مرحلة جديدة للبناء والتحدي في مصر

شيركو حبيب

وحدها الشعوب الحرة تؤمن بدور القادة والزعماء وحضورهم في لحظات تاريخية يمثل ظهورهم خلالها ضرورة، وهناك دلالات عظيمة على ذلك لا ينكرها أحد ويدونها المؤرخون وتدعمها الوثائق أيضا.

بالنظر إلى المسار التاريخي لشعوب المنطقة وفي قلبها مصر، نجد أن مفترقات وأحداث أكدت على ميلاد جديد لقادة في توقيتات حساسة، ففي التاريخ الوسيط ظهر صلاح الدين الأيوبي من قلب الكورد أحد عناصر الأمة الإسلامية ليبني مجددا دولة قوية تواجه مطامع الغرب الاستعماري بشعاراته الكاذبة المغلفة بالدين، فكانت ملاحم المواجهة للحروب الصليبية على المشرق الإسلامي، تلتها الموجة الثانية من التحدي مع سيف الدين قطز وبعده الظاهر بيبرس في التصدي للتتار المغول الذين دمروا الحضارة في بغداد بطريقة معبرة عن بربريتهم وشعورهم الدائم بالنقص أمام أمة تعيش مراحلها بين صعود و أفول.

تحضر شخصية محمد على في التاريخ الحديث ليبني دولة امتدت قدراتها إلى خوض حروب واسعة مع نهضة داخلية سعت قوى لإيقافها لعلمها بدور مصر العظيم في إحياء أمة لها تاريخ من المعاناة مع التبعية والسيطرة الخارجية، حتى إذا ما أتى الاستعمار البريطاني إليها كانت شخصية القائد العسكري الثائر أحمد عرابي الأبرز في مواجهته، تلته شخصيات وطنية بحثت عن الاستقلال لمصر مثل مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول وعدلي يكن ومصطفى النحاس وغيرهم، وصولا إلى حركة الضباط الأحرار وأبرز قادتها محمد نجيب وجمال عبد الناصر، والتي أتمت الجلاء وحققت الاستقلال لمصر ودعم نظامها حركات التحرر الثوري وحقوق الشعوب التاريخية بالمنطقة.

بالتزامن مع صعود حركة التحرر الوطني في مصر وقادتها، برزت في المنطقة شخصية كوردية عظيمة، الزعيم مصطفى البارزاني، والذي عاد من منفاه في الاتحاد السوفيتي ليستقبله الزعيم العربي جمال عبد الناصر في 5 أكتوبر عام 1958 ، وهو نفس عام ميلاد تطبيق مفهوم القومية العربية بتجربة وحدة مصر وسوريا التي انتهت سياسيا في العام 1961 وظلت في قلب الشعب العربي وشعوب المنطقة، وقد كتب التاريخ لحكمة الزعيم عبد الناصر رفضه حرب الكورد في العراق.

لم تكن مصر بعيدة عن عروبتها وكذلك قوميتها الإسلامية فدفعت ثمنا باهظا عند تأميم قناة السويس بحرب ثلاثية على أراضيها صدتها المقاومة الشعبية، ثم حرب السنوات الست لاستنزاف العدو الصهيوني المحتل لأراضيها منذ العام 1967 وحتى نصر أكتوبر وقرار الحرب فيها على يد القائد أنور السادات بطل الحرب والسلام أيضا، ثم استكمال تحرير الأرض وبناء الدولة مع الرئيس الأسبق حسني مبارك والذي جمعته علاقة طيبة بالزعيم الكوردي مسعود بارزاني والذي زار مصر في عهده.

شهدت المنطقة منذ العام 2011 أحداثا صعبة بدت فوضوية في معظم بلدانها، لكنها مهدت لضرورة تاريخية جديدة تتمثل في ميلاد قادة جدد كتب لهم مواجهة التحديات، ربما أوجه الشبه كبيرة بين ظهور الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر بعد تصحيح المسار في 30 يونيو وتحمل المسؤولية بإرادة شعبية في العام 2014 عقب ميلاد دستور جديد للبلاد، فالتحديات في المنطقة كلها واحدة، إعادة البناء وحماية الأرض ومواجهة الإرهاب، وهي ذاتها التي واجهها العراق كمثال لتعود حالة الضرورة التاريخية مذكرة بوجود الزعيم الكوردي مسعود بارزاني والذي قاد البيشمركة على الأرض في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي.

أكتب هذا السرد التاريخي مقترنا بتهنئة أبعث بها للمصريين بمناسبة إعادة انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي وتجديد الثقة بقيادته للبلاد حتى العام 2030 ، متمنيا لسيادته التوفيق ولمصر التقدم والنجاح والازدهار.

وأعرب عن أملي مجددا في تطوير العلاقات بين العراق عامة و كوردستان خاصة، وجمهورية مصر العربية الشقيقة، وشعبها البار وقيادتها الواعية، في كافة المجالات التي تدعم المصالح المشتركة والعلاقات التاريخية والمستقبل الأفضل معا. إن ثقة الشعب المصري بالرئيس عبد الفتاح السيسي دليل على النهج السليم الذي سار عليه فخامته لخدمة مصر والدفاع عن مقدسات ومؤسسات الدولة وتقديم الخدمات وتطويرها لمواطنين يستحقون الأفضل دائما لما قدموه من تضحيات كبيرة لأجل حماية وطنهم وأمن المنطقة كلها.

قد يعجبك ايضا