د. نايف كوردستاني
تعدّ الانتخابات بمثابة الوسيلة الأساسية التي تؤهل الناخبين للمشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلدانهم التي بدورها تعدّ حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان كافحت من أجله الشعوب في أنحاء العالم جميعًا، ويعدّ حق الانتخاب في الدول الديمقراطية من أهم الممارسات السياسية، فهي وسيلة لنقل السلطة بطريقة سلمية من شخص إلى آخر، أو مجموعة إلى أُخرى، ومشاركة الأحزاب الكوردستانية في المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان مهمة جدًا لجماهير كوردستان في تلك المناطق، وكل صوت هو عبارة عن تصويت للمادة (140) من الدستور العراقي .
يعدّ العراق المعاصر من أوائل الدول على مستوى الشرق الأوسط التي أجرت الانتخابات، وترعرعت فيها النظام البرلماني، وقد أعلن الملك (فيصل بن الحسين) في يوم تتويجه ملكًا على عرش العراق في (30آب 1921م) عن أوّل عمل سيقوم به هو إجراء الانتخابات التي سيتمخض عنها تشكيل المجلس التأسيسي الذي سيضع دستورًا للبلاد إذ صدرت الإرادة الملكية بتأليف المجلس التأسيسي، وقررت إجراء الانتخابات بانتخاب الممثلين الثانويين أي أن المواطنين الذي يحق لهم الاقتراع ينتخبون ممثلين عنهم، ويقع على عاتق هؤلاء الممثلين انتخاب أعضاء مجلس النواب، وأسفرت عملية انتخاب نواب المجلس التأسيسي، وكان عدد أعضائه (100) عضو، ومن الجدير بالذكر أن عملية الانتخاب جرت من دون وجود إحصاءات رسمية دقيقة بعدد سكان العراق، وقد اعتمدت الحكومة في ذلك الوقت على التخمين فقط، وكانت هناك شخصيات كوردية من الموصل، وكركوك، والسليمانية، وأربيل، ودهوك موجودة في المجلس النيابي.
وعندما تشكّل الكيان العراقي المعاصر في سنة (1921م) لم تكن ولاية الموصل ذات الأغلبية الكوردية جزءًا من العراق إلا أن الملك (فيصل بن الحسين) أعلن بأن ولاية الموصل جزء لايتجزأ من العراق، وأن العراق لا يستطيع أن يعيش، ولو ليوم واحد من دون هذه الولاية، وانضمت ولاية الموصل رسميًا إلى العراق في سنة (1925م)، وبعد تنصيب الملك فيصل على عرش العراق بدأ العمل بتنسيق النظام الإداري على أساس موحّد للعراق، فجرى إنشاء (10) وحدات إدارية إقليمية باسم (اللواء) يرأس كل لواء مُتصرِّف، وفي سنة (1924م) أصبح عدد الألوية (14) لواءً، ومِنْ ثَمَّ انتهاء العمل بقانون إدارة الألوية المُرقَّم (16) لسنة (1945)، وحلّ محلّه قانون المحافظات المُرقَّم (159) لسنة (1969)، وكان أعضاء مجلس المحافظة ينتخبون من مركز المحافظة، ومن الوحدات الإدارية المركزية الملحقة بالمحافظة في حال وجودها .
ولم يكن لمجلس المحافظة أية شرعية، بل كانت صورية لعدم وجود انتخابات ديمقراطية حقيقية ممثلين عن الشعب، وإنما عن طريق التزكيات الحزبية من قبل الرفاق البعثيين، ولم يكن للكورد تمثيل حقيقي يمثل تطلعاتهم، وحقوقهم من سنة (1969م) إلى سنة (2003م) بعد سقوط نظام البعث حتى جرت أول انتخابات شرعية لمجالس المحافظات العراقية شارك فيها الشعب العراقي في (30 كانون الثاني 2005م)، وقد خاض الكورد بمختلف أحزابه السياسية المدنية، والعلمانية، والدينية تلك التجربة الجديدة في انتخابات مجالس المحافظات بمحافظات (نينوى، وكركوك، وديالى، وصلاح الدين).
وبعد عام (2003م) أجرى العراق ثلاث انتخابات محلية لمجالس المحافظات في السنوات (2005م)، و(2009م)، و(2013م)، ومن المقرر إجراء الانتخابات المحلية الرابعة في (18 كانون الأول 2023م) في (15) محافظة، باستثناء محافظات إقليم كوردستان.
وفي أول انتخابات لمجالس المحافظات بنينوى حصل التحالف الكوردستاني على المرتبة الأولى في (30كانون الثاني 2005م)، وضمّ هذا التحالف الحزب الديمقراطي الكوردستاني، والاتحاد الوطني الكوردستاني، والاتحاد الإسلامي الكوردستاني.
وفي انتخابات مجالس المحافظات بنينوى بدورتها الثانية التي جرت في (31 كانون الثاني 2009م) اشترك (31) حزبًا، وكيانًا، وقائمة، وشخصيات مستقلة، وشارك الكورد تحت قائمة واحدة باسم (قائمة نينوى المتآخية) .
وضمّت قائمة نينوى المتآخية (الحزب الديمقراطي الكوردستاني، والاتحاد الوطني الكوردستاني، والاتحاد الإسلامي الكوردستاني، والحزب الشيوعي الكوردستاني، والحزب الشيوعي العراقي، والحزب الوطني الآشوري) .
وحصدت القائمة على ثلث المقاعد في انتخابات مجالس المحافظات في نينوى، وجاءت بالمركز الثاني بعدد المقاعد (12) مقعدًا بعد قائمة (الحدباء الوطنية).
وفي انتخابات مجالس المحافظات بدورتها الثالثة التي جرت في (20 نيسان2013) حصدت قائمة (تحالف التآخي والتعايش) في نينوى (12) مقعدًا، وكانت بالمرتبة الأولى، أغلبهم من الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ومن بعدها قائمة (متحدون) التي حصلت على (8) مقاعد من مجموع (31) مقعدًا ما عدا (3) مقاعد للكوتا (الإيزيدية، والشبك، والمسيحيين).
وأول مرة سيشارك الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقائمة مستقلة في انتخابات مجالس المحافظات بدورتها الرابعة في (18 كانون الأول 2023م) بمحافظات (نينوى، وكركوك، وديالى).
وقد شاركت الأحزاب السياسية الكوردستانية في عام (2005م) بانتخابات مجلس محافظة كركوك بقائمة واحدة سُمِّيت بــــــ (قائمة التآخي)، وفازت بـ (26) مقعدًا من أصل (41) مقعدًا من مقاعد مجلس المحافظة.
وكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني صاحب أكبر عدد من المقاعد بواقع (7) والاتحاد الوطني الكوردستاني (5) مقاعد، والحزب الشيوعي الكوردستاني (3) مقاعد، والاتحاد الإسلامي الكوردستاني (3) مقاعد، والحزب الاشتراكي الكوردستاني (1) مقعد واحد، وحزب كادحي كوردستاني (1) مقعد واحد، وحزب الشعب التركماني (1) مقعد واحد، والمكون العربي (2) مقعدان، والمكون المسيحي (1) مقعد واحد، والمستقلون (2) مقعدان.
ومِنْ ثَمَّ انتقلت مجموعة من أعضاء الأحزاب السياسية إلى الحزب الديمقراطي الكوردستاني، والاتحاد الوطني الكوردستاني، فأصبح عدد أعضاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني (11) مقعدًا، والاتحاد الوطني الكوردستاني (8) مقاعد، والاتحاد الإسلامي الكوردستاني (3) مقاعد، والمسيحيون (3) مقاعد، والمستقلون (1) مقعد واحد.
ولم تجر أية انتخابات لمجالس المحافظات في كركوك سوى واحدة منذ سنة (2005م) حتى الآن.
وفي انتخابات مجالس المحافظات بدورتها الثانية في عام (2009م) حصل الكورد في قائمة (التحالف الكوردستاني) على (6) مقاعد في محافظة ديالى من مجموع (29) مقعدًا، وفي صلاح الدين حصدنا (2) مقعدين من مجموع (28) مقعدًا.
وقد حصل الكورد على (3) مقاعد في ديالى، وعلى (1) مقعد واحد في محافظة صلاح الدين بانتخابات مجالس المحافظات بدورتها الثالثة في عام (2013م) ضمن قائمة (تحالف التآخي والتعايش).
ستتنافس الأحزاب الكوردستانية في انتخابات مجالس المحافظات العراقية على (71) مقعدًا في المحافظات (كركوك، ونينوى، وديالى، وصلاح الدين)، وهي كالآتي: محافظة كركوك (15) مقعدًا، ومحافظة نينوى (26) مقعدًا، ومحافظة صلاح الدين (15)مقعدًا، ومحافظة ديالى (15) مقعدًا.
والأحزاب الكوردستانية التي ستشارك في انتخابات مجالس المحافظات العراقية ضمن تحالفات، وقوائم مستقلة في محافظة كركوك، وهي كالآتي:
– الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقائمة مستقلة.
-تحالف (كركوك قوتنا وإرادتنا) يضم الاتحاد الوطني الكوردستاني، والحزب الشيوعي الكوردستاني.
– تحالف (شعلة كركوك) يضم الاتحاد الإسلامي الكوردستاني، وجماعة العدل الكوردستانية.
– حراك الجيل الجديدة بقائمة مستقلة.
– الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكوردستاني بقائمة مستقلة.
أما في نينوى وديالى فسيخوض الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقائمة مستقلة، وفي صلاح الدين فله مرشحة ضمن قائمة تحالف (الحسم الوطني)، وفي بغداد يدعم مرشح مقعد كوتا للكورد الفيليين باسم (قائمة التآخي للكورد الفيليين) لصاحب التسلسل (212) المرشح ( آزاد أكبر يار كرم).
أما الاتحاد الوطني الكوردستاني فسيخوض الانتخابات المحلية في نينوى متحالفًا مع مجموعة أحزاب، وشخصيات سياسية واجتماعية باسم تحالف (اتحاد أهل نينوى) وبقائمة مستقلة في ديالى وفي صلاح الدين ضمن قائمة الجماهير الوطنية.
أما في محافظة بغداد فسيخوض مرشح الاتحاد الوطني الكوردستاني انتخابات مجالس المحافظات بالرقم (204).
وقد اكتسح الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الانتخابات النيابية التي جرت في (10 تشرين الأول 2021م) في نينوى بعدد مقاعده بعد حصوله على (9) مقاعد، وكان الأول على مستوى المحافظة على الرغم من عدم وجود مقراته الحزبية في نينوى، والاتحاد الوطني الكوردستاني على (2) مقعدين من مجموع (31) مقعدًا.
وتجدر الإِشارة إلى أن الأحزاب الكوردستانية قد حصلت في كركوك خلال الانتخابات النيابية التشريعية الماضية التي جرت في (10 تشرين الأول 2021م) على أغلبية الأصوات، والمقاعد، فكانت حصة الأحزاب الكوردستانية (6) مقاعد، وهي كالآتي:
الاتحاد الوطني الكوردستاني (3) مقاعد، والحزب الديمقراطي الكوردستاني (2) مقعدان، وحراك الجيل الجديد على (1) مقعد واحد من مجموع (12) مقعدًا، وحصل المكون العربي على (4) مقاعد، والمكون التركماني على (2) مقعدين.
أما في ديالى (خانقين) فأن الأحزاب الكوردستانية سيخوضون الانتخابات المحلية بثلاث قوائم هي الاتحاد الوطني الكوردستاني(30 مرشحًا)، والحزب الديمقراطي الكوردستاني (16 مرشحًا)، والحزب الديمقراطي الاشتراكي (4 مرشحين)، والأحزاب الكوردستانية ستشارك بقوائم مستقلة عن بعضها من دون تحالفات.
في حين سيشارك الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكوردستاني، والحزب الشيوعي الكوردستاني في إطار (تحالف قيم المدني). وبحدود (100) مرشح سيدخلون الانتخابات للمنافسة على مقاعد مجلس المحافظة البالغ عددها (26) مقعدًا، ما عدا (3) مقاعد للكوتا.
أما بعض الأحزاب الكوردستانية التي شاركت في انتخابات مجالس المحافظات السابقة في نينوى قررت عدم المشاركة في هذه الانتخابات، مثل حركة التغيير، والاتحاد الإسلامي الكوردستاني، وجماعة العدل الكوردستانية.
أما الأحزاب الكوردستانية التي ستقاطع الانتخابات في كركوك فهم (حركة التغيير، وحزب كادحي كوردستان، والحركة الديمقراطية الكوردستانية).
سبعة أحزاب سياسية كوردستانية سيخوضون الانتخابات المحلية في ( نينوى، وكركوك، وديالى، وصلاح الدين، وبغداد)، وثلاثة أحزاب كوردستانية ستقاطع الانتخابات في نينوى، وثلاثة أحزاب أخرى ستقاطع الانتخابات المحلية في كركوك.
والحزب الديمقراطي الكوردستاني يحصد المراتب الأولى أو الثانية في نينوى وكركوك، ويأتي بعده الاتحاد الوطني الكوردستاني.
في انتخابات مجالس المحافظات السابقة التي جرت في السنوات (2005م)، و(2009م)، و(2013) كان طابع المنافسة ضمن أحزاب سياسية ناشئة من المحافظات نفسها تحامل الطابع القومي إلا أن في ظل هذه الانتخابات المزمع إجراؤها في (2023م) فمن خلال الرصد، والمتابعة فهناك أحزاب دخلت بأكثر من قائمة، ولاسيما الأحزاب الكبيرة، والكتل السياسية الوافدة من خارج محافظة نينوى، وهي ما يمكن تسميتها بــــ (الأحزاب الموسمية) التي تظهر إبان الانتخابات، وبعد إعلان النتائج تختفي مباشرة، وهذه الأحزاب بدأت بفتح مقرات لها في المحافظة، وتستقطب المواطنين عبر الإغراءات المادية من أجل تشتيت الأصوات في نينوى، وكركوك من خلال الاعتماد على الفصائل المسلحة في المناطق الكوردستانية خارج إدارة إقليم كوردستان، واللعب على الورقة القومية، والدينية، والمذهبية، والمناطقية.
يسعى الحزب الديمقراطي الكوردستاني قائمة (الإرادة، والتآخي) لتكريس أسس الأخوة، والتعايش السلمي في إطار نظام ديمقراطي، وفيدرالي، واتحادي في ظل احترام، وتطبيق الدستور الدائم للبلاد، وتبني مبدأ المواطنة، والعدالة، والمساواة، وضمان الحقوق المشروعة للشعوب العراقية في الحرية، والرفاهية، وحفظ الأمن، واستتبابه، واستقرار البلاد كما تكافح القائمة من أجل ضمان حقوق الإنسان كافة، وضمان الحقوق القومية، والدينية، والمذهبية، واحترام، وتطوير لغات، وثقافات القوميات، والمكونات الأخرى في المناطق الكوردستاني خارج إدارة إقليم كوردستان.