علي نجم العبدالله
تعتبر المؤسسات الدينية من أهم المكونات الثقافية والاجتماعية في المجتمعات، إذ تمتلك تأثيرًا كبيرًا على شكل القيم والمعتقدات لدى الأفراد. ويأتي دور المؤسسات الدينية في تنمية الوعي السياسي وتعزيز المشاركة المدنية كمحور مهم لتطور المجتمعات من خلال:
● تقديم المفاهيم والقيم السياسية: تلعب المؤسسات الدينية دورًا هامًا في تقديم المفاهيم والقيم السياسية للأفراد، من خلال خطب الجمعة والمحاضرات والأنشطة الدينية، إذ يمكن للمؤسسات الدينية تبني مفاهيم العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والمساواة، والمشاركة المدنية. تلك القيم يمكن أن تشكل أساسًا للتفكير السياسي السليم والتحفيز للمشاركة الفعالة في الشؤون العامة.
● تعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية: تعزز المؤسسات الدينية غالبًا مفهوم المسؤولية الاجتماعية والاهتمام برعاية الفقراء والضعفاء وتحقيق المساواة. يمكن تطبيق هذا المفهوم على الساحة السياسية من خلال تشجيع المشاركة في الحوارات العامة، الانتخابات، والعمل التطوعي لتحقيق العدالة في المجتمع.
● التوجيه والارشاد: تقدم المؤسسات الدينية توجيهاً وارشادًا لأتباعها حول كيفية التعامل مع القضايا السياسية والمشاركة فيها. إذ يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في توجيه الأفراد نحو المشاركة بطرق بناءة وسلمية، مع تعزيز التعبير عن آرائهم بشكل مسؤول ومؤثر.
● التسامح والوحدة: على الرغم من أن المؤسسات الدينية قد تختلف في تعاليمها ومعتقداتها، إلا أنها غالبًا ما تشجع على التسامح وبناء جسور التواصل بين مختلف الثقافات والمجتمعات. قد يساعد هذا الترويج للتسامح في تعزيز الوحدة المجتمعية والتعايش السلمي، والذي بدوره يسهم في تحقيق الاستقرار السياسي.
وبالمقابل، يمكن أن يسفر عدم التوعية السياسية من قبل المؤسسات الدينية عن فقدان التوجيه الأخلاقي والقيمي في الساحة السياسية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب نقص الوعي السياسي في المجتمع من تقليل قدرة الأفراد على المشاركة بفعالية في العملية الديمقراطية. مع ضرورة التنبيه إلى أن هذا الفراغ الذي ينتج عن تراجع المؤسسات الدينية يمكن أن يفتح الباب أمام الأفراد لانتهاج خطاب ديني متطرف واستغلاله لأهداف سياسية.
ويمكن القول أخيرًا، إن دور المؤسسات الدينية في تنمية الوعي السياسي والمشاركة المدنية للأفراد لا يمكن أنكاره، إذ أن تلك المؤسسات تلعب دورًا مهمًا في توجيه وتشجيع الأفراد على المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والمجتمعية، ما يساهم في تطوير المجتمعات وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء جيل واعٍ سياسيًا يسهم في تحقيق التغيير الإيجابي.