صادق الازرقي
اصبحت عملية الاهتمام بالطبيعة وتحسين حياة السكان عن طريق خلق بيئة نظيفة، عاملا اساسيا في تكوين صحة سليمة للفرد جسديا ونفسيا، بما يسهم في رقي الانسان ويفتح طاقاته للعمل والابداع، ولعل في زيادة معدلات أعمار بني البشر في الدول المتقدمة، من أبرز مظاهر الاهتمام ببيئتهم وصحتهم، وهم يبتكرون دوما الوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك.
وتقود المدن الذكية الطريق في استغلال التكنولوجيا لتقليل التعرض للمواد السامة وتحسين الصحة البيئية، عن طريق استعمال أجهزة الاستشعار المتقدمة والبيانات والتحليلات والبنية التحتية الخضراء وأنظمة إدارة النفايات.
ففي هيوستن، بتكساس، وغيرها من الولايات والمدن في الولايات المتحدة الامريكية نفذت المدينة نظام مراقبة الهواء في الوقت الحقيقي؛ يستعمل النظام أجهزة استشعار لقياس جودة الهواء وتقديم ملاحظات بشأن الانبعاثات، ثم يجري استعمال هذه البيانات لإبلاغ القرارات بشأن كيفية الحد من تلوث الهواء.
تساعد جميع هذه المبادرات المدن على تقليل تلوث الهواء وتحسين الصحة العامة.
وتظهر الدراسات الحديثة، ان إدخال تقنيات المدن الذكية يمكن أن يكون له آثار إيجابية على الصحة العقلية للأفراد، اعتمادًا على كيفية استعمالها، اذ يمكن أن تساعد هذه التقنيات في تقليل التوتر والقلق عن طريق توفير الوصول إلى المعلومات التي يمكن أن تساعد الأشخاص على إدارة حياتهم بشكل أفضل.
من أهم عناصر أي مدينة ذكية قدرتها على تسهيل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، بدءا من تحسين وسائل النقل العام وحتى تقديم خدمات رعاية صحية أكثر كفاءة، وفضلا عن ذلك، يمكن أن تساعد أنظمة النقل الذكية في تقليل الازدحام المروري، مما يسهل على العاملين في مجال الرعاية الصحية الوصول إلى وجهاتهم والوصول إلى مزيد من الناس، ويمكن لمنصات التطبيب عن بعد والسجلات الصحية الرقمية أن تساعد مقدمي الرعاية الصحية في الوصول إلى معلومات المرضى بسرعة ودقة، ما يقلل أوقات الانتظار ويحسن نتائج المرضى؛ يمكن أيضا استعمال حلول المدن الذكية لمراقبة البيانات الصحية، مثل جودة الهواء أو التلوث الضوضائي، التي يمكن أن تساعد في اتخاذ قرارات الرعاية الصحية.
وتساعد حلول المدن الذكية في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية عن طريق تسهيل اتصال الأشخاص بالموارد الصحية. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد الأنظمة الأساسية والتطبيقات الصحية الرقمية في ربط الأشخاص بمقدمي الرعاية الصحية.
كما تتطلع المدن بشكل متزايد إلى اعتماد استراتيجيات المدن الذكية لتحسين تقديم الخدمات الأساسية، وخلق الفرص الاقتصادية والاجتماعية، ومعالجة الأسباب الجذرية لانعدام الأمن الغذائي.
تلك هي ابرز وظائف المدن الذكية؛ وبالتأكيد فنحن في العراق احوج ما نكون اليها قياسا الى ارتفاع مؤشرات التلوث التي تصنف العراق، لاسيما العاصمة بغداد في طليعة المناطق الاكثر تلوثا في العالم، وترتفع لدينا نسب الامراض المتعلقة بمخاطر التلوث، بخاصة في جنوب العراق، كما ان الزخم المروري لدينا على اشده وتعاني الشوارع والمدن والاسواق وغيرها من ضروب الحياة من فوضى يومية، تثقل كاهل السكان وتتسبب في معاناتهم النفسية والجسدية؛ لذلك وغيره من الاسباب، فان التفكير بتطبيق اسلوب المدن الذكية في العراق يمثل اولوية يجب عدم التهاون ازاءها، لاسيما ما يتعلق بمتابعة صحة السكان.