ماذا بعد منع الولايات المتحدة قرارا يطالب بوقف النار في غزة؟

 

التآخي ـ وكالات

استعملت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار لمجلس الأمن يدعو الى “وقف إنساني فوري لإطلاق النار” في غزة، برغم ضغوط الأمين العام للأمم المتحدة، الذي ندد “بالعقاب الجماعي” الذي يتعرض له الفلسطينيون.

واستعملت الولايات المتحدة (فيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لطلب وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في الحرب الجارية بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، في وقت متأخر من ليل الجمعة (الثامن من كانون الأول 2023).

وصوّتت 13 من الدول الـ 15 الأعضاء في المجلس لصالح مشروع القرار، مقابل معارضة الولايات المتحدة وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت على النص الذي طرحته الإمارات العربية المتحدة.

وعقدت الجلسة بعد لجوء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش  إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح له “لفت انتباه” المجلس إلى ملف “يمكن أن يعرّض السلام والأمن الدوليين للخطر”، في أول تفعيل لهذه المادة منذ عقود.

وطرح محمد أبو شهاب، نائب المندوبة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة، سؤالا على المجلس قائلا “ما الرسالة التي نرسلها للفلسطينيين إذا لم نتمكن من التوحد خلف دعوة لوقف القصف المستمر على غزة؟”.

 

 

 

وشدد الأميركيون، حلفاء إسرائيل، مجددا على رفضهم وقف إطلاق النار. وقال نائب السفيرة الأميركية روبرت وود “نحن لا نؤيد الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار”. وأضاف “لن يؤدي ذلك إلا إلى زرع بذور حرب مستقبلية، لأن حماس ليس لديها رغبة في سلام دائم”، معربا عن أسفه أيضا “لعدم إدانة هجمات حماس في 7 تشرين الأول” ووصف ذلك بأنه “فشل أخلاقي”.

من جهته قال السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور لمجلس الأمن إن نتيجة التصويت “كارثية”، مضيفا أن “ملايين الأرواح الفلسطينية على المحك، كل فرد منهم يشعر بالذعر ويستحق الإنقاذ”، بحسب قوله.

ولم يتحدث السفير الإسرائيلي جلعاد إردان أمام المجلس بعد التصويت، لكنه قال “وقف إطلاق النار لن يكون ممكنا من دون عودة جميع الرهائن وتدمير حماس”.

وقالت سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة باربرا وودورد إن بلادها امتنعت عن التصويت بسبب عدم التنديد بحركة حماس. وقالت أمام المجلس “على إسرائيل أن تكون قادرة على التصدي للتهديد الذي تشكله حماس وعليها أن تفعل ذلك بطريقة لا تخالف القانون الإنساني الدولي حتى لا يتكرر أبدا مثل هذا الهجوم مجددا”.

وسلط مشروع القرار الضوء على “الوضع الكارثي في قطاع غزة”، وطالب “بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية”. كما دعا النص المقتضب إلى حماية المدنيين، والإفراج “الفوري وغير المشروط” عن جميع الرهائن و”ضمان وصول المساعدات الإنسانية”. وبرر غوتيريش تفعيله للمادة 99 بالتأكيد مجددا على خطر “الانهيار التام للنظام العام” في قطاع غزة.

وقال الأمين العام “أدين بلا تحفظ هجمات حماس في 7 من تشرين الأول”، لكن “في الوقت عينه، فإن الوحشية التي مارستها حماس لا يمكنها تبرير العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.

 وأضاف غوتيريش “لقد روعتني الاتهامات بالعنف الجنسي”، فيما ستقوم الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع براميلا باتن بزيارة رسمية إلى إسرائيل بشأن هذه القضية؛ لكن الأمين العام أضاف أنه “في حين أن إطلاق حماس الصواريخ تجاه إسرائيل من دون تمييز، واستخدام المدنيين دروعا بشرية هي انتهاكات لقانون الحرب، لا يعفي هذا التصرف إسرائيل من انتهاكاتها”. وأضاف أمام المجلس “إن العالم والتاريخ يراقباننا. لقد حان وقت العمل”.

ومشروع القرار هذا هو الخامس الذي يرفضه المجلس منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، في ظل انقسامه إلى حد كبير منذ سنوات بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

وسبق أن أسقطت في المجلس أربعة مشاريع في الأسابيع التي تلت 7 تشرين الأول، بسبب عدم تواجد أصوات كافية، أو بسبب اعتراض روسيا والصين أو الولايات المتحدة.

يشار الى انه في 28 تشرين الأول 2023 صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على مشروع قرار قدمه الأردن يدعو إلى وقف فوري للأعمال القتالية في الحرب بين إسرائيل وحركة “حماس”.

القرار الذي قدمته المملكة الأردنية الهاشمية باسم المجموعة العربية، ورعته نحو 50 دولة أخرى، طالب بتوفير الماء والغذاء والوقود والكهرباء بكميات تناسب حجم الكارثة التي يعيشها أهالي القطاع حاليا، فضلا عن التنديد بكل أعمال العنف الموجهة ضد المدنيين الأبرياء.

 

 

 

حاولت كندا وضع تعديل على القرار المقدم من المجموعة العربية، يرفض ويندد “بهجمات حماس الإرهابية واحتجازها للرهائن”، وحاولت كندا الحصول على أغلبية الثلثين المطلوبة من أجل تمرير التعديل لكنها حصدت على 88 صوتا مؤيدا، فيما اعترض 55 وامتنع 23 عن التصويت.

ولإخفاق كندا في تمرير تعديلها على القرار المقدم من المجموعة العربية، علقت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد حينها قائلة “من المشين أن يفشل هذا القرار في تحديد مرتكبي الهجوم الإرهابي الذي وقع في 7 تشرين الاول”، مردفة “الكلمة الرئيسة الأخرى المفقودة في هذا القرار هي الرهائن”.

 

ولم تكن المفاجأة الوحيدة فقط فشل التعديل الكندي، بل بإجمالي 120 صوتًا أعلنت الأمم المتحدة الموافقة على القرار المقدم من المجموعة العربية، مقابل نحو 14 صوتًا يرفضون وقف إطلاق النار في غزة، وامتناع 45 صوتًا عن التصويت، كان من بينها العراق وتونس في خطوة أثارت تفاعلا ووصفت بـ”الصادمة” بين رواد على مواقع التواصل الاجتماعي.

الـ 14 دولة التي رفضت القرار المقدم من المجموعة العربية، بشأن هدنة إنسانية في غزة ووقف إطلاق نار، جاءت على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وجاءت معهما كلا من “هنغاريا والتشيك وباراجواي وكرواتيا وتونغا وغينيا وجزر المارشال وفيجي و ميكرونيسيا”.

القرار الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية الأصوات، رفضته إسرائيل رفضًا قاطعًا، وعلى لسان مندوبها بالأمم المتحدة جلعاد إردان قال إن الأمم المتحدة لم تعد لديها شرعية أو أهمية فيما يتعلق بالموضوع، واتهم من صوتوا بالموافقة على القرار بأنهم يفضلون دعم “الدفاع عن إرهابيين نازيين” بدلا من إسرائيل.

وفي خطاب ألقاه بعد صدور القرار، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان “لقد شهدنا جميعا أن الأمم المتحدة لم تعد تتمتع ولو بذرة واحدة من الشرعية أو الأهمية”. واضاف “لقد أظهرت غالبية المجتمع الدولي أنها تفضل دعم الدفاع عن الإرهابيين النازيين بدلا من دعم دولة إسرائيل الملتزمة بالقانون للدفاع عن المدنيين”.

وطالبت 9 دول عربية، في وقت سابق مجلس الأمن الدولي، بإلزام الأطراف بالوقف الفوري لإطلاق النار في غزة.

جاء ذلك في بيان وزاري مشترك صادر عن مصر، والأردن، والسعودية والإمارات، وقطر، والكويت، والبحرين، وسلطنة عمان، والمغرب، بحسب البيان الذي أوردته الخارجية المصرية.

وأفاد البيان بأن وزراء خارجية تلك الدول “أصدروا بيانا تضمن إدانة ورفض استهداف المدنيين، إدانة التهجير القسري الفردي أو الجماعي، وكذلك سياسة العقاب الجماعي”.

وشمل البيان “تأكيد الرفض في هذا السياق لأي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني وشعوب دول المنطقة، أو تهجير الشعب الفلسطيني خارج أرضه بأي صورة من الصور”.

وطالبت الدول الموقعة على البيان “مجلس الأمن بالزام الأطراف بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار،” و”المطالبة بالعمل على ضمان وتسهيل النفاذ السريع والآمن والمستدام للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة دون عوائق وفقا للمبادئ الإنسانية”.

وأعرب البيان كذلك عن “بالغ القلق إزاء تصاعد العنف في الضفة الغربية، ومطالبة المجتمع الدولي بدعم وتعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية، وتقديم الدعم المالي للشعب الفلسطيني، بما في ذلك من خلال المؤسسات الفلسطينية، باعتباره أمراً بالغ الأهمية”.

وفشل مجلس الأمن الدولي، في تبني مشروعي قرارين اقترحتهما الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وكان يتضمن الثاني المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.

وتعليقا على فشل مجلس الأمن في هذا الصدد، أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، في بيان، أن “هذا الإخفاق إنما يعكس عدم تواجد إرادة دولية حقيقية لوضع حد للعملية العسكرية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي في القطاع برغم انتهاكها الصارخ للقانون الدولي الإنساني عبر استهدافها للمدنيين”.

قد يعجبك ايضا