السلمية في فكر القائد مسعود ملا مصطفى البارزاني

 

 

سردار علي سنجاري

عندما نتحدث عن القادة العظماء الذين ساهموا في نقل حال شعوبهم من وضعية بسيطة إلى  العالمية فاننا امام قادة قد لا يتكرروا في تاريخ تلك الشعوب إلا بعد عقود او قرون من الزمن . وهنا لابد من ان يكون الإنصاف بحق هولاء القادة وان اختلفنا معهم في الفكر او الرؤيا حسب تطلعات كل شعب ونهجه .

 

من الذين يتصدرون الصفحات الناصعة  من التاريخ الكوردي في زمننا هذا  الاب والقائد والرئيس المتواضع والمناضل مسعود ملا مصطفى البارزاني نجل القائد الأسطورة المُلا مصطفى البارزاني الذي خلده الشعب الكوردي في ذاكرته الأبدية لتاريخه النضالي المشرف.

 

يعد القائد مسعود البارزاني من الشخصيات النضالية والقيادية المعاصرة حيث التحق في صفوف النضال الوطني الكوردستاني في سن مبكرة  لم يتجاوز العاشرة من عمره ،و حمل راية الكوردايتي جنبا الى جنب مع والده الخالد المُلا مصطفى البارزاني وإخوته وعشيرته وباقي رفاق النضال الوطني الكوردستاني، ورغم انه لم يتجاوز سن الشباب إلا انه تم تكليفه بالعديد من المهام السياسية والإدارية والأمنية ابان ثورة ايلول المجيدة حتى اختير ضمن الوفود التي تفاوضت مع الحكومات العراقية المتتالية انذاك ليكتسب الخبرة والتجربة منذ مطلع حياته الشخصية القيادية المميزة .

 

 

 

 

 

لعب القائد مسعود البارزاني دورا محوريا في بداية حياته السياسية في صنع الرؤيا الاستراتيجية للامة الكوردية عامة وكورد العراق على وجه الخصوص ، وكانت رؤيته دوما تتمحور  حول نشر مباديء السلام والاخاء وتقبل الاخر . وقد اكد على هذه الرؤيا في العديد من المناسبات واللقاءات سواء على الصعيد الحزبي او العسكري . وانطلقت تلك الرؤيا من النهج الإنساني والإرث السلمي لنضال الأسطورة الكوردية الخالد المُلا مصطفى البارزاني الذي كان من ابرز الشخصيات القيادية في القرن الماضي وباتت سيرته ملهمة للشعوب التي تناضل من اجل الحرية والاستقلال .

 

والسلام في فكر القائد مسعود البارزاني لا يشمل الكورد فقط وإنما كل من جاور الكورد او يعيش مع الكورد وان اختلفت وجهات النظر في طريقة التعامل مع القضية الكوردية . وبالرغم من كل ما قدمته عائلته وعشيرته من تضحيات وشهداء الا انه كان ملتزما دوما بتحقيق طموح الشعب الكوردي عبر الوسائل السلمية حتى مع الذين ارتكبوا ابشع الجرائم بحق أمته وعائلته وعشيرته وشعبه . ومقولته المشهورة عندما التقى الطاغية صدام حسين في بداية التسعينيات من القرن الماضي وبعد الجرائم البشعة والمذلة  التي ارتكبها ذاك النظام  بحق الشعب الكوردي من عمليات الانفال  واستخدام اسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا في حلبجة واعدام معظم شباب بارزان ( لقد جئت إليك عائما على بحر من الدماء ولكن نريد السلام لشعبينا وللعراق ).

 

الانسانية في نهج القائد مسعود البارزاني جعلت منه شخصية إقليمية و دولية تتمتع بالاحترام والتقدير حتى عند اعدائه . ففي بداية التسعينيات ورغم الحصار الجائر الذي فرضه النظام الصدامي البائد على شعبنا الكوردي وبدات اعين أعداء الكورد تتفتح على اقليم كوردستان وما سوف تؤول اليه الامور وكيفية اداء هذا الاقليم وهل بامكانه الصمود رغم كل المحاولات التي استخدمها أعداء الكورد للنيل من الشعب الكوردي وإقليمه الفتي ، الا ان حنكة البارزاني ونهجه المسالم كسر كل الحواجز وأزاح كل الإشواك من طريق الأمة الكوردية وبدا يتحاور مع كل الجهات وكان مكان تقدير واعجاب عند كافة الرؤساء والشخصيات السياسية الإقليمية والدولية . وبذلك أصبحت كوردستان وبفضل تلك الحنكة المميزة اقليما معتبرا له مكانته الإقليمية والدولية واصبح القائد مسعود البارزاني رقما صعبا لا يمكن تجاوزه في صنع اَي قرار عراقي او إقليمي والنهج السلمي الذي نتبناه في فكرنا وأيديولوجيتنا إنما هو مستمد من نهج القائد مسعود البارزاني ومن قبله الأسطورة الكبيرة المُلا مصطفى البارزاني .

 

ان العمل الدبلوماسي والسياسي الكوردي اليوم يتطلب منا التعمق والتأمل في سيرة هذا القائد العظيم الذي اصر على اجراء الاستفتاء للشعب الكوردي رغم كل الأشواك المحفوفة في دربه فكان بالاضافة لتاريخه النضالي وانتمائه لعائلة ثورية مناضلة كبيرة رجلا صنع للكورد تاريخا مشرفا لن يتكرر . علينا كجيل عاصر ثورات عظيمة بقيادة القائد البارزاني ان نضع امام التاريخ والشعوب الإنجازات والبطولات كي تبقى حية في ذاكرة الأمة الكوردية . اننا نحتاج الى دراسة تلك المبادئ ونقلها للشعوب المجاورة بالشكل الصحيح ودون استخدام التعصبية الحزبية او القومية ومحاولة الوصول من خلال دراسات موثوقة عن سيرة القائد مسعود البارزاني الى حلول استراتيجية لوضع قطار الأمة الكوردية على السكة الصحيحة للمضي دون عقبات لتحقيق طموح الأمة الكوردية بالاستقلال والسلام وتقبل الاخر .

 

 

 

ان ما حققه اقليم كوردستان اليوم في ظل قيادة الرئيس مسعود البارزاني من تطور أعماري وانساني وتقدم في كافة المجالات حتى اصبح اقليم كوردستان حديث الكثير من الشعوب المجاورة التي يقبع بعض سكان تلك الدول تحت خط الفقر والجهل رغم الامكانيات المادية الكبيرة التي تتمتع فيها دولهم . وهذا يحسب لحنكة وحكمة القائد مسعود البارزاني ونهجه الإنساني . ناهيك عن ان اقليم كوردستان استقبل الملايين من النازحيين العراقيين التي أجبرتهم الظروف الامنية والإرهاب الداعشي على ترك مناطقهم واللجوء إلى الاقليم باعتباره المكان الامن والمعتدل فكريا واجتماعيا ودينيا . ومازالت هناك العديد من العوائل العربية العراقية والسورية تعمل وتأسس لمستقبلها في الاقليم ضمن سياسة التعايش السلمي والاخاء .

 

ان السلمية التي هي نتاج اخلاقي للامة الكوردية فمنذ بدايات الثورات الكوردية ضد الطغاة والمحتلين  لم يصدر من اي قوة سياسية كوردية عمل يخل بالاخلاق والقيم الانسانية في التعامل مع الآخرين .. وهذه القيم الاخلاقية التي انتهجتها ثورةً ايلول المجيدة التي تزعمها الخالد الملا مصطفى البارزاني والتي ادهشت العالم انذاك في طريقة تعاملها مع القضايا الانسانية والسياسة.

 

اليوم يتطلع شعبنا الكوردي ان يعم السلام كافة المعمورة والدول لتنعم شعوب المنطقة بالامان والاستقرار والسلام وتبدا في صناعة المرحلة الأكثر حساسية في تاريخ الشعوب وهي التحول الديمقراطي لبناء دولة القانون والحريات والمؤسسات .

قد يعجبك ايضا