التآخي – ناهي العامري
دشنَ بيت البياع الثقافي مطلع عام ٢٠٢٤ بمحاضرة بحثية بعنوان (الشخصية العراقية.. وقائع لم تكتب بعد) استضاف فيها الباحث والمفكر ( جمعة عبد الله مطلك) بادارة رئيس البيت (كمال عبد الله العامري) الذي افتتح الندوة بقراءة السيرة الذاتية للضيف، جاء فيها: تولد بغداد ١٩٦٠ – خريج جامعة بغداد/ كلية الآداب- قسم اللغة العربية ١٩٨٥ – ١٩٨٦، سجين سياسي زمن النظام السابق لثلاث مرات، دخل معترك الصحافة، وعمل رئيس تحرير جريدة المنتدى الثقافي الاسبوعية، كتب العديد من المقالات التي نشرت في العديد من الصحف المحلية والعربية، دعا فيها الى قيام دولة عراقية وفق القوانين والانظمة المدنية الحديثة، مع الاخذ بالاعتبار روح الشريعة الاسلامية وقيم الحداثة الغربية، استضافته الكثير من القنوات الفضائية والمنتديات الثقافية، مفكرا وباحثا ومحللا، عمل في منظمات المجتمع المدني المختلفة، صدر له كتابان مشتركان، الاول الاصلاح الديني..آفاق المستقبل، والثاني: الشرعية السياسية، كما كتب عشرات المخطوطات التي تنتظر النور، ضخ فيها كم هائل من الافكار والآراء، التي ستكون صادمة ومفاجئة للقراء والوسط الثقافي والسياسي.
بدأ الباحث بتقسيم محاضرته الى عدة محاور منها: التفريق بين علم الشخصية ( برز بعد الحرب العالمية الثانية) والفرد، ومدى صلاحية علوم الشخصية في تحليلاتها المضمرة بيقين علمي على نحو ما، لدراسة أحوال المجتمعات، سواء كانت متحضرة أو متخلفة، والتركيز على ولع الباحثين العراقيين بدراسة الشخصية العراقية بشكل واسع ومستفيض، مقارنة بدراسات الباحثين العرب قاطبة، معللاً ذلك الى تطرفها وعنفها وقلقها الدائم، وعدم استقرارها، كذلك عدم يقينها الداخلي وضعف قدرتها على العمل الجماعي وتجذراتها الى ما قبل الدولة، ودعا مطلك الى الخروج من عباءة علي الوردي في دراسة الشخصية العراقية، ليتسنى للقراء والمهتمين والباحثين، الاطلاع الى الدراسات الحديثة التي تناولت الشخصية العراقية، ويعد مطلك أول من كتب عنها برؤية جديدة، بعد دراسة صفاتها العابرة للزمن، متوقفا عند بعض المقارنات بين (حنا بطاطا وحامد عمار وعلي الوردي ونزار قباني وأودنيس والاديب الياباني وغيرهم) مضيفاً ان الخروج من عباءة الوردي يتحقق عبر ثنائية النخبة والتاريخ، موصيا بضرورة فتح طرق متعددة أمام الاجيال الجديدة لإعادة صياغة البحوث العلمية وحقائقها، مستشهدا بقول الامام علي ع (لا صلاح للأمة الا بصلاح الولاة، ولا صلاح للولاة الا باستقامة الرعية).
أمام ذلك السيل الجارف من الطروحات الفكرية والسياسية والاجتماعية حول الشخصية العراقية التي بثها المحاضر، انشد الحضور لها لغاية خاتمة المحاضرة، لذا تداخل الكثيرين في ابداء ارائهم ومقترحاتهم القيمة، التي أغنت الموضوع وتفاعلت معه، ومن الجدير بالذكر مداخلة مراسل التاخي، التي كان فحواها هو: ان الصفات المتطرفة التي تحملها الشخصية العراقية، منها القلق وعدم الاستقرار وضعف الهوية الوطنية، لم تكن جينات متوارثة، بل هي ردود فعل لضحية الانظمة الاستبدادية التي توالت على حكم العراق، منذ الدولة الاموية مرورا بالعهود المظلمة والدولة العراقية الحديثة لغاية اليوم، منها العهد العثماني الذي كان يستعين بالعشائر السنية لمقاتلة الصفويين، وبالعكس استعانة الصفويين بالعشائر الشيعية لمقاتلة اعدائهم العثمانيين، وهكذا تجذرت الطائفية ليومنا هذا على حساب الوطن الام، واضحى العراقي قلقا، لا ينشد سوى الخلاص والحرية.
هذا وقد اتسمت اجابات المحاضر برصانة علمية ونظرة ثاقبة، وقراءة مستقبلية لما يجري تطورات واحداث.