زوج الدبة

محمد رشيد 

الصدفة هي تلك الغمامة السوداء التي امطرتني رعدها المدوي بدل مَطرها الذي كانت تنتظره زهوري الظامئة للحب والتي  جعلت حياتي تأخذ منحى آخر ومنعطفا خطيرا غير الذي كان من الممكن أن يحدث أو المخطط له من قبل الــ (……..) .          

    كانت نوبتي في تلك الحراسة الليلية وأنا اؤدي أمرا على سور إحدى الرابيات في منطقتنا الشمالية مكرها هي السبب الرئيس لهذا الحال الذي اصبحت عليه الان…. افقت بعد فترة من الغيبوبة في مكان صخري مظلم  وحالك في أمكنة أخر ,جدرانه محدودبة بعض الشيء , سقوفه تقعرت وتحدبت راسمة أشكالا توحي لمعانٍ شتى , وجدت بالقرب مني ما لذ وطاب من الفواكه والخضر مفروشة على أوراق شجر كبيرة …بعض هذه الفواكه لم أشاهدها من قبل وقد تعذرعليَ تسميتها كذلك الخضروات ,خشيت باديء الأمر أن أتناول من تلك الفواكه والخضروات المجهولة لكنني في نهاية الأمر  رضخت  لقسوة الجوع الذي آلمني  وتناولتها , بعد أن هدأت ثورة الجوع في دواخلي باتت الأسئلة تتزاحم في مخيلتي عن كيفية وصولي إلى هذا المكان ومن الذي اوصلني ؟؟ و…و…إلى أن أفقت على صوت دحرجة صخرة كبيرة جدا… شعرت إهتزاز المكان برمته …تسلل من خلال الدحرجة بصيصا من الضوء راح يرسم نوره على أرجاء المكان طاردا آخر  ما تبقى من عباءات الظلام وماهي إلا ثوان حتى عاد الوضع إلى ما هو عليه يصحبه صوت أقدام كبيرة بدأت شيئا فشيئا تخطو إتجاهي ..اختبأت في مكان ما لأعرف ماهية هذا الشيء لكن في لحظات وجدت نفسي مرفوعا من ملابسي متوجها عنوة باتجاه المكان الذي أفقت منه قبل قليل .. فوجئت برؤية دبة بيضاء كبيرة مكشرة عن أسنان  لاتعرف الرحمة …غزاني الخوف …تملكتني القشعريرة ….يا الهي كيف السبيل للصحو من هذا الكابوس ؟؟…كيف السبيل إلى النجاة  ؟؟….المنافذ كلها مغلقة ولا مفر ..انفرجت أساريرها حينما رأت الطعام وقد اختفى منه الكثير …لكني امتلأت رعبا وفكرت أن اختبىء في اقرب فرصة اقتنصها لكن لا يوجد في هذا المكان سوى ثقوب صغيرة جدا لا تستطيع أن تتسلل من خلالها سوى أشعة الشمس …بدأت الدبة تقترب مني وفكرت حينها أن استسلم لها وأعطيها كل ما ترغب فيه كان هذا قراري الأخير بعدما عجزت عن إيجاد  أي مهرب وتمنيت فقط  أن اصل أليه ولكن المكان برمته بان لي كقنينة محكومة بسدادة  لا تخترق لتحكيمها وثقلها … بدأت الدبة تطعمني بيد ويدها الثانية راحت تعاملني وكأنها امرأة خبيرة بشؤون الجنس لكنها لا تعير أدنى اهتماما لمخالبها التي راحت ترسم على بعض تضاريس جسدي خطوطا حمر مصحوبة بحرقة (تذكرت حينها مخالب الحروب وهي تنطفيء في جسدي) ..راحت تحضنني كمومس فقدت المطرالذي كان يهطل عليها مدرارا حيث كانت ترتوي منه لترمم شقوقها , وكلما بدأت بالانسحاب منها مخترعا في سري حججا واهية تبدأ بالتكشير عن أنيابها التي ارتسم على حافاتها البيض المدببة  عتمة الموت وتطلق لعابها و اصواتا قتلت في دواخلي كل ما كنت أفكر فيه حينها لذا رحت افعل مكرها كل ما ترغب به مرغما  بعدها بدقائق اظل اتقيأ وتظل هي تطلق اصواتا عالية جدا اشعر أن الكهف برمته سينهار على رأسي بعدها  تستلقي وتتدحرج على الأرض مترجمة متعتها التي اغتصبتها عنوة مني لتغط  بعد هذه العملية بنوم عميق وتخرج بعدها كالعادة لدحرجة الصخرة التي تتربع على فم المغارة تمسكني من كفي وتريني الطبيعة ولكن أية طبيعة تلك إنها حقا جنة من الجنان التي وصفها الله لنا ولأول مرة في حياتي تحققت المقولة التي دائما نكررها (الماء والخضراء والوجه الحسن ) لكن هنا اقول و(الدبة المومس) , بقينا على هذا الحال شهورا طوال وعندما تبدأ الشمس توميء لنا براحتيها لتودعنا تدخلني عنوة إلى مغارتها لتغلقها وتسدل الستار على تلك الطبيعة الساحرة وأظل انا كالعادة اتحاور مع ذاتي دون ان اجد اي قشة اتعلق بها من هذا الطوفان الازلي . في يوم ما تأخرت الدبة عن موعدها المقرر ….بقيت انتظرها …

وجبات عديدة تمر ولم تأت … الجوع هذه المرة راح يذلني أكثر من أي شيء مرعلي حينها فقط عرفت أن الجوع هو النواة الحقيقية لكل الثورات ..رحت اشعر بالدوار والخمول ولم اعد أحرك أي شيء من جسدي قط عرفت وقتها أن مصيري ارتبط بحياة هذه الدبة …لم تنطفىء ثورة الجوع التي انبثقت من  أحشائي حتى مخلفات الطعام الذي تركناه جانبا في الأيام التي مضت عندما كان يفيض عن حاجتي لم يسعفني سوى ساعات قليلة جدا …أخيرا بت أحس أن جسدي تغزوه قشعريرة غريبة لم أتعرف عليها مسبقا  ولم اعد أحس بأي شيء سوى التفكير بإجازتي الدورية التي كنت أناضل لأحصل عليها لكي انزع الملابس الكاكية القذرة ورحت أفكر بمن كانت تنتظرني والتي يرق لها قلبي , تمتمت في سري ….ماذا سيقولون عني بعد هذا الانقطاع  ؟؟ هل إنني مت ..؟؟ أو …أو…

فجأة صحوت على ماء شديد البرودة يندلق على وجهي …شاهدت بعينين نصف مغمضتين (دبتي) وقد حملت بيدها ما لذ من الطعام ويدها الأخرى مصابة تنزف دما أفقت كليا لكنني عاجز تماما عن الحركة  ولكن بعدما تناولت الطعام تحسست أن الشقوق التي في دواخلي التي خلفها الجوع قد رمم بعضا منها  بعدما ارتويت وشبعت …جلست أضمد جرحها الدامي الذي بدا لي إنها أصيبت بطلق ناري نافذ نامت الدبة ولأول مرة تنام دون أن تطلب مني مواقعتها   ….  بقي جزء من فم المغارة مفتوحا بسبب عدم قدرة الدبة على دحرجة الصخرة بالكامل لمكانها المعتاد فكرت مباشرة بالتحرر من هذه المغارة والدبة معا معتقدا أنها الفرصة الوحيدة التي وهبها الله لي لكن هل يجوز لي ان اتركها وهي جريحة تئن من الألم لماذا لا ادعها تتماثل للشفاء وبعدها اهرب…؟؟ كلا  كلا  إنها الفرصة الوحيدة يجب أن اغتنمها وآلا فاتت  علي  وما أن هربت من المغارة بقليل من الخطوات تعرضت لهجمات عدة لحيوانات مفترسة ولكن الله دائما ينجيني ..بت في العراء في الليل وعندما شقشق الفجر واصلت سيري حيث لا ادري اين وصلت  حتى التقيت ب (دورية) يبدو إنهم من وحدتي يعتمرون بيريات حمر طالبوني بإثبات هويتي التي فقدتها ولكن احدهم تعرف عليَ على الرغم من المظهر السيئ التي كنت فيه قال إلى رئيسه انه (هارب ) ومطلوب للعدالة وسرعان ما قيدوني وانهالوا علي بالضرب في كل مكان وكأنني عدوهم الأول حاولت الهرب منهم لكن راح الدم ينزف من كل مكان في جسدي ووجهي حتى تضببت الرؤيا لدي تمتمت  وقتها نادما: (حقا ان الحيوانات المفترسة اكثر رأفة علي من الهؤلاء) بل وأكثر شفقة, فجأة صحوت على صراخهم وهروبهم ليتركوني اسبح في دمي مرميا على الأرض ما هي إلا ثوان  حتى صحوت على صوت(دبتي) وهي مكشرة أنيابها لهم وراحت تسحبني من الأرض وأنا خجل من فعلتي هذه ماذا سأقول لها وهي تحملني كأبن لها حقدت على بني جنسي البشر وأفعالهم الشريرة وأقسمت ان اترك البشر كلهم وأبقى مع الدبة لآخر لحظة في حياتي … إنها فعلا تستحقني بلا منافس ….أيعقل ان حيوانا مثل هذه الدبة تكون علي ارحم من البشر لا لا لا لا يمكن تصديق  هذا المشهد الذي مر علي قبل قليل الموازين كلها اختلت الكتب التي قرأتها… المحاضرات التي ناقشت ونوقشت فيها ….المؤتمرات التي دعيت لها كلها أمام  هذه الواقعة غدت لاشيء لذا قررت أبقى مع دبتي حبيبتي الى الابد …وصلنا كهفنا الدافىء ولأول مرة طلبت من الدبة مواقعتها وبمحبة  بعدها استسلمنا  كليا للنعاس بعد أن أمضينا  ليلة حمراء لا تنسى أبدا  ….مرت الأيام وأنا سعيد جدا  وحينما كانت  تتأخر قليلا كنت اقلق لتأخرها من صياد يجيد التصويب وافقد دبتي الثلجية ..بعد فترة  طويلة من الليالي الحمر التي كنا نتمتع بها سوية وفي ساعة متأخرة من الليل صحوت على صراخها تصورت ان شيئا ما يؤلمها ولكن في حقيقة الأمر تأكدت انها على وشك الولادة رحت أساعدها قدر استطاعتي من المعرفة في هذا الجانب حتى ولدت جنينا جميلا يشبهني تماما ولكن جسده كان يكسوه فراءا ابيضا كندف الثلج .. سعدت أي سعادة بطفلتي الجديدة والتي بمرور الأيام راحت تأخذ بعض من ملامح خالتي رحمها الله حتى ضحكتها وعينيها سبحان الله الخالق  بمرور الايام بدا عشَنا الزوجي هذه المرة يدب فيه دفئا من نوع آخر لم اكن أحس به مسبقا …..استمر هذا الدفء حتى راحت تلد لي ابنة أخرى وهكذا راحت الولادة واللعب مع الأطفال تستهوينا إلى أن صار لدينا ثلاث بنات وصبي  هنا بدأ تحولا جديدا في حياتنا إذ أن المحبة والحنان والعطف سيطروا وعرشوا على (عالمنا الكهفي) بمرور الأيام اكتشفت ان زوجتي الدبة راحت تنسلخ عن ملامحها الحيوانية وتبدو أكثر شبها بالإنسان حتى فرائها الأبيض راح يختفي تدريجيا لتشرق علي في ليلة ليلاء بجسد ناعم وبض وكأنه استحم بنور القمر حتى مخالبها تحولت إلى أنامل رقيقة مدببة ومن فرط إعجابي بها نسجت لها من نبات معين خاتم دليل ارتباطي وحبي لها هكذا تحولت الأمور بشكل أفضل من السابق صار لها شعرُ كشلال فاحم كالليل و…و… باتت ملامحها تغريني أكثر من ذي قبل واعتقد بل اجزم أن الحضارة  بدأت مع هذا التحول الانيق …الان بعدما افتقدتها زمنا طويلا…. فترة قليلة مرت  راحت تتعلم النطق أي بدأنا نتحاور ونتجاذب أطراف الحديث بمحبة وشوق وغزل بعدما كنا نتفاهم بالإشارات ولما بت أخشى عليها من الخروج كان لزاما علي أن اخرج بدلا عنها لأوفر لهم  الطعام و..و…وعدت أنا المسئول الأول عن هذه العائلة وعن كل شيء يحيطها وفكرت بشكل واضح ومنطقي  أن نغادر الكهف ونخرج لنعيش في مكان أفضل أنا وزوجتي الدبة والتي ما عادت دبة وأطفالي…. 

حزمنا أمتعتنا وتوجهنا إلى قرية مجاورة لمكاننا القديم …هذه القرية كانت تضم أناسا طيبون جدا لا يعرفون غير العمل والمحبة اندمجنا معهم فترة من الزمن وأصبحنا بمرور الأيام احد أسرها المهمة لكن السعادة التي هطلت علينا كندف الثلج لم تدم طويلا إذ حدث شيئا  مريبا لم يكن في الحسبان أبدا
هو أن زوجتي راحت تصرخ يوميا في منتصف الليل بأعلى صوتها مما زرعت الخوف في قلوب أطفال القرية …هنا دب خطر جديد في حياتي إذ تسلل خبرا لأهالي القرية مفاده وجود حيوان غريب مفترس يسرق الأطفال ويأكلهم هذا الخبر دق ناقوس الخطر لدى رجال القرية لذا قرروا بان يشكلوا جماعات تتجول ليلا للعثور على هذا المفترس لكي ينالوا منه , في هذه الفترة لم تكتف دبتي بالصراخ والذي حاولت جاهدا أن أخفيه و اكتمه واقلل من حدته لئلا يسمع أحدا ويفتضح امرنا بل الأكثر من هذا راحت تخرج من البيت بعدما تعود لشكلها القديم وبأكثر وحشية ولا ادري ما لسبب ولا تعود إلا مع خيوط الشمس الذهبية…. مخالبها مدماة …..عليها بعض قطع القماش الممزقة وعندما أعالجها بالقبلات و…و…و… تتحول شيئا فشيئا وتعود إلى امرأة وحين اخبرها بما فعلت ليلة أمس تظل تبكي وتتألم على هذه الحالة التي راحت تتلبسها بين الحين والأخر وبلا شعور منها … ياألهي كيف التخلص من هذا المأزق ؟؟…عملت ما بوسعي للتخلص من هذه الحالة لكن لا جدوى أبدا وتصبح كل المعوقات التي ابتكرتها من ربط أطرافها و…و..و… لا ينفع أمام قوتها التي تتلبسها فجأة ولا ادري من أين تشحذها لتخرج من البيت ولم تأت إلى فجر يوم التالي وغالبا ما تصل مصابة بطلق ناري وأبقى مستمرا في معالجتها كل يوم تقريبا وكل هذا يحدث إمام مرأى الأطفال مما يجعلهم يبكون عليها  إلى أن تتماثل للشفاء وهكذا يتكرر المشهد بين الفينة والأخرى .في يوم ما كنت مع مجموعة من شباب القرية للحراسة للنيل من هذه المصيبة التي حلت بنا وبأهل القرية فجأة شاهدناها جميعا فكلفت من قبل رئيس المجموعة بان أتقدم عليها واقتلها وهم يسندون ظهري حماية لو تقدمت نحونا بسرعة ..هنا راحت نبضات قلبي تتسابق وبدأ جسدي يرتعش كليا على هذا الموقف الصعب الذي وُضِعتُ فيه إنها لحظات عصيبة لا أستطيع أن امتلك سلطة القرار واضغط على الزناد لكي اقتلها مهما يكون إنها دبتي التي أنقذتني يوما ما وأم أطفالي , حتى الليالي الحمر التي قضيناها سويا راحت تعرض علي واشاهدها مثل شريط سينمائي لكن هذا هو حكم أهل القرية  ولم أصحو إلا على صوت البندقية التي ضغطت على زنادها مرغما التي تعمدت في اللحظات الأخيرة أن أحرف فوهتها لكي لا تموت دبتي …اه كم تمنيت حينها أن تنقطع سبابتي اليمنى أو أي شيء يحدث ليمنع إنطلاق الرصاصة من حجرتها لتنطلق بسرعة مذهلة بحركتها اللولبية لتصيب كتفها وتسقطها أرضا . توجهنا نحوها مسرعين رمقتني بنظرة عتب أمطرتني سهاما من الحزن… قتلتني فعلا لان نظرتها تلك أتذكرها تماما كانت اشد إيلاما من الرصاصة التي أطلقتها عليها, نَهضت بسرعة غريبة واختفت عن أنظارنا متوجهة لمكان مجهول لكن نظرة أخرى من عينيها نحوي أطلقت شعاعا مذهلا جعل كل من حولي يلوذوا بالفرار أما أنا بقيت متسمرا في مكاني و ماهي الا دقائق حتى عادت ثانية وتسقط في حضني والدم  يسيل منها بغزارة نقلتها متخفيا إلى البيت ولا ادري من أين اتتني هذه القوة لأحملها على كتفي متوجها إلى بيتنا وبعد العلاج والدعاء و…و… و…شفت بسرعة من هذه الإصابة … مرت اسابيع طويلة على هذه الحالة , الكارثة الاكبر ان اطفالي هم ايضا راحت تاتيهم هذه الحالة وبشكل جماعي يبدو إنهم تأثروا بأمهم حيث راحوا يصرخون بشكل جماعي و…و..و..ولم يعودوا إلى وضعهم الطبيعي وكبح جموحهم الوحشي إلا بالعنف الذي ابتكرته لنفسي وهو (امسك السوط) وابدأ بالضرب على أجسادهم بقوة شديدة, لكن هذه الحالة دمرتني كوني إنسان ولا أحب أن امثل دور الجلاد لان اغلب سنوات عمري عشتها وانا ضحية  فكيف لي ان اتقن هذا الدور الدخيل (دور الجلاد) لكن كل الأشياء التي مررت بها لم أكن سوى مسيرا لفعلها ولم يكن لدي أي خيار او قرار سوى أن أكون مجرما من نوع خاص….. الانسان الذي في داخلي يعاقبني دائما  حتى النوم الذي كنت احبه راح يجافيني بسبب عندما أحاول أن أغفو فجأة يهجمون علي بشراسة ويمزقون بمخالبهم الصغيرة ثيابي وجسدي ووجهي و..و..و باتت هذه الحالة  اشد إيلاما من الأولى حتى أن يوما من الأيام وأنا ماسك سوطي واضرب بهم أحسست أن راسي راح يكبر وأصبح ثقيلا بعض الشيء وملامحي راحت تتفتق وتغير صوتي ليصبح زئيرا مخيفا راح يرعبهم أكثر من السوط  بحيث شاهدتهم يفرون مني و يختبأون في اركان وزوايا الغرفة وامكنة ما وبينما رحت ابحث عنهم بين ثنايا البيت وخزانة الملابس فجأة ارتعدت عندما شاهت في المرآة رأس أسد يحدق في وجهي… هنا انقلبت الموازين مرة اخرى و لم أحس إلا وأنا رحت اكسر وأحطم  كل ما حولي بضمنها تلك المرآة اللعينة التي عكست شكلي الحقيقي شكلي الذي غاب عني طوال هذه السنين رحت اهشم  أشياء وأشياء  و…و… إلى أن أحسست غيبوبة تمطرني وتتلبسني تماما ولما أفقت بعد فترة صحوت على هدوء قاتل …. أثاث البيت كله محطما و..و…
غرباء كثيرون من حولي يرثون حالتي ولما سالت زوجتي عن أطفالي أخبرتني بإشارة من رأسها كانت كالسهم تتجه صوب بطني رمقت يدي شاهدتها ملطخة بالدماء وقطع قماش اطفالي  ممزقة.

*محمد رشيد اديب عراقي صدر له عدد من الكتب منها (و.أ في 98 / موت المؤلف / ساعة الصفر / للنهر مرايا مهشمة / سيمفونية الرماد / مقترحات على طاولة السوداني / تنمية الاسرة /افكار ملونة / برلمان الطفل العراقي ) 

قد يعجبك ايضا