بعد مضي 77 عاما على اشراقة شمس جديدة على وطني كوردستان

رئيس التحرير

بعد ان وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها في سبتمبر من عام 1945 والتي تعد من اكثر الحروب دموية في تاريخ البشرية لما تركته من ملايين القتلى والمصابين من المدنيين والعسكريين والدمار الذي لحق باكثر من 30 بلدا والتي شارك فيها اكثر من 100 مليون شخص بشكل مباشر، تسارعت الاحداث في منطقة الشرق الاوسط التي كانت مسرحا للتوسع واطماع المانية النازية من جهة والهيمنة البريطانية على معظم دول المنطقة وخاصة العراق لأمتلاكه مصادر الطاقة من جهة اخرى، وجراء الصراع بين المانيا ودول المحور التي كانت تقودها بريطانيا ،عانى الشعب العراقي بجميع مكوناته من تداعيات تلك الحرب من فقدان جميع المؤن والمواد الغذائية والحاجيات الضرورية.

وفي تلك الاثناء قاد الثائر والقائد الكوردي الكبير(قاضي محمد) ثورة شعبية ضد النظام الايراني الحاكم انذاك وتمكن من تحرير معظم المدن والمناطق الكوردية واعلان جمهورية كوردستان في مهاباد ، لكن عمر الجمهورية لم يدم أكثر من 11 شهرا بسبب التناقضات في مصالح القوى الكبرى في المنطقة ، حيث تمكن الجيش الايراني وبضوء اخضر من الأتحاد السوفيتي من القضاء على الجمهورية واعتقال معظم قادتها ومن ثم اعدامهم في ميدان (جوار جرا) وعلى راسهم مؤسسها الشهيد قاضي محمد.

نتيجة لتلك الانتكاسة الكبيرة ، تعرض الشعب الكوردي في المنطقة برمتها لخيبة امل واحباط كبيرين،الا ان ارادته وعزيمته لم تنكسر وسعى بشتى السبل ان يلملم جراحه ويبدأ مرحلة جديدة من النضال السياسي والكفاح المسلح ضد الانظمة التي تقاسمت ارض كوردستان كواقع حال بعد الحرب العالمية الثانية ، لذلك اضحى وجود تنظيما سياسيا لقيادة الجماهير وتعبئتها ضرورة ملحة لأنهاء الاضطهاد القومي والخلاص من الاستبداد والعبودية.

في تلك الفترة العصيبة كان البارزاني الخالد ورفاقه الذين شاركوا حتى الساعات الاخيرة في الدفاع عن جمهورية كوردستان يسعون من اجل تنظيم الجماهير ودفعها باتجاه انهاء حالة اليأس والاحباط الناتجة عن انهيار جمهورية كوردستان في مهاباد.

عليه قرروا تشكيل حزبا سياسيا قوميا لمجابهة تحديات تلك المرحلة والاستمرار في النضال السياسي الى جانب الكفاح المسلح مستفيدين من تجارب الشعوب الاخرى في المنطقة والعالم بما ينسجم مع واقع كوردستان الجديد في تلك المرحلة.

ورغم الصعوبات والتحديات الكبيرة التي واجهها البارزاني الخالد من دول المنطقة وبعض رؤساء العشائر من الاقطاعيين والانتهازيين الذين كانوا يرون في تأسيس الحزب خطرا على مصالحهم الشخصية والفئوية ، الا ان ذلك لم يشكل عقبة امام الثقة العالية بالنفس التي كان يمتاز بها البارزاني وايمانه بقدرات وطاقات الشعب الكوردي للنضال من اجل نيل حقوقه القومية والانسانية.

ففي 16 آب من عام 1946 تشكل التنظيم السياسي الكوردي تحت عنوان (الحزب الديمقراطي الكوردي) وظل يعمل تحت تلك المظلة الى ان تقرر تغيير اسم الحزب في المؤتمر الثالث الذي عقد في مدينة كركوك في 26 كانون الثاني من عام 1953 الى (الحزب الديمقراطي الكوردستاني).

في السنوات الاولى من تاسيسه ، تمكن الحزب ان يبسط نفوذه من خلال خلاياه التنظيمية الى جميع مناطق كوردستان فضلا على المحافظات الاخرى في مناطق وسط وجنوب العراق التي كان يتواجد فيها الكورد الفيليون وخاصة العاصمة بغداد.

اليوم وبعد مرور 77 عاما على تاسيس الحزب ونضاله الدؤوب تمكن الحزب من تحقيق مكاسب كبيرة بدأ باعتراف الحكومة العراقية بعد ثورة 14 تموز بقيادة الزعيم الراحل عبدالكريم قاسم بالشعب الكوردي كقومية ثانية الى جانب الشعب العربي ومن ثم ارغام حكومة احمد حسن البكر بالتوقيع على اتفاقية اذار من عام 1970 والتي كانت مكسبا كبيرا لشعبنا عبر تاريخه النضالي الشاق و من ثم اعتماد النظام الفدرالي كصيغة للعلاقات مع الحكومة المركزية وذلك بعد انتصار انتفاضة شعب كوردستان في عام 1990 وتشكيل اول برلمان وحكومة اقليمية.

اليوم وبعد مضي سبع وسبعين عاما على النضال والتضحيات الجسام ، مايزال الحزب يشكل رقما صعبا في توازن القوى على المستوى المحلي و الاقليمي ومايزال ملتزما بثوابته القومية والوطنية التي تشكل من اجلها وله دور متميز في ادارة الصراعات السياسية على الساحتين العراقية والشرق اوسطية.

ولأهمية دوره وثقله السياسي والجماهيري في العراق والمنطقة يتعرض الحزب وقيادته المتمثلة بفخامة الرئيس مسعود بارزاني لتحديات وضغوطات كبيرة بغية تحجيمه وارغامه على التخلي عن تلك الثوابت القومية والوطنية التي مايزال متسمكا بها، الا ان قيادة الحزب لم ولن تساوم عليها رغم جميع الضغوطات السياسية والاقتصادية والامنية من جهات محلية واقليمية واليوم يقف الحزب في الخنادق الامامية للدفاع عن المكتسبات ويسعى جاهدا لوضع اللبنة الاولى لدولة كوردية مستقلة عبر الوسائل السلمية والديمقراطية بدعم واسناد جماهيري منقطع النظير ويسير بخطى حثيثة وعزيمة لاتلين نحو الاهداف والطموحات الكبرى التي قدم شعبنا من اجله تضحيات جسام وتعرض من اجلها الى ابشع جرائم القتل والابادة الجماعية على يد النظام البعثي الشوفيني المجرم من الانفالات واستخدام الاسلحة الكيماوية والجرثومية المحرمة دوليا.

واليوم وفي هذه المرحلة الحساسة من تأريخ امتنا الكوردستانية المعاصر، لايسعنا الا ان نقف اجلالا لقائد حركتنا التحررية البارزاني الخالد والحي في القلوب ادريس بارزاني وجميع شهداء شعبنا من قوات البيشمركة البطلة والمدنيين من الاطفال والنساء والشيوخ التي تشهد على مظلوميتهم المقابر الجماعية.

قد يعجبك ايضا