الكاتب والباحث: سردار علي سنجاري
الجزء السادس
١- توزيع مقر قيادة الثورة الى قاطعين حسب الموقع الجغرافي ويكون قاطع بهدينان الاول ويبدا من راوندوز حتى زاخو وان يتولى الشهيد الخالد ادريس البارزاني مع بعض اعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية القاطع . والقاطع الثاني يبدا من منطقة گه لاله حتى خانقين ويتولي السيد مسعود البارزاني القاطع مع عدد من اعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية . اما البارزاني الخالد ترك تحديد موقعه لنفسه .
٢- قررت قيادة الثورة شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية من ايران التي كانت المنفذ الوحيد لاقتصاد كوردستان وان يتم توزيعها بشكل مدروس في مناطق متفرقة من كوردستان بغية استمرار الثورة وعدم استخدام سياسة التجويع .
٣- تقرر تقليص عدد افراد البيشمه ركة من ٦٥ الف مقاتل الى حوالي ٢٠ الف مقاتل وذلك من اجل تخفيف الاعباء المالية عن كاهل الثورة ولان المرحلة القادمة سوف تختلف من الناحية العسكرية التكتيكية حيث سوف يكون اعتمادها على نوع اخر من الحرب . وعليه تم ابلاغ البيشمه ركة من كبار السن والمرضى واصحابي العوائل عن تلك القرارات وان يختاروا في البقاء او اللجوء الى معسكرات اللاجئيين في ايران .
للتاريخ اقول وكما خبرني والدي المناضل علي سنجاري الذي كان مسؤولا عن الفرع الخامس ومقره في خانقين انذاك بان في قاطعه فقط كان حوالي ٢٥٠٠ من البيشمه ركة وانه عندما طلب من كبار السن والمقاتلين الذين ليس لديهم معيل سواهم في ان يقرروا اما البقاء او الذهاب الى معسكرات اللاجئيين كان الاجماع على ان يبقوا جميعا في صفوف الثورة وان تستمر الثورة كما بدات سنة ١٩٦١ من دون دعم ايران او اي جهة اخرى وان الشعب الكوردي الذي قاوم الانظمة السابقة بسلاح البرنو و رغيف خبز وحقق الانتصارات تحت قيادة زعيمه الملا مصطفى البارزاني هو نفس الشعب ونفس القائد .
هنا او. الاشارة الى دور اتحاد طلبة كوردستان واتحاد نساء كوردستان البطولي في رفع معنويات الشعب الكوردي والقيام بدورهم النضالي ومشاركتهم الفعالة وتواجدهم في الخطوط الأمامية في جبهات القتال .
عندما علمت الحكومة العراقية ونظام البعث ان البارزاني الخالد قرر مواصلة القتال وانه عازم على المضيء في مطالبة حقوق شعبه بالسلاح لطالما اغلقت كل ابواب السلام في وجهه طالبت من صدام حسين الذي اشرف بنفسه على الاتفاقية ان يتواصل مع شاه ايران ويبلغه قلق الحكومة العراقية من البارزاني والثورة الكوردية في الاستمرار بالقتال . قام صدام خسيت بارسال رسالة الى شاه ايران بواسطة وزير الخارجية العراقي الاسبق سعدون حمادي الذي وصل طهران في ١٥ / ٣ / ١٩٧٥ حاملا رسالة قلق وارتباك وفيها شي من الترهيب بالغاء الاتفاقية اذا ام تتحرك ايران في انهاء ثورة البارزاني .
ومن اجل ابراز حسن النوايا باتجاه اتفاقية الحزائر الخيانية قام شاه ايران بالاتصال بوزير الخارجية الاميركي هنري كيسنجر وشرح له قرار البارزاني في الاستمرار بالقتال وابدى تخوفه من العراق سوف ان يلتزم ببنود الاتفاقية لطالما ان البارزاني مستمر في ثورته .
لم يكتفي الشاه في التواصل مع كيسنجر انما عقد اجتماعا مطولا مع السفير الامريكي في ايران الذي كان على اطلاع بما يجري في كوردستان العراق وعلى ما جرى بين العراق وايران . وكذلك التجاء شاه ايران الذي لم يهدا له بال حتى يحقق ما وصل اليه من امتيازات وتنازلات عراقية من شط العرب لصالح ايران وهذا بحد ذاته مكسب وطني ايراني يضاف الى سجل الشاه الداخلي الذي كان قد بدات شعبيته بالانحدار بسبب الترف والرفاهية التي كان يظهرها هو وافراد عائلته الشعب الايراني الذي كان يعاني الفقر في غالبيته ، لتركيا ورئيسها سليمان دميريل الذي ابدا استعداده التأم للتعاون مع ايران سياسا وعسكريا في القضاء على البارزاني وثورته لطالما كانت تلك الثورة تسبب انزعاجا كبيرا للنظام الطوراني التركي . هكذا تم الاتفاق والتأمر بين الدول الثلاث التي تهيمن على اجزاء كبيرة من كوردستان وبالتعاون مع امريكا في القضاء على الثورة الكوردية والبارزاني .
في ١٧ / ٣ /١٩٧٥ وصل مبعوث شاه ايران منصور بور بصحبة السفير الامريكي في ايران واحد ضباط جهاز السافاك الى حاجي عمران واجتمعوا بالبارزاني الخالد حيث تم اخبار البارزاني الخالد برغبة شاه ايران التراجع عن قرار الثورة في الاستمرار بالاقتتال وان يتم وقف الاقتتال موقتا وان يكون البارزاني الخالد ومن معه ضيوفا عند شاه ايران بينما يتم التواصل مع الحكومة العراقية لايجاد الحلول الممكنة في منح كورد العراق حكما ذاتيا . ولكن منصور بور الذي كان من اصول كوردية ابلغ البارزاني بطريقة غير مباشرة عن نوايا شاه ايران باتجاه البارزاني وانه من الممكن ان يتم التعاون العسكري الثلاثي ويقصد ( العراق – ايران – تركيا ) لانهاء ثورة ايلول عسكريا وهذا ما ابلغه السفير الامريكي البارزاني الخالد في نفس الجلسة .
هنا ادرك البارزاني حجم المؤامرة التي تحاك ضده شخصيا وضد ثورته المباركة وان الاستمرار في الاقتتال يعني الانتحار الذي قد يدفع الشعب الكوردي ثمنه في كافة اجزاء كوردستان وليس كوردستان العراق لان ثورة البارزاني كانت ثورة الامة الكوردية جمعاء وليس ثورة كورد العراق فقط .
وفي ليلة ١٧-١٨-/ ٣ /١٩٧٥ اجتمع البارزاني الخالد مع نجليه الشهيد الخالد ادريس البارزاني والرئيس مسعود البارزاني واعضاء القيادة ومن اجل انقاذ الموقف وعدم انهيار ثورك الشعب الكوردي التي قدمت الالاف الشهداء ولفسح المجال امام حزب البعث كاخر محاولة لايجاد صيغة للاتفاق مع البعثيين من دون التنازل عن حقوق الشعب العراقي الوطنية لشاه ايران ارسل المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني برقية الى مجلس قيادة القوة العراقية لوضعهم امام مخاطر وحجم الاخطار التي ممكن ان تقود العراق الى منعطف لا يحمد عقباه وهذا ماتم بعد سنوات قليلة حيث دخل العراق في حرب طويلة الامد مع ايران استمرت لثمان سنوات نزفت طاقات العراق البشرية والاقتصادية والعسكرية .
طالب المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكوردستاني الحكومة العراقية لايجاد حل ثابت ومعقول لحل الخلافات والمشاكل بين الجانبين بعيدا عن تدخل الغير وان الثورة والحزب على استعداد للدخول في حوار فوري مع الحكومة وحزب البعث وذلك حفاظا على الوحدة الوطنية .
كان رد الحكومة العراقية في ١٩ / ٣ /١٩٧٥ ردا سلبيا لا يحمل اي شعور بالمسؤولية باتجاه العراق وقضاياه الوطنية .
في نفس تاريخ وصول برقية مجلس قيادة الثورة التي اتسمت بالغرور ومعادات الكورد والبارزاني وثورته المباركة اعلنت محطة اذاعة صوت كوردستان الناطقة باسم الثورة الكوردية لانها سوف تتوقف عن البث لاسباب قاهرة خارجة عن ارادة الحزب والثورة .
في ٢٠ / ٣ / ١٩٧٥ صدرت برقية مشتركة من مقر البارزاني الخالد والمكتب السياسي للحزب موجهة الى كافة فروع الحزب ومقرات البيشمه ركة جاء فيها :
لقد تعرضت الثورة الى مؤامرة دولية خطيرة مما بات من الصعوبة الاستمرار في الثورة . وتعرض شعبنا الى الخراب والدمار . بلغو كافة البيشمه ركة والمواطنين ممن يرغبون بالعودة الى العراق والاستفادة من قرار العفو .
اما بالنسبة الى الكوادر الحزبية والمسؤولين العسكريين فمن الافضل الانسحاب الى معسكرات اللاجئين في ايران لانه ليس هناك ضمانات على حياتهم في حالة عودتهم الى العراق . انتهت .
هذه البرقية الاخيرة التي هزت جبال كوردستان وشعبها ورجالها ونسائها وكانت نهاية ثورة ايلول المجيدة ولكن الشعب الكوردي ربما انحنى في تلك الحقبة ولكن ام ينكسر فالكبار قد يمحنون ولكن لا ينكسرون ابدا . وبدات مرحلة جديدة وثورة جديدة ثورة كولان المجيدة التي اثبتت للعالم ان الشعب الكوردي الذي يسير في درب الموت لا تهزه انتكاسة او مؤامرة وانه ماضي في تحقيق اهدافه بكافة الطرق وان كانت الكلفة عالية فالشعب الذي لا يقدم التضحيات من اجل موطنه لا يستحق ان يعيش على تلك الارض بكرامة .
بعد اتفاقية الجزائر الخيانية ١٩٧٥ قال الخالد الملا مصطفى البارزاني: ان الثورة الكوردية سوف تعود اقوى واشد من قبل وسوف نستمر بالنضال ، الشعب الكوردي في العراق وفي كافة اجزاء كوردستان محروم من ابسط حقوقه القومية والانسانية وانه لم يقوم بثورته وحمل السلاح وتقديم التضحيات من اجل ان يصدر عنه عفو عام.