صادق الازرقي
من دون شك، فان لأشجار النخيل فوائد جمة، ففضلا عن فوائدها الغذائية والاقتصادية والتصنيعية المعروفة، فان لها ارتباطا وثيقا بالبيئة والمناخ.
ان أشجار النخيل تتمتع بالمرونة بحسب تصميم مزارعها، ويمكنها تحمل درجات الحرارة المرتفعة جدا، وتزدهر في الرمال فضلا عن التربة الاعتيادية، مما يساعد في تثبيت التربة والحد من تشكل العواصف الترابية، كما انها تتعامل مع كمية قليلة جدا من الماء.
وكان العراق يمتلك اعدادا كبيرة من النخيل تسببت الحروب والاستعمال الجائر لجذوعها واجزائها في هلاك الملايين منها، وقد بدأت منذ مدة قصيرة عملية لإحياء زراعتها من جديد، ونأمل ان تكون العملية مدروسة وان ننتقل بزراعتها وتأسيس بساتينها الى أطراف المدن والصحراء لكي يتسنى لنا الاسهام في جعلها مصدرا مهما في تنقية الاجواء والحفاظ على الاراضي الرخوة والرملية وتنقية الاجواء ومنع هدر المياه، كما يمكن في ظل بساتين النخيل زراعة الاشجار الاخرى ومنها الحمضيات.
وعندما نتطلع الى ما الم بذلك الصنف من الزراعة الذي امتاز به العراق طوال الوف السنين، نشعر بالألم، فالوضع كارثي الى الحد الذي بتنا نستورد التمر من دول اخرى بعد ان كنا نصدره ونصنعه في داخل البلد.
تشعر بالغصة حين تكتشف ان دولة مثل الإمارات العربية المتحدة تفوقت على العراق وهي تمتلك الآن أكثر من 40 مليون نخلة، وتصدر ما يزيد عن 221 مليون دولار من التمور كل عام.
كانت لدينا عديد محطات البستنة في العراق، وعرفت مزرعة الزعفرانية في بغداد بتواجد مركز ابحاث خاص بأشجار النخيل، يقوم بتوليد اصناف جديد من التمر، وقد تجاوزت اصناف النخيل في احدى سنوات الثمانينات من القرن الماضي أكثر من 350 صنفا من بينها انواع مستحدثة لم تكن متواجدة سلفا.
لقد كانت الشركة العامة للبستنة والغابات وهي التسمية الحالية لها، ومنذ انشائها في عام 1930تمارس النشاطات الزراعية البستنية الواسعة ومن ذلك اجراء التجارب على اشجار النخيل ومد المزارعين بالفسائل المطلوبة لإدامة انتاجهم الزراعي.
ان الظروف الجديدة التي استجدت في العالم وفي العراق ومن ذلك التغير المناخي الذي يتسبب في مشكلات كبيرة؛ يحتم علينا اعادة احياء نشاطات زراعية تقليدية في غاية الاهمية تركت بفعل ظروف سياسية واقتصادية قاهرة.
فالبلد يعاني من ازمة مائية لظروف شتى، كما تستبد به العواصف الرملية والترابية، وتتعرض تربته الى عوامل التعرية، ما يستدعي اللجوء الى تكثيف الزراعة كأحد الحلول الرئيسة لأزمة المناخ؛ وفيما يتعلق بأشجار النخيل فان دورها هام جدا في هذا الجانب، ويتوجب اللجوء الى زراعتها بشكل واسع، بل حتى عدم الاقتصار على الاشجار المثمرة، اذ يجب الاكثار من زراعة حتى انواع فحول النخيل اذ ان لها فوائدها ايضا في تكوين الطلع الذي يستعمل بدوره في تلقيح اشجار النخيل المثمرة.
ان اوضاع البيئة المتدهورة في العراق وقلة الاطلاقات المائية التي تحتاج لها الزراعة، تحتم علينا اللجوء الى الاشجار التي تتحمل العطش وتعمل على تثبيت الترب، وان التوسع في زراعة اشجار النخيل الى أطراف المدن والمحافظات وفي صحارى البلد، سيكون أحد العوامل الحاسمة في الحد من التغيرات المناخية ومقاومة الجفاف.