ماجد زيدان
منذ سقوط النظام الدكتاتوري والطبقة الحاكمة تعلن باستمرار انها بصدد تفكيك القطاع العام وبيعة كخردة تنفيذا لسياسة الحاكم المدني الاميركي بريمر وان الحكومة تنهج سياسة الخصخصة على اساس الاقتصاد الحر بذريعة فشل هذا القطاع, حتى انها لا تميز بين هذه المؤسسة او تلك على وفق الجدوى الاقتصادية من بيعا او تأهيلها او السماح لها بالنشاط الانتاجي مجددا , رغم انها تدفع رواتب للعاملين فيها بصعوبة وتقطير دفع المنتسبين اليها الى التظاهر والمطالبة بالتراجع عن هذه السياسة المدمرة والموجعة لهم وللاقتصاد الوطني , وطرحوا حلولا جدية لاستئناف نشاطها الانتاجي ولكن دون جدوى لان القرار اتخذ بتصفيتها رغم ان العشرين سنة الماضية ثبتت ان هذه السياسة , سياسة بيع قطاع الدولة وتمزيقه , تشكل خسارة لاقتصاد البلد .
ويتناسى ويتغافل المعنيون عن التجارب الدولية , بل وعن وجود قطاع دولة ذا ثقل في تكوين الاقتصادات حتى في البلدان الرأسمالية الكبيرة كالولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما , والتي تدعونا الى تجربة لا تتناسب مع اوضاعنا لإفقار المزيد من ابناء شعبنا .
الحكومات نفذت سياسة الخصخصة تحت خيمة الاستثمار وجلب الرأسمال الاجنبي من دون اعلان خشية ردود فعل المواطنين والعاملين في هذه القطاعات ,فعلى سبيل المثال تم تأجير ارصفة الموانئ الى الشركات المسجلة في الخارج بشروط مجحفة اذ تحصل هذه الشركات على 88% من الواردات فيما تحصل الموانئ على 12% حسب تصريحات للنائب في مجلس النواب مصطفى سند , انه نهب واضح فالأرصفة جاهزة للعمل وليس هناك ما يعيقها وبإمكان الموانئ ادارتها وتشغيلها , ولكنها حمى الاستثمار غير المدروس وكذلك الحال مع المدارس الصينية, ( العمال عراقيون والمقاولون الثانويون محليون والمواد من السوق المحلية ..) وليس لنا الا ان ندفع للصينيين نسبة لا باس بها من اموال الشعب لوجود احدهم يشرف على عدد منها ولدينا الاف المهندسين يعانون من البطالة , هل يوجد هدر اكثر من هذا ؟
ان الصناعة الوطنية يتم تفكيكها ورهنها للرأسمال الخاص الاجنبي والمحلي بزعم تطويرها الذي لم يتحقق ولم يسلم من هذه السياسة الكثير من المنشآت الاقتصادية الناجحة او التي يتم تشغيلها بأيادي وخبرات وطنية ورأسمال ليس بالكبير يمكن توفيره من الموارد العراقية اذا ما احسنت الحكومة ادارتها للمال العام وابعدت الفاسدين عنه ,و بالتالي تغطية السوق المحلية وتغير المعادلة المختلة في الاقتصاد بتحسين نسبة مساهمة الصناعة في تكوين الناتج المحلي الاجمالي وتخفيف الاعتماد على النفط تدريجيا .
السوق العراقية واعدة وقادرة على استيعاب الانتاج الوطني اذا ما اعتمدت الحكومة سياسات اقتصادية سليمة وبالتالي عدم التفريط بما هو قائم منها ومتوفرة مستلزمات انتاجه عراقيا كمشاريع الاسمدة والاسمنت والحديد والصلب والتعليب لبعض المنتجات الزراعية .
وليس خافيا ان الاتجاه نحو استثمار المعامل والمصانع المربحة يشكل خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني بل تدميره لأجل اثراء حفنة من النافذين بالسلطة من خلال عقود ورطوا البلد فيها لعشرات السنين او انهاء هذه المعامل من الوجود وتشتيت العاملين فيها وتشريدهم .
ان اتباع احلال سياسة الاستيراد محل الانتاج الوطني مدمرة وتبقي البلاد في وضع التخلف والازمات المستمرة واغناء فئة من الذين يرتبطون بالسلطة واحزابها ومكاتبها الاقتصادية على حساب نشوء فرص عمل جديدة وتحقيق التوازن والاستقلال الاقتصادي بين قطاعاته المختلفة وابقاء البلاد سوق رائجة للدول الاجنبية .