أن الرد على أي هجوم أمريكي “لن يكون فقط بمستوى العملية التي نُفذت أخيراً”، غداة تبنّيهم هجوماً بأكثر من 20 طائرة مسيرة وصاروخًا فوق البحر الأحمر.

 

 

فما هي العناصر التي يمكن أن يعتمد عليها الحوثيون في الرد على هجمات من هذا النوع؟

وتتحكم قوات الحوثي في مساحات واسعة من اليمن، منها مواقع استراتيجية على البحر الأحمر. وبوساطة أسلحة متنوعة، تسببت هجمات الحوثي البحرية في الأشهر الماضية بقلق دولي على مسارات الملاحة في المنطقة البحرية شديدة الحساسية، كما تأثرت أسعار شحن البضائع وارتفعت قيمة التأمين على البضائع، فيما قررت شركات شحن دولية أخرى تغيير مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح القديم والأطول، ما رفع أيضاً من تكلفة النقل وسط مخاوف متزايدة من تأثيرات ذلك على أسعار النفط عالمياً.

ومنذ منتصف تشرين الثاني 2023، شنّ الحوثيون 26 هجوماً في البحر الأحمر بحسب الجيش الأمريكي، ما أدى إلى تراجع حركة بواخر الشحن في المنطقة بنسبة 70 بالمئة تقريباً، بحسب آمي دانيال، مؤسس ومدير شركة “ويندوارد” للاستشارات في مجال النقل البحري.

أيضاً، يشير خبراء استراتيجيون إلى أن الطبيعة القاسية لليمن من جبال وتضاريس وعرة شكلت – ولا تزال تشكل – عائقاً كبيراً أمام استهداف أي قوات يمنية بضربات عسكرية مؤثرة.

ويشبه خبراء اليمن بفيتنام التي سقطت الولايات المتحدة فيها لسنوات، وهو ما حدث مع الجيش المصري قبل عقود الذي خرج أيضاً من اليمن بخسائر فادحة، والأمر نفسه حدث مع السعودية بكل ترسانتها الضخمة التي لم تنجح – برغم كل الضربات العنيفة التي وجهتها إلى اليمن والحوثيين – في عمل تغيير جذري في المشهد السياسي أو العسكري اليمني.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه منذ مدة يتعلق بنوعية ومصادر الأسلحة التي مكنت الحوثيين من فرض سيطرتهم على المسار البحري بين خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر، وأيضاً طبيعة التحالفات الدولية والسياسية التي تستغل كذلك موقعاً استراتيجياً شديد الأهمية في المنطقة:

يرى المحلل الأمريكي الدكتور جيمس هولمز، رئيس كرسي “جي سي ويلي” للاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية وزميل بارز في مركز بروت كرولاك للابتكار وحرب المستقبل بجامعة مشاة البحرية الأمريكية، أن الحوثيين أطلقوا على سفينة شحن تجارية في مناسبة واحدة في الأقل صاروخاً باليستيا مضاداً للسفن، وهو نوع من الأسلحة يمتلكه فقط – من الناحية الظاهرية – الجيش الصيني .

وقال هولمز، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال انتريست الأمريكية، إنه في الثالث من الشهر الجاري، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، التي تشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، أن المسلحين الحوثيين اطلقوا صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن باتجاه سفينة الشحن يونيتي اكسبلورر، التي ترفع علم البهاما ومملوكة للمملكة المتحدة.

وأضاف أنه “يصعب للغاية التقليل من شأن المشروع الفني العلمي لجماعة الحوثي، وهو “مشروع ضخم تقوم عليه جماعة أقرب إلى دولة تدعمها إيران وهي زبون غير رسمي للصين”، وتساءل: هل تنشر بكين تكنولوجيا الصواريخ؟ وأجاب أنه من المؤكد أن “الأمر يظهر كذلك، وسواء أكانت تقوم بذلك عن عمد أو عن غير عمد فهذه مسألة أخرى”.

ويوضح المحلل الأمريكي أنه يظهر من غير المحتمل أن يقوم المشرفون على الجيش الشعبي الصيني، من تلقاء أنفسهم، بنقل نظام سلاح بمثل هذه القوة لإيران، اذ أنه ربما يذهب إلى ترسانات الحوثيين وغيرهم بحسب ميول إيران.

وفي حوار له مع موقع “انسايدر”، قال بيتر ويزمان، أحد كبار الباحثين في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام SIPRI المتخصص في مبيعات الأسلحة والشؤون العسكرية، إن الحوثيين ومنذ مدة طويلة تمكنوا من إقناع جزء من القوات المسلحة بالانضمام إليهم، وتمكنوا من السيطرة على جزء كبير من البلاد، بما في ذلك الترسانة العسكرية التي كانت موجودة بالفعل من قبل.

 

 

 

وأضاف أن هناك أيضًا مؤشرات على حصولهم على بعض الأسلحة من الخارج، وبخاصة من إيران “لسنا متأكدين تمامًا من الكميات الموجودة هناك أو من يقف وراء ذلك، ولكن في عدد من الحالات، تم اعتراض أسلحة مصنوعة في إيران أو تحمل علامات إيرانية”.

وفي تحقيق أجرته وكالة رويترز في تشرين الأول 2016، تحدث مسؤولون أمريكيون وغربيون وإيرانيون للوكالة أن إيران كثفت عمليات نقل الأسلحة إلى الحوثيين، وأن الأسلحة شملت صواريخ وأسلحة خفيفة.

وقال المسؤولون، إن كثيرا من أنشطة التهريب الأخيرة جرت عبر عمان المجاورة لليمن، بما في ذلك عبر الطرق البرية التي تستفيد من الحدود التي يسهل اختراقها بين البلدين، في الوقت الذي نفت فيه مسقط صحة هذه الأنباء. وقال دبلوماسي غربي مطلع على الصراع لرويترز إن “ما يجلبونه عبر عمان هو صواريخ مضادة للسفن ومتفجرات وأموال وأفراد”.

وبحسب تقرير نشره موقع “ذا ناشيونال نيوز” فإن الجزء الأكبر من ترسانة الحوثيين اليوم يتكون من صواريخ بركان-3 القادرة على توجيه ضربات بعيدة المدى تصل إلى 1200 كيلومتر، وصواريخ بدر بي-1 الأقصر مدى، التي يصل مداها إلى 150 كيلومترًا، وصواريخ فروج-7 التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، التي يسميها الحوثيون زلزال، ويبلغ مداها 65 كيلومترا.

وأضاف الموقع أنه من المعروف أن الحوثيين يمتلكون عددًا من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، وهي أسلحة حددها “المركز الأمريكي للحد من الأسلحة” ورجح أن مداها يتراوح بين ألف كيلومتر و3 آلاف كيلومتر. وقال خبراء ومسؤولون إن هذا لا يمكن أن يحدث إلا بمساعدة خارجية.

ووفق موقع ذا ناشيونال، تُظهر عديد التقارير، بما في ذلك التحقيق الشامل الذي أجراه فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في عام 2020، روابط قوية بين برنامج الصواريخ الحوثي والأسلحة التي صممتها إيران وزودتها بها.

وعرضت ميليشيا الحوثي اليمنية صواريخ باليستية “بعيدة المدى” ومنها صاروخ “سعير” خلال عرض عسكري أقامته في صنعاء في 21/09/2022.

على جانب آخر، وصل زورق مسيّر مسلح انطلق من اليمن إلى مسافة “بضعة أميال” من البحرية الأمريكية والسفن التجارية في البحر الأحمر قبل أن ينفجر في الأسبوع الأول من كانون الثاني الجاري.

وقال نائب الأدميرال براد كوبر، رئيس عمليات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط، إن هذه هي المرة الأولى التي يستعمل فيها الحوثيون “سفينة سطحية من دون قائد (مسيرة)”، منذ أن بدأت مضايقتهم للسفن التجارية في البحر الأحمر بعد اندلاع الحرب في غزة بحسب ما نقلت وكالة اسوشيتدبرس.

وقال فابيان هينز، خبير الصواريخ وزميل الأبحاث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن الحوثيين استعملوا هذه الزوارق سابقاً بانتظام ضد السعودية في شكل قوارب انتحارية تنفجر عند الاصطدام؛ ويقول هينز إنه من المحتمل أن يجري تجميع معظم المركبات البحرية التابعة للحوثيين ويتم تزويدها بمكونات مصنوعة في إيران، مثل أنظمة التوجيه الآلية.

في شباط 2019 اتهم مراقبو عقوبات الأمم المتحدة كوريا الشمالية بانتهاك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة ومحاولة بيع أسلحة إلى الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط، بما في ذلك “المتمردين” الحوثيين في اليمن. وقال الخبراء في تقرير جديد لمجلس الأمن إن برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية “لا تزال سليمة”.

ووجدت اللجنة أن بيونغ يانغ “تستعمل منشآت مدنية، بما في ذلك المطارات، لتجميع الصواريخ الباليستية واختبارها، كما وجدت أدلة على تواجد اتجاه ثابت من جانب كوريا الشمالية “لتفريق مواقع التجميع والتخزين والاختبار”.

أما بالنسبة لحظر الأسلحة، فيقول الخبراء إن كوريا الشمالية حاولت توريد الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة وغيرها من المعدات العسكرية عبر وسطاء أجانب إلى ليبيا والسودان و “المتمردين” الحوثيين في اليمن.

وفي حوار لها تقول الدكتورة اليزابيث كيندال من جامعة اوكسفورد، إنها تخشى أن تثير هذه الضربات دائرة من الصراع يمكن أن تتسع في المنطقة، مضيفة أنه “سيكون من الحماقة ألا نعتقد أن هذا احتمال حقيقي”.

وقالت الخبيرة البريطانية إنه إذا استعرضت الولايات المتحدة قوتها العسكرية الكاملة ضد الحوثيين، فسيتبع ذلك حرب إقليمية. وأضافت أنه “ليس من السهل التقليل من شأن الحوثيين.. وإذا أطلقت الولايات المتحدة قوتها العسكرية ضدهم فقد يؤذون الحوثيين بشدة، لكن ذلك سيؤدي إلى حرب إقليمية كاملة وشاملة، لاسيما أن الحوثيين اليوم يتمتعون “بشعبية كبيرة” في العالم العربي بسبب دفاعهم عن الفلسطينيين”.

 وتضيف، إن الحوثيين الذي يخوضون صراعاً داخلياً مع خصومهم ومع السعودية وتدعمهم إيران بقوة “ليسوا من النوع الذي يمكن ردعه بالضربات”، وأن سجل التحالف الغربي في مناطق نزاعات أخرى “لا يظهر رائعاً” وأن “هذا الأمر يعلمه الحوثيون الذين يرون الانسحاب من أفغانستان وعدم النجاح في العراق أمثلة على هذا الفشل”.

قد يعجبك ايضا