*فاضل ميراني
ليس فقط خلال العشرين سنة الاخيرة، بل حتى ايام جولات التفاوض السياسي مع الانظمة السابقة التي كانت تهرب من شرعيتها المنقوصة في الحكم، فتختلق مشاكل لنا و لغيرنا، ابتغاء فرض ظروف استثنائية تغطي على المطلوب منها امام الاستحقاقات التي يجب ان تكون مستعدة لتسديدها قبلا و على من ورثها قانونا ان يسددها.
كانت الانظمة تنفق بسخاء يصل حد السفه على التسليح و اتفاقيات الصداقة لتجد لها حليفا تستند عليه، وكانت تنظر بمسؤولية ملفتة وحماس لتقوية امنها القمعي، وتخلق ضدا نوعيا لكل مكون تريد مواجهته او يكون هو قد واجهها.
امر مفصلي في سيرة انظمة العراق انها و بعكس خطابات الاستهلاك الداخلي قليل المصداقية او منعدمها، انها انظمة بتوجه صفري، اي انها لا تريد ان تعطي استحقاقا، هي ملتبسة التصرف، لا هي دولة و لا عملها و تفكيرها يتعدى حقيقة ذهنيتها التي انقلبت بها على السلطة، فظلت معجبة بنفسها الانقلابية، قلقة على ترقيها للحكم مصرة على البقاء و لو كان الثمن حرق كل شيء، حدث الامر سنوات( 1963، 1979، 1980، 1991، 2003، 2014) كل مافي القصة من فوارق هو الوقت، واما الاسماء وان تبدل بعضها او تكرر، فالعقلية نفسها و الحجج موجودة وليس مهما ان كانت مقنعة ام لا، المهم فيما يبدو للانظمة انها تلقي معاذيرها فتصنع صراعا يحصنها لمدة لممارسة هواية الحكم!.
انا و كثيرون غيري يثنون على الذين يعملون بصدق و جد لتصفير المشاكل، ذلك ان نتائج العلاقات تنعكس على شعوب العراق، تصفيرا وورقة حلول غير مطعون لا بمصادقيتها و لا بسندها القانوني، لا ان تكون تكتيكا، و لا ان يجري التغطية على صناع المشكلة، فالحكم لا يستقيم بخياطة الجرح على تلوثه، و لا بالسكوت عن فاعله الذي لم ينزل حربته.
مشاكل العراق
اكتب و انا اضع في تصوري الحقيقة و الواقع، حقيقة ان مشاكل العراق يجب ان توضع لها برامج جدية و تخصصية، وان يعرف كل مدع بعلم حدود علمه و نجاعة منجزه و ان يفصل السياسي الصرف منها للسياسة، و الاداري الصرف منها للادارة، لا ان تتداخل امور الحاضر و الماضي بلا جدولة لتكون الكرة التي تقفز لِتُرَحِل كيانا او شخصا تعود النظر الى الكاميرات و عز عليه ترك مقعده و كأن العراق ارثه من ابيه!.
لا يجوز ان تستمر لعبة بلا ضوابط، نفسها العملية السياسية صارت معقدة و عنوانا اقرب للعرف منها لغير شيء، تتكرر فيها المفردات و الدعوات المفرغة من انجاز حقيقي، فيما المنحدر يزداد ميلانا.
ليس مقبولا ان فريقا يقدم حلولا لمشكلات قديمة و معاصرة صنعتها المركزية الحائرة بديمومتها فيما الفريق الاخر يقدم مشكلة لا حلا.
للذين لا ينتبهون لخطورة الموقف اقول: ان التصادم مع طبيعة الاشياء ليس مأمونا، فنحن شهود على انظمة سابقة اقوى و اشرس، ولم يبق منها و لها الا التجريم و اللهج باللعن، تجريمها من قضاء عادل و لعنها من ضحايا ابرياء، وليس بعيدا ما انتجته عمليات الانتقام التي تلت 2003 فكانت النتيجة استقطاب تفجر تحت اي مبرر و برعاية اي دعم فواجهنا انهيار 2014 و ما قبلها و تلاها.
تكرار افكار فشلت تدل على عوق فكري، و تعمد ايذاء، و نحن لن نقبل لا بحوار مع صانع متعمد لمشكل تكسر الحل، ولا بفاعل او محرض على ايذاء شعبنا.
*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني.