ماهين شيخاني
الساعة الآن العاشرة واثنتا عشر دقيقة تماماً , ينتظرون دورهما من حصة الكهرباء منذ اثنتا عشر دقيقة , جالسان في باحة الدار هو وزوجته يفصل بينهما المنضدة التي عليها فنجاني القهوة , وكلما كان ينفض سيكارته يشعل ضوء ولاعته , انتبه لصرصور أسود قاتم ﻻ يشبه الصراصير العادية والتي هي بلون البني في كأسه الفارغ ، تمعن به جيداً وسأل ذاته أيعقل أن يكون هذه الصراصير الغير عادية هم جواسيس أو تحمل أجهزة تنصت بداخلها / التكنولوجيا أضحت مفزعة / بحجم فزعه وقرفه …فمنذ ظهور هذه الحشرات وتنقل أخباره الشخصية بدقة لجهات عدة. ..؟!!!.
ارتشف من فنجان القهوة الباردة بعد أن تفقدها بحذر , وتذكر ذاك الشخص عند لقاءه في وسط السوق سائلاً :
– أوه.. أراك هنا يا صاح وقد سمعنا بأنك خارج البلد ، طالباً اللجوء لأمريكا. .
– أمريكا – فرد سحبة – يا صديقي , من أين لك بهذه المعلومة الخاطئة ..ومن أين لي بالمال ..؟!!!.
– عمك أبو حسين رح يجهز لك كل شيء.
– آه… يعني أصبحت عميلاً بآخر عمري وﻻ أدري. .
بعد يوم من الحديث معه اتصل به جهة معينة .. و أثناء التحقيق :
– نعلم بكل تحركاتك و اتصالاتك ..كنت البارحة في المطبخ تساعد زوجتك وأنت بالذات حملت السفرة عوضاً عنها ، وقلت لها مساعدتي لك ليست دون مقابل. .أليس كذلك…؟!!!.
– وما الضير في ذلك ثم لم يكن أحداً في المطبخ سوانا وﻻ يوجد فيها أجهزة مراقبة أو كاميرة سوى بعض الصراصير حول مصفاة المياه. .
– ابتسم المحقق لدى سماع كلمة الصراصير ، وقال:
– نعلم بكل شاردة و واردة ..وقبل أن يأمره بالانصراف رفع سبابته محذراً إياه لو تفوه بكلمة أو تجاوز الخطوط الحمراء.
بعد مدة اتصل معه جهة أخرى و بأسلوب مخابراتي بحت ذكره بأيام ماضية ، وضع كلتا يديه على المنضدة ونظر بازدراء صوبه وقال بلهجة التهديد :
– اسمع ما أقوله لك ، أنت تعمل ضدنا وتقف مع جهة أخرى مناوئة لنا وتلك الجهة هي من المحور المعادي لخطنا…
– يبدوا تهمكم معلبة وجاهزة , أي جهة واي حال , لست مع أحد يا سيدي وﻻ أعمل مع أحد لو تدري بوضعي الصحي , لما تهمتني بذلك فأنا معي مرض الإسهال و ﻻ أبارح التواليت ..
– احترم المكان الذي أنت موجود فيه ، وليكن بعلمك نعرف ذلك ونعرف باليوم كم مرة تدخل المرحاض.
– قالها: أوف – باستهزاء – وحتى هذه تعرفونها…
– نعلم بكل حركة وكل صوت يخرج منك ، قبل أن يجلبك دوريتنا بقليل كنت بالحمام أليس كذلك…؟.
– هز رأسه بالإيجاب. .
– صدر من مؤخرتك أربعة أصوات طويلة واثنتان دراكاً كالرشاش الكلاشنكوف….
– تدرج لون سحنته إلى الصفرة وطأطأ رأسه خجلاً. .
سأساعدك بالخروج هذه المرة من هنا. وفي حال تكرار الأمر أعذر من أنذر. سنأخذ الإجراءات اللازمة بحقك وأنا واثق بأنك تعلم ما هو إجراءاتنا. .سنفقأ عينيك, يلا انقلع.
أثناء خروجه مصدوماً من لهجة المسؤول ..بدأ يفكر ملياً أثناء الطريق ..معقول الحمام ..والله كنت وحدي , وإذ بدراجة نارية خلفه تئن من السرعة يترجلها صرصوران وما أن أصبحا أمامه كانت طلقة صادرة على نافوخه ، ذهل جامداً ولم يسقط أو يخر كجثة ، تفقد ذاته لمس رأسه ثم رقبته فأذنه ..ﻻحظ بشيء لزج وحار ينزل ..حاول الوصول إلى المنزل ويده على أذنه…
وبعد الواحدة من منتصف الليل كان له نصيب مع مكالمة من جهة أخرى ..أمره المهاتف بوجوبه الحضور حالاً..
– يا جماعة ..في هذا الوقت المتأخر ..ﻻ أحد يخرج من بيته أيام الخروج والتجوال أصبحت في خبر كان.
– أن لم تحضر سيكون مصيرك في خبر كان ، طلقة طائشة و رخيصة لأنك ﻻ تستحق أن نجعلك بطلاً. . .ننتظرك الآن. …وأغلق الخط.
– التفت الى زوجته قائلاً : ماذا أفعل يا امرأة ..
– ارتدي معطفك وخذ مسدسك معك …
– مسدس وهل تريدين أن تتخلصي من هذه القطعة التي خبأتها للأيام الحالكة ..سيصادرونها بكل تأكيد. .
– وهل هناك أحلك من هكذا وضع ..إذن خذ معك عصى ، الكلاب الضالة ممتلئة بالشوارع. .
أمام باب المحرس فتشوه ، تقدمه أحد الحراس لإيصاله الى مكتب معلمهم, طرق الباب ودخل :
– إيفار باش هفال / رفيق…؟.
– لم يرد ، بل أخرج وﻻعته وأشعل سيكارة ثم بعد نفثين وتصاعد الدخان في وجه المطلوب نظرا مليا وقال :
– أولاً لست رفيقك وﻻ يشرفني ذلك ..ثانياً وهذا الأهم ، ماذا همست بإذن زوجتك…؟.
– عفواً. .هذه خصوصياتي والبيوت لها أسرارها وحرمتها ..
– أي خصوصية يا حشرة ..لقد شتمتنا أثناء اقترابك من زوجتك على السرير. وهمست لها ..لوﻻ هؤلاء لكنا بألف خير ومرتاحين نفسياً…؟.
أنت يا حشرة لست مرتاح من وجودنا أليس كذلك …؟…
– هفال ..والله لم أقل ذلك هذه تهمة توجهها لي لأني رفضت الزواج من قريبتكم, والزواج قسمة ونصيب.
– اخرس وإﻻ سأقطع لسانك , قميص نوم المدام لونه أصفر أليس كذلك , و لون مخدتك أحمر, والأغطية لونها قرميدي…
هل تريد أن أخبرك أيضاً بوضعيتكما أثناء /…./…
أخرج من هنا وهذا آخر إنذار لك …أفهمت…؟.
– حسناً ..حسناً ، لكن أحلف بدماء الشهداء لم أقصدكم ..وﻻ النيل من شخصكم.
عاد وفي رأسه طاحونة تدور وتجرش الأسئلة. .
قبل أن يفتح باب منزله تذكر أن صرصوراً قاتما كان على معطفه…؟.
حضنته زوجته برجوعه سالماً و ذهبت لتحضير كأس من الزهورات لتهدئة أعصابه. .
ما أن رجعت من المطبخ حتى شاهدت مجزرة بحق الصراصير. .
وهو يهذي ويقول : هؤلاء جواسيس ومخبرين العصر ..
– ماذا دهاك لقد وسخت الغرفة .كان باستطاعتك غداً جلب مستحضر مضاد للحشرات. .
– لو تركتهم دقيقة واحدة لوصل أمرنا لجهة رابعة ، هؤلاء من صنع أمريكا أمريكا. .؟!!!.
– انتهت –