باكستان تحل البرلمان تمهيدا لانتخابات عامة يغيب عنها عمران خان

 

 

التآخي – وكالات

قال مكتب الرئيس الباكستاني، إن الرئيس حل البرلمان بناء على توصية رئيس الوزراء شهباز شريف. جاءت التوصية قبل ثلاثة أيام من انتهاء ولاية البرلمان البالغة خمس سنوات في 12 آب، ويتبع ذلك تواجد حكومة تصريف أعمال لتشرف على إجراء الانتخابات في غضون 90 يوما. لكن الحكومة أشارت إلى أن إرجاءها أمر مرجح.

 

 

وأعلنت الرئاسة الباكستانية يوم الأربعاء التاسع من آب ٢٠٢٣ أن الرئيس عارف علوي حل البرلمان، ما يمهد الطريق لتولي حكومة يهيمن عليها التكنوقراط للإعداد لانتخابات يغيب عنها السياسي الأكثر شعبية في البلاد، عمران خان، بحسب المراقبين.

وقالت الرئاسة في بيان إن “الرئيس حل الجمعية الوطنية بناء على توصية رئيس الوزراء”. وبموجب القانون، يتوجب إجراء الانتخابات في غضون 90 يوما من تاريخ حل البرلمان؛ لكن حكومة شهباز شريف تحدثت  عن احتمال تأجيلها.

وتسري منذ أشهر شائعات عن احتمال إرجاء الانتخابات في ظل الأزمات التي تواجهها السلطة في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة. وتعزز هذا الاحتمال بعد صدور أرقام آخر تعداد سكاني في البلاد قبل أيام.

وأفاد وزير العدل عزام نظير تارار لقناة تلفزيونية محلية بأنه ستتعين إعادة تحديد الدوائر الانتخابية بناء على التعداد السكاني الجديد، محذرا من أن ذلك قد يؤدي لتأجيل الانتخابات، وأعرب عن أمله في أن يقتصر الإرجاء على مدة لا تتجاوز “50 إلى 60 يوما”.

 

 

 

وقال رئيس مجلس النواب الباكستاني رجا برويز أشرف في الجلسة الأخيرة للجمعية الوطنية خلال اجتماعها بعد ظهر الأربعاء “جلسة اليوم ستختتم بنهاية سعيدة في بيئة مريحة”. وأضاف “عادة نناقش الشؤون السياسية، ولكن اليوم، دعونا نتحدث بنبرة ودية”.

وتواجه باكستان أزمة منذ إبعاد عمران خان، أحد أكثر السياسيين شعبية في البلاد، من الحكم في نيسان 2021 بموجب تصويت لحجب الثقة. وزادت الأزمة حدة في الأيام الاخيرة مع إدخال نجم الكريكت السابق السجن تنفيذا لعقوبة بحبسه ثلاثة أعوام لإدانته بتهم فساد.

وتقدم محامو خان بطلب لاستئناف العقوبة. وفي حال بقيت العقوبة نافذة، سيمنع رئيس الوزراء السابق البالغ من العمر 70 عاما، من الترشح للانتخابات.

وبرغم إمساكه بالسلطة منذ 18 شهرا، لم يفلح تحالف الأحزاب التقليدية الذي تكتل لإبعاد خان، في كسب شعبية واسعة، فبرغم قرض من صندوق النقد الدولي، يواجه التكتل أزمة اقتصادية، وتزايد التضخم وارتفاع البطالة في ظل تراجع النشاط الصناعي من جراء النقص في العملات الأجنبية.

وقال أحمد بلال محبوب، رئيس المعهد الباكستاني للتنمية القانونية والشفافية البحثي، إن “القرارات الاقتصادية صعبة وغالبا ما تكون غير شعبية، ما يتطلب حكومة ذات ولاية أطول لتتمكن من تطبيقها بشكل فاعل”.

ورأى أن “هذه الانتخابات مهمة لأنها ستمنح حكومة جديدة ولاية من خمسة أعوام، ما يعني… تفويضها باتخاذ قرارات أساسية ستكون حيوية للتعافي الاقتصادي”.

 

 

ورأى مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون البحثي في واشنطن مايكل كوغلمان أن إرجاء عملية الاقتراع، قد يمنح الشريكين الأساسيين في الائتلاف الحاكم، أي حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية وحزب الشعب الباكستاني، مهلة لوضع استراتيجية لمواجهة حزب حركة الإنصاف بزعامة عمران خان.

وأضاف كوغلمان “لكن في الواقع، إرجاء الانتخابات قد يؤدي ببساطة إلى المزيد من الغضب الشعبي ويعطي دفعا لمعارضة عانت من القمع على مدى أشهر”.

ويحضر الجيش في كواليس أي عملية اقتراع في باكستان، إذ ما تزال المؤسسة التي نفذت 3 انقلابات ناجحة على الأقل منذ استقلال البلاد عام 1947، تتمتع بنفوذ سياسي واسع.

ولطالما شكل الدعم العسكري حجر زاوية لاستقرار أي حكومة باكستانية، على الرغم من أن مؤسسة الجيش دائما ما تنفي أداء أي دور سياسي. لكن اتساع الفجوة بين خان والضباط الكبار في سادس أكبر جيوش العالم، يعقد عودته إلى الحكم.

ووصل خان إلى السلطة عام 2018 بدعم من الجيش، وأقصي منها في نيسان 2022 بتصويت برلماني على سحب الثقة بعد خلافات مع ضباط كبار على التعيينات وعلى السياسة الخارجية، على وفق محللين.

وكانت السلطات الباكستانية قد أوقفت خان لثلاثة أيام في أيار الماضي بعد ساعات من تكراره اتهام ضابط كبير في الاستخبارات بالضلوع في محاولة لاغتياله في تشرين الثاني.

وضغط خان على الحكومة الحالية من أجل إجراء انتخابات مبكرة عن طريق إقامة تجمعات ضخمة وسحب نوابه من البرلمان، من دون أن ينجح رهانه في تحقيق مبتغاه.

 

 

 

وبرأي المراقبين فإن حل البرلمان إجراء مثير للاستغراب، اذ ان حل البرلمان الباكستاني والحكومة، يفتح الطريق أمام إدارة انتقالية غير منتخبة وسط غموض حول موعد الانتخابات وتساؤلات حول دور الجيش في هذا القرار، وهل المستهدف منه إضعاف رئيس الوزراء السابق عمران خان الذي حُكم عليه بالسجن أم أنه سيكون لتعزيز قبضة العسكر على السلطة؟

اللافت أن قرار شهباز شريف بـ”حل البرلمان الباكستاني”، جاء قبل قبل ثلاثة أيام من نهاية فترته، وهذه هي المرة الثالثة فقط في تاريخ باكستان الممتد على 76 عاماً التي يُنهي فيها مجلس النواب مدته البالغة خمس سنوات قبل موعدها.

ولم يتم حل البرلمان الباكستاني عند الإطاحة برئيس الوزراء السابق عمران خان وخلال أكثر من عام من الاضطرابات السياسية بعد ذلك.

وطالب عمران خان رئيس حركة الإنصاف وأنصاره مراراً بإجراء انتخابات نيابية عاجلة لحل الأزمة السياسية في البلاد التي نجمت عن سحب الثقة عنه قبل أشهر، في عملية قيل إن الجيش الباكستاني يقف وراءها.

ولا أحد يعرف من سيكون رئيس الوزراء المؤقت المقبل، والانتخابات لن تعقد في موعدها، ولا زال من غير المعروف من الذي سيحل محل شريف كرئيس وزراء مؤقت، بحسب المراقبين.

وينص الدستور الباكستاني على أن تشرف حكومة تصريف الأعمال على الانتخابات، التي يجب إجراؤها في غضون 90 يوماً من تاريخ حل البرلمان. لكن الحكومة أرست بالفعل الأساس لتأجيل الانتخابات إلى ما بعد الموعد المقرر في شهر تشرين الثاني 2023.

وقالت وزيرة الداخلية الباكستانية، رنا صنع الله، لوسائل إعلام محلية، إن الانتخابات لن تجرى هذا العام. كما وافقت حكومة شريف أيضاً على التعداد الرقمي لعام 2023، ما يعني أن الأمر سيستغرق شهوراً للانتهاء من حدود الدوائر الانتخابية وقوائم الناخبين.

و عُقدت جلسة وداع للجمعية الوطنية، انتقدت فيها الأحزاب الحكومية خان، وأشادت بأدائها في الأشهر الستة عشر الماضية. لكن الخبراء أعطوا الحكومة الائتلافية التي يقودها شريف مراجعات متباينة لقيادتها منذ عزل خان في تصويت بحجب الثقة في نيسان 2022.

 

قد يعجبك ايضا