الباحث القانوني طارق حرب
في سلسلة بغداد تاريخ وتراث كانت لنا محاضرة عن ربع قرن من عمر بغداد من سنة 1508 الى سنة 1534 شهدت فيه بغداد ما لم تشهده في تاريخها اذ كان تحكمها دولة اصحاب الخروف او الشياه البيض الاق قوينلو التي انتهت سنة 1508 ليبدأ حكم الدولة الصفوية حتى سنة 1523 الذي انتهى في هذه السنه ليبدأ حكم دولة الفيلية بسيطرة امير لورستان ذو الفقار بن علي بگ على بغداد حتى سنة 1528 ليعود الصفويون مرة ثانيه لحكم بغداد حتى سنة 1534 ليبدأ حكم الدولة العثمانية وبذلك فأن ربع القرن هذا الذي شهدته بغداد من خلال حكم اربعة دول احداها وهي الدولة الصفوية حكمت بغداد لمرتين كانت اكثر الفترات دراماتيكيه في التاريخ البغدادي منذ بناء المنصور لها سنة 145 هج اذ لم تشهد في تاريخها الطويل حكما لأربعة دول في فترة زمنية قليلة هي ربع قرن فقط.
والآق قيًونلو او النعاج البيض او ذوي الغنم البيض او اصحاب الخروف الابيض اسم لحق احدى القبائل التركمانية لما عرفت به من تربية هذا النوع من النعاج واتخاذه شارة الراياتهم واعلامهم وهم طائفه من التركمان نزحوا من تركستان اواخر القرن الثالث عشر الميلادي الى اذريبيجان ثم الى الاناضول وتوسعوا في الانحاء المجاورة وقد تولت هذه الدولة زمن حكم دولة اصحاب الخروف الاسود التي كانت تحكم بغداد القره قوينلو من السيطرة على بغداد وانهاء حكم الخروف الاسود لبغداد سنة 1469 حيث انتهى حكم الحاكم شاه منصور بن زينل اخر حاكم لبغداد من الخروف الاسود ليبدأ حكم دولة الخروف الابيض حيث تم قتل شاه منصور بعد ان تم أسره في هذه السنة ليبدأ حكم دولة الخروف الابيض لبغداد بتغلب حسن اوزون اي الطويل والذي اتخذ من تبريز عاصمة له وحكم بعده من هذه الدولة لبغداد ابنيه خليل ويعقوب وولد الاخير باي سنقر وحكم ابن العم رستم مقصود حسن ثم احمد بادشاه ثم محمد بن يوسف بن حسن وكان اخر حاكم لبغداد من هذه الدولة مراد بگ الذي تولى حكم بغداد من سنة 1499 حتى 1508 ليبدأ ربع القرن بنهاية حكم بغداد من دولة الخروف الابيض ويبدأ حكم الدولة الصفوية الاول التي ظهرت حديثا وحمل الشاه اسماعيل الصفوي بعد ان اخضع لسيادته بلاد فارس وأذربيجان وكوردستان وخراسان وديار بكر.
والصفويون الدولة الثانية الذين يحكمون بغداد في سنة واحده هي سنة 1508 ينتسبون الى الشيخ صفي الدين الذي اشتهر وزاد نفوذه في أذربيجان وقد وجه الشاه اسماعيل الصفوي انظاره على بغداد الذي لم تكن مهمة استيلائه على بغداد صعبه لذا استطاع التقدم بجيش كبير وارسل في مقدمته فرقة الفرسان القزل باش وتقدم من كرمنشاه باتجاه بغداد عن طريق خانقين وهرب حاكم بغداد من دولة الخروف الابيض ودخل القائد حسين لاله بغداد بدون مقاومه وبعده دخل الشاه اسماعيل الصفوي بعده سنة 1508 وعين خادم بيك واليا عليها واطلق عليه لقب خليفة الخلفاء حيث استمر حكم الدولة الصفوية لبغداد الى سنة 1523 اذ بعد وفاة الشاه اسماعيل حيث استطاع الامير ذو الفقار انهاء حكم الصفويين لبغداد لتبدأ دولة الفيليين حكم بغداد من سنة 1523 الى سنة 1528.
والدولة الجديدة التي ظهرت وهي الدولة الثالثة خلال الربع قرن هي الدولة الفيلية اذ استغل ذو الفقار بن علي بگ الذي ينتسب الى عشيرة كلهور التي كان مكانها منطقة لورستان بين العراق وإيران حالة الضعف التي تمر بها الدولة الصفوية فاغتال ابراهيم خان والي العراق الصفوي في اثناء توجهه للقاء الشاه طهماسب الذي تولى السلطة بعد وفاة الشاه إسماعيل.
وتوجه مع قوات القتيل ابراهيم خان الى بغداد فدخلها واستولى عليها وأعلن استقلاله عن الدولة الصفوية وحيث انه كان يخشى الدولة الصفوية فانه بادر الى الاستعانة بالدولة العثمانية وامر بذكر اسم السلطان العثماني في الخطبة ونقش اسمه في النقود لكن الشاه طهماسب جهز جيشا كبيرا تقدم به الى بغداد وفرض عليها الحصار واحتل بغداد وقتل الامير ذو الفقار واخضع بغداد لسلطة الدولة الصفوية مرة ثانيه سنة 1529.
وبدأ حكم بغداد مرة رابعه في ربع قرن من الشاه طهماسب الدولة الصفوية مرة ثانيه الذي احتل بغداد في هذه السنة حتى سنة 1534 حيث عين الشاه بگلو محمد خان حاكما على بغداد وفوض اليه ادارة شؤونها ولكن حكم الدولة الصفوية لم يستمر طويلا حيث انتهى سنة 1534 ليبدأ حكم الدولة العثمانية.
وهكذا بدأ الحكم الخامس لبغداد في ربع قرن وهو الحكم العثماني وينتمي العثمانيون الاوائل الى احدى عشائر قبيلة الغز التركية تعرف باسم قايي هاجرت من المشرق الى الاناضول في القرن الثالث عشر الميلادي وتمكن عثمان الذي ولد سنة 1258 اي سنة دخول هولاكو لبغداد من تأسيس اماره قويه وتوسعت على حساب الدولة البيزنطية والسلجوقية تمكنت من استقطاب عدد من الامارات التركية المسلمة واستولت على احزاء أوربية كثيره وفتحت القسطنطينية عاصمة بيزنطا واسمتها اسطنبول وفي سنة 1533 اصدر السلطان سليمان القانوني امره الى الصدر الاعظم رئيس الوزراء ابراهيم باشا بالتوجه على رأس ثمانين الف جندي الى أذربيجان والى بغداد، وعند اقتراب الجيش العثماني من بغداد هرب حاكمها الصفوي ودخل الصدر الاعظم اليوم الاخير من سنة 1534 ليبدأ الحكم العثماني لبغداد ودخل بعد يومين بغداد السلطان سليمان القانوني وسط مظاهر الابهة والفخامة ليتولى الوالي سليمان باشا حكم بغداد كأول حاكم عثماني لبغداد وهكذا انتهى الربع قرن من تاريخ بغداد.