من السلوك الاجتماعي الى مسؤولية و نتائج العمل.

* فاضل ميراني

كما يقال من ان الولد سر ابيه، فكذلك يكون الاداء للعمل محاطا و محشوا بنوع العقيدة الاجتماعية، و اقصد بالعقيدة هنا ما يمارسه الفرد من كلا الجنسين في العمل دون تصنع او خوف، اي انه يقدم ما في نفسه لا ما تمليه عليه الضوابط او العقوبات.

كل مصطنع و تصنع زائل ذلك ان النسبية تحكم الانسان وجودا بالاصل، ولذا فأن الذي يريد خيرا لمجتمع ما -سيما الذين يتمتعون بالتكاليف القانونية و السياسية لصناعة قرار المجتمع- عليهم مراجعة الواقع الاجتماعي الذي كلما انحدر او اصابه تلف، كلما توالدت منه مثبطات للتقدم و اضطردت فيه الجريمة.

في التوثيقات التاريخية الدقيقة لأحداث تبدل نظام سياسي، يجد القارئ بروز ممارسات مشابهة للنظام المنقلب عليه، يمارسه الجدد وقد كانوا قبل ذاك يذمونه، ليس هذا سرا يصعب تفسيره، فالمسلك الاجتماعي و عقيدة السلوك الحقيقي تخرج لتعبر عن نفسها متى وجدت الظرف الملائم.

شخصيا لازلت احتفظ بخطوط اتصال اجتماعي خاصة مع طبقات كثيرة في العراق، و من اجيال متعددة، ولا اخفي خشيتي من ان المستقبل صعب، فالحاضر الحقيقي للاغلبية الشعبية يعاني ظروفا ليست من صنع غرباء عن قرار البلاد.

وشخصيا ايضا يقلقني وضع فرد او مجموعة في البلاد تواجه ظرف المعيشة الصعب بسبب تخبط التخطيط الذي لا تعالجه البيانات التي اما تستند على معالجات خاطئة او هي فارغة المحتوى.

بلاد مثل العراق ازدحم تاريخه بالشكوى من انظمة معاقة معيقة كل تركتها في الاغلب جرائم داخلية و خارجية، لابد ان يتم تنبيه قادته ان يخشوا الخاتمة اذا ما استمر ترحيل الازمات و استثمارها ليحظى قسم بتقاعد لا يستحقه و يواجه اصحاب الحق التضييق اما بقصد او بجهل.

عتب اخوي مني ارجو ان يقبله اصحاب قوى الضغط الاعلامي، فيعيدوا التركيز على ثنائية السلوك الاجتماعي و العمل في الخدمة العامة او الوظيفة و السياسة و الحزبية، فيكونوا موضوعيين في كتاباتهم لا انتقائيين مؤيدين لكل طرح سياسي او تنفيذي، ذلك ان الانخراط بلا وعي في التأييد هو الاخر امر من مخرجات انكفاء السلوك الاجتماعي.

انا ممن يعتقد بتقصير الاجهزة السياسية و التنفيذية التي تدافع عن خروقات قسم من العاملين فيها ممن يستغلون السلطة فيقولون في التبرير ان هذه حالة فردية!.

ليس هذا منطق سليم، و الا فأن كل الانظمة السابقة التي حكمتنا و قتلتنا و شردتنا و نهبتنا و كذبت علينا، سيكون لها ان تحتج بأن افعال السوء حالات فردية، وهذا امر يجافي الحقيقة و العدالة، نعم الجريمة شخصية، لكن الاشتراك في الجريمة ليس مغتفرا لا قانونا و لا شرعا.
اهمال تأهيل السلوك الاجتماعي ظهرت نتأئجه مبكرا بعد ٢٠٠٣.

* مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكردستاني

قد يعجبك ايضا