اشراقات كوردية … شيء عن الكورد الفيلية

هاشم الطبطبائي

كثيرون من الأعزاء المهتمون بالقضية الكوردية وبالتحديد الكورد الفيلية يسألون عن معنى الفيلية وعن مصدرها ومعناها وتاريخها السياسي والاجتماعي. لابد من استيضاح بعض المعلومات عن هذه الشريحة التي تعرضت على مدار المراحل الزمنية السابقة إلى الاضطهاد والظلم بسبب انتمائهم القومي مرة وانتمائهم الطائفي مرة اخرى.

ولغرض التعمق البسيط لتاريخ هذه الشريحة وما تطرق أليه الباحثون والمؤرخون في شؤون القوميات والأديان ومنهم المؤرخ جورج-ن-كرزن في كتابه إيران وقضية إيران ج 2 ان كلمة فيلي يعني الثورة او التمرد وكذلك ذكرها هنري فيلد بمعنى المتمرد وكما ورد في المصادر الأخرى يعني الشجاع والفدائي والثائر اما اصل الكورد الفيلي فقد نسبه هوكو كروته إلى الإيلاميين القدماء كما ذكر بعض المؤرخين ان اصل تسميتهم بالفيلي مشتق من اسم الملك peli) ) الذي أسس سلالة باسمه في إيلام ولما كان حرف الباء يكتب قديما عوضا عن حرف الفاء كما كان يلفظ كلمة بارس بالاسم الجديد فارس وبولي يكتب بالاسم الجديد فيلي وذكر المستشرق الروسي جريكوف بان الفيلية قبائل متعددة من اللر تقيم في النواحي الجبلية بين إيران والعراق ويطلق على قبائل بشتكوه كما عرضه شوبرل اما الآثاري المؤرخ الشهير الانكليزي لابارد يقول كان اسم الفيلية يطلق على جميع سكان لورستان ثم انحصر في منطقة بشتكوه على العموم مرت التسمية الفيلية في المراحل التاريخية المتعاقبة بين الظهور والخفاء تبعا لعوامل سياسية وجغرافية وقد تجزء وطن الكورد الفيلية بين دولتين العراق وإيران دون ان يأخذ رأيهم بل تم ممارسة سياسة التعريب الإجباري بحق المقيمين في هذه المناطق وفي عهد رضا خان البهلوي الإيراني تم تجزئة المنطقة السكنية للفيلين إلى ثلاث مقاطعات وأقاليم (منها إقليم بشتكوه وإقليم إيلام وإقليم لورستان) وتتألف من طوائف وعشائر كثيرة أهمها لك ولر وكروالي وملكشاهي وعلي شيروان واركواز وباوي وكلاواي وشوهان وزنكنة و كلهر وبختياري وسوره ميري وجزل وقرولس زركوش وغيرها.

 

 

وفي العهد الاسلامي أصبحت المنطقة الكوردية الفيلية ضمن الإمبراطورية الإسلامية وسميت بالجبال وكانت مدن ميمرة وشيرون جزء من حكومة بغداد ومدينة درة شهر ضمن ولاية البصرة في زمن الخليفة العباسي السفاح. ومن أمراء الكورد الفيلية هو الأمير ذو الفقار نخود وهو من عشيرة كلهر الفيلية الذي سيطر على بغداد فأصبحت تحت حكمه لمدة ستة سنوات أي من عام 930 هجرية لغاية 936 وخلال فترة حكمه كان حسن السيرة والتدبير خدم اهل بغداد ويعتبر المؤرخون ان تلك السنوات كانت الامن والازدهار.

ان الباحث لتاريخ الكورد الفيلية ومناطق تواجدهم يكتشف حقيقة أصولهم العرقية العراقية لان منطقة الفيلية ظلت جزء من جغرافية العراق ومن حضارته وتمازجه السكاني ولكن الحكومات العنصرية تعاملت بحذر شديد مع كل من لا ينطق العربية حيث يسكن الفيلين في العراق منذ زمن بعيد أي قبل تشكيل الدولة العراقية الحديثة الا ان معاناة هذه الشريحة تكمن في المفارقة بين قدم توطنهم في العراق وبين عدم كسبهم حقوقهم المدنية وحقوق المواطنة في الأرض والوطن وفق الحسابات الرسمية والقانونية للدولة لقد وضع قانون الجنسية العراقي الذي هو اغرب قانون جنسية في العالم من حيث التعامل الإنساني فقد وضعه أقطاب الحكم الملكي عند تأسيس الدولة العراقية الحديثة وبأشراف كامل من سلطه الانكليز.

وتم تقسيم المواطنين إلى قسمين القسم الأول اعتبروا الاصليون الذين يمتلكون وثائق عثمانية والباقي من المواطنين هم من التبعية الإيرانية في ازدواجية سافرة.

 

 

ان امتداد مناطق هذه الشريحة من مسجد سليمان إلى مهران جنوبا وشيخ سعد وعلي الغربي وفي هذه الرقعة الجغرافية تم اختلاطهم بالعشائر العربية وتمازجهم واصبحت العلاقة متداخلة فرضتها علاقة الجوار وضرورة التعايش والتجانس الطائفي وتواجدوا جنوبا في مناطق زرباطية وبدرة وجصان ومندلي إلى مناطق سعدية وجلولاء وخانقين شمالا اما لغتهم هي اللغة الكوردية اللرية ويعد الباحثون في شؤون القوميات والأديان إلى وجود مذاهب متعددة في هذه الشريحة منهم من المذهب السني (الشافعي) وخاصة القاطنين في كوردستان اما الساكنين في وسط وجنوب العراق فهم من الشيعة وفي بغداد يكون اكثر تمركزهم في جانب الرصافة وبالتحديد مناطق الصدرية وباب الشيخ (عقد الكورد) والتسابيل والدهانه والشورجة وجميلة ومدينة الصدر حي الكورد والكاظمية الطالبية والعقاري شارع فلسطين والامين بغداد الجديدة اما مهنتهم كان نسبة كبيرة منهم يعملون في التجارة وكان كبار التجار من هذه الشريحة قام النظام الصدامي بتصفيتهم بدا بدعوى من المجرم طه ياسين إلى اجتماع في غرفة التجارة لأغراض تجارية وهناك تم إغلاق الأبواب عليهم وتسفيرهم جميعا وكان هذا من أعمال المرتزقة وقطاع الطرق وكان أكثرهم تجار الحديد والخشب والأقمشة والملابس الجاهزة والعدد وهناك نسبة كبيرة تقوم بأعمال الحمالة لان الحمال الفيلي كان معروفا بقوته وإمكانيته البدنية إضافة إلى توفر الثقة والامان به وهناك الكثير من أصحاب الشهادات من الموظفين والمعلمين والفنانين والشعراء والسياسيين منهم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري والكاتب الكبير مصطفى جواد و السياسي الكبير عزيز الحاج لقد مارس جميع الحكام للمراحل السابقة حملات الاضطهاد العنصري ضد هذه الشريحة وتصاعد بعد سقوط عبد الكريم قاسم وتولي العنصري الشوفيني عبد السلام عارف وانتهت إلى موجة واسعة من عمليات التهجير الوحشية والإبادة الجماعية في عهد البعث المقبور وكان قوانينهم من اغرب قوانين العنصرية في العالم منه تشجيع الزوجات والأزواج العرب على الطلاق من الكوردي الفيلي (التبعي) مقابل مكافئات وامتيازات مغرية او تسفير الأب ألام والإبقاء على الأبناء من الشباب وتصفيتهم وهناك أدلة على قتل سبعة عشر الف شاب تم حجزهم سنة 1980م وتم تصفيتهم سنة 1983م هذا نصيب شريحة قومية كوردية عراقية عريقة الأصالة في العراق بذلت الكثير من اجل العراق وازدهاره.

قد يعجبك ايضا