باحثون: مجموعة بريكس في ازدهار …٤٠ دولة تريد الانضمام

 

 

التآخي – وكالات

تصدرت قضية ضم أعضاء جدد، القمة السنوية  لمجموعة  “بريكس”، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، التي عقدت ابتداء من يوم الثلاثاء ٢٢ آب في مدينة جوهانسبرغ الجنوب أفريقية مع إعراب أكثر من ٤٠ دولة بما في ذلك السعودية وإندونيسيا وإيران والأرجنتين وإثيوبيا، عن رغبتها في الانضمام إلى التكتل، وبالفعل فقد اتفقت دول بريكس، على منح الأرجنتين وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، العضوية الكاملة ابتداء من الأول من كانون الثاني ٢٠٢٤.

من جانبه، قال أنيل سوكلال، سفير جنوب أفريقيا لدى بريكس، في تصريحات، ان قادة المجموعة سوف يصدرون بيانا حول خطط ضم أعضاء جدد، مؤكدا أن هذا الأمر يمثل تغييرا في النظام العالمي الراهن.

ويرى خبراء أن قمة بريكس تتمحور أيضا بشكل كبير حيال ابتعاد كثير من الدول النامية ومتوسطة الدخل عن مدار الدول الغربية.

 

 

و بعد مرور سبعة عشر عاما على إنشائها، تعقد مجموعة بريكس قمتها السنوية في جنوب افريقيا على نطاق غير مسبوق، مع إعطاءها الأولوية لشراكتها مع أفريقيا وتفكرها في دورها في إعلاء شأن الجنوب العالمي.

وبرأي المراقبين فإن هذه القمة تحمل  أهمية كبيرة سواء لأنها أول تجمع لقادة دول بريكس بشكل شخصي منذ أكثر من ثلاث سنوات وكذلك لكونها تستجلب الحكمة من خارج الاقتصادات الوطنية الناشئة الرئيسة الخمسة — البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

ويواصل العالم مراقبة القمة التي تعقد هذا العام، التي تجمع البلدان الأفريقية معا من أجل الحصول على حصة أكبر في الاقتصاد العالمي ولسد الفجوة الكبيرة في الحوكمة العالمي.

الجدير بالذكر أن أكثر من 40 دولة، من بينها إيران والمملكة العربية السعودية والأرجنتين وبنغلاديش، قد أشارت إلى نيتها الانضمام إلى عضوية مجموعة بريكس. والقائمة المتزايدة من الطامحين للانضمام إلى المجموعة، التي تألفت في البداية من الأسواق الناشئة الخمسة، توضح مدى جاذبيتها وشموليتها، بحسب المراقبين.

و يبلغ عدد سكان دول بريكس مجتمعة أكثر من 3.2 مليار نسمة، وهو ما يمثل نحو 40 في المئة من سكان العالم البالغ عددهم نحو 8 مليارات نسمة. وتمثل هذه البلدان مجتمعة ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتشكل 16 في المئة من التجارة العالمية.

و عن طريق دمج الدول الأفريقية في محادثات هذا العام، تقدم بريكس رسالة مفادها أن التعددية والتنمية المشتركة يجب أن تشمل الجنوب العالمي. وباتت هذه الأسواق الناشئة قوة دافعة أساسية للنمو العالمي مع تعزيزها لعلاقات دولية أكثر ديمقراطية، بحسب الباحثين.

وتقول ريبيكا راي، كبيرة الباحثين في مركز سياسة التنمية العالمية بجامعة بوسطن الامريكية، إن “مجموعة بريكس استفادت من طلب لم يتم تلبيته في أي مكان آخر”. ويعلق كثيرون آمالهم على هؤلاء الطامحين في “بريكس بلس” لجلب دماء جديدة إلى المجموعة في الوقت الذي توسع فيه تمثيلها لمجموعة كبيرة من الدول النامية التي تشعر بالتقليل من قيمتها أو أنها تُركت خلف الركب من قبل عالم يهيمن عليه الغرب.

وبرأي المراقبين فإن هذا العالم مشوه،  فالجائحة، مثلا، كشفت عن تفاوتات هيكلية متأصلة وعدم قدرة الغرب، على حد وصفهم. ناهيك عن الاستجابة المناخية العالمية، من بين أهداف التنمية المستدامة الأخرى. والسؤال المطروح هو ما إذا كانت البلدان المتقدمة النمو الغنية والواسعة الحيلة قادرة حقا على الوفاء بوعودها مع وجود قيادة موثوقة.

 

 

لقد عاد الجنوب العالمي، الذي يعاني من صدمات كوفيد-19 وأزمة أوكرانيا الدائرة والزيادات في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إلى تقرير ان السبيل الوحيد القابل للتطبيق هو تقوية الذات والاعتماد المتبادل مع الدول ذات التفكير المماثل على متن القارب نفسه.

وقال وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار إن جوهر المشكلات العالمية هو “التركيز الاقتصادي الذي يترك الكثير من الدول تحت رحمة قلة قليلة”، وحث التجمع على “إرسال رسالة قوية مفادها أن العالم متعدد الأقطاب، وأنه يعيد التوازن”.

ويُنظر إلى بريكس على نحو متزايد على أنها آلية يمكن أن تساعد في إصلاح النظام العالمي المعيب الذي يفتقر إلى الشفافية والعدالة والإنصاف.

وتبحث العديد من دول الجنوب العالمي عن بديل للنظام العالمي الحالي، الذي تهيمن عليه مجموعة من التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة وتشوبه القضايا الجيوسياسية المثيرة للانقسام. وهي تتطلع إلى دول بريكس للمطالبة بحقوقها التنموية التي تم تجاهلها، بحسب الباحثين.

وعلى مر السنين، توسع التعاون على جبهات متعددة، مدعوما ببنك التنمية الجديد. وتأسس البنك في عام 2015، وهو مرفق داعم لتعبئة الموارد لمشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة.

وتظهر الأرقام الصادرة عن البنك في وقت سابق من هذا العام أنه وافق على قرابة مئة مشروع بقيمة إجمالية تبلغ 33.2 مليار دولار أمريكي، مما اسهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدانه الأعضاء وتعزيز أوراق اعتماده الخضر والمستدامة.

وفي الوقت نفسه، دعا أعضاء مجموعة بريكس إلى شراكة بشأن الثورة الصناعية الجديدة لتعميق التعاون في مجال الرقمنة والتصنيع والابتكار. وهذا يساعد على تسهيل تدفق السلع والخدمات وتحقيق الاستقرار في سلاسل الصناعة والتوريد وسط قيود تكنولوجية حمائية وحركات متزايدة لفك الارتباط عن الغرب، بحسب تصريحاتهم.

ويقول المراقبون أن دول البريكس لا تجتمع في ناد مغلق أو مجموعة حصرية، بل في مجموعة كبيرة عمادها الدعم المتبادل والتعاون المربح للجميع، وهذا الوصف وحده يميزها عن المجموعات الأخرى الكثيرة، التي إما تخدم مصالحها الذاتية أو مدفوعة بأفكار الحرب الباردة، على حد وصفهم.

 

 

ويقول كارلوس ماريا كوريا، المدير التنفيذي لمركز الجنوب، إن “إحدى القضايا الرئيسة التي يتعين على بريكس النظر فيها هي الحوكمة العالمية. هناك حاجة لتغيير النظام الحالي، وهو نظام غير عادل وغير متماثل. على وجه الخصوص، تحتاج بنية النظام المالي إلى إصلاح كبير”.

ويقول المتخصصون أنه اثر سنوات من التنمية، أثبتت بريكس أنها انموذج  للانسجام في ظل التنوع، وتجسد كيف يمكن لدول ذات مصالح وثقافات متباينة أن تشكل وحدة متماسكة مع رغبة شديدة في التعافي والقدرة على الصمود والتمثيل الأوسع.

وفيما يتعلق بالصين أكبر دولة في السكان التي كانت  عضوا مؤسسا رئيسا، تظهر البيانات الرسمية أنها كانت أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 14 عاما متتالية، وهو ما يشير إلى دورها المحوري في اجتماع هذا العام. ويقول الباحثون، أنه بفضل سجلها التنموي الواسع وخبرتها في التخفيف من الفقر، فإن الصين لديها الكثير لتقدمه للجنوب العالمي.

من جانبه، يرى فيليكس لي، الخبير في الاقتصاديات الآسيوية، أن الصين ترغب في الاستفادة من “معاداة دول بريكس لأمريكا وأن تستطيع دفع العديد من بلدان الجنوب العالمي للاصطفاف إلى جانبها.

وفي مقابلة، أضاف “هذا هدف الصين الرئيس الذي تريد تحقيق داخل بريكس”، لكنه يستدرك، إن الدول الخمس الأعضاء في التكتل “بعيدة كل البعد عن إنشاء تحالف فعال موثوق على غرار مجموعة السبع، لكن الأمر يتعلق برمته بمواجهة أمريكا بالنسبة للصين”.

وفي سياق متصل، يرى غونتر مايهولد، الباحث في  جامعة برلين الحرة، إن روسيا ترغب في تحقيق مصالحها الاستراتيجية عبر بوابة بريكس، مضيفا “ترغب موسكو في الاستفادة من الزخم الراهن للدفع نحو انضمام الدول الحليفة لها مثل بيلاروسيا وفنزويلا إلى المجموعة”، مشددا على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرى “أن خطط توسيع بريكس  تمثل فرصة للتغلب على عزلة بلاده الدولية”، بحسب قوله.

وبرغم رغبته في تحجيم عزلته الدولية عبر مجموعة بريكس، إلا أن قمة جوهانسبرغ أكدت على هذه العزلة حتى قبل انطلاقها إذ لن يشارك بوتين في القمة بسبب صدور مذكرة توقيف دولية بحقه من قبل المحكمة الجنائية الدولية على خلفية الحرب الاوكرانية التي بدأت في أواخر شباط من العام الماضي.

وكان حضور بوتين القمة سيمثل معضلة دبلوماسية وقانونية لجنوب إفريقيا قبل أن تخرج روسيا لتؤكد أن وزير خارجيتها سيرغي لافروف يرأس وفدها المشارك في لقاء بريكس.

يشار إلى أنه في نيسان الماضي، قالت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا ناليدي باندور إن الاهتمام العالمي بمجموعة “بريكس” أصبح “هائلا”، مشيرة إلى أن النقاش في بادئ الأمر سوف ينصب حول معايير ضم دول جديدة.

وبرغم الخلافات بين بلدان مجموعة بريكس، إلا أن التكتل حقق نموا اقتصاديا في العقدين الماضيين ومثل قصة نجاح إذ ارتفعت مساهمته الإجمالية في الناتج الاقتصادي العالمي من 18٪ الى 26٪ بين عامي 2010 و2021، بحسب تقرير صدر في نيسان الماضي عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية حول الأداء الاستثماري لمجموعة بريكس.

الجدير بالذكر أن دول بريكس  لم تلتزم بتطبيق العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا منذ توغلها العسكري في أوكرانيا، وعلى وقع ذلك، باتت الصين والبرازيل والهند من بين أكبر المشترين للنفط الروسي حيث استفادت من أسعار مصادر الطاقة الروسية ذات الأسعار المنخفضة فيما تلقي الحرب الروسية على أوكرانيا بظلالها على البلدان النامية ومتوسطة الدخل.

قد يعجبك ايضا