أمنيات متجددة فى عام جديد

شيركو حبيب

مع بداية كل عام ، يجدد المرء أمنياته لوطنه و ذويه ونفسه، علها تتحقق بما يخدم واقعه ومجتمعه وييسر عليه حياته، فيتناسى أو ينسى ما مضى من إخفاقات ويبنى على أحلام لاتزال ممكنة غير مستحيلة.

الإنسان بطبيعته متجدد الأفق، مفكر في المستقبل، يتمنى الأفضل ويسعى إليه، والمجتمعات نظنها كذلك ما دامت تضم في مكوناتها الباحثين عن الحق والحرية والعدل، والساعين لأجل التنمية والبناء والبقاء والإنجاز في خدمة أجيال متعاقبة، مجددين العزم على حب أوطانهم وترك إرث نافع لمن يخلفهم فيها.

منذ عقود ونحن في العراق نتمنى السلام والاستقرار والعيش كبقية خلق الله في أرجاء المعمورة كافة محبين ومتطلعين للغد، كل عام جديد نفكر دائما في الأفضل ونسعى إليه، لكن حال فشلنا في تحقيق إنجاز أو وصولنا إلى ما نأمل، نجر خيباتنا بكلمات “ليتنا عشنا وأصبحنا في الماضي فقد كان الأفضل”.

سنوات متعاقبة ونحن في العراق على ذكرى وحنين كبيرين للماضي حقا تاركين العبث عند أهل الحل والعقد يفتت آمالنا في الغد، ومهما فعلنا وتحركنا كانت النتائج فيما بعد كل الكرنفالات السياسية على غير توقعاتنا، حيث النوايا الحسنة غائبة والقلوب مملوءة عامرة بحب الذات دون الغير الشريك، والتفكير والتخطيط في إدارة المسؤولية وشؤون المناصب غير جادين ولا يمكن الوصول بهما إلى نتائج مرضية.

منذ أمد بعيد نحلم و نتمنى أن ينعم السلام والاستقرار في بلدنا، وأن نعيش دون تفرقة أو تميز بين الشعوب والقوميات والمذاهب والطوائف، فالعراق بلد الحضارات والقانون منذ حمورابي، بلد النهرين والسهول الخصبة والجبال الحصينة، نحن من قهرنا غزوات التتار والمغول وخرج من بيننا قادة دافعوا عن أمة الإسلام والانسانية أيضا وحضرت انتصاراتهم التاريخية لتوقف مطامع الغزاة على مختلف انتماءاتهم، ورغم كل ذلك فأمنياتنا في بلد ديمقراطي فيدرالي تعددي ملتزم بالدستور لا خلافات فيه على الهوية لاتزال حاضرة، وأبسطها أن يكون الجميع سواسية أمام القانون في الواجبات والحقوق.

رغم كل ذلك؛ فلا الحضارات و لا الطبيعة و لا بلد القانون حقق لنا أمانينا التي نأملها عاما بعد عام، خاصة بعد 2003 والانتخابات الأخيرة التي أكدت بقاء واستمرار معاناة الماضي مع استقبالنا عام جديد لانزال نرجوه أفضل ممن سبقه، نتجاوز معه الكوارث التي حلت بالعراق في العهود الماضية وفي زمن الديكتاتورية فلا يخيم شبح الماضي على الحاضر، فلا يعاني المواطن خيبة الأمس التعيس و لا يأمل بإشراقة غد جديد، نرجوه صراحة بلا خلافات بين بغداد وأربيل ودون تجاوز بحق الدستور أو إهمال له، وبلا أفكار ثأرية أو أجندات خارجية لا تخدم مصالح البلد، فقط نريد السلام والعدل والتسامح والحرية والرخاء والتنمية واحترام الآخر الشريك في الوطن، وفي المستقبل أيضا.

قد يعجبك ايضا