في ضوء التأييد الجماهيري لانقلاب النيجر هل ينجح التدخل العسكري في إعادة الوضع؟

 

 

 

التآخي – وكالات

هدد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا (إيكواس)، باستعمال القوة ضد المجلس العسكري في النيجر لاستعادة الوضع الذي كان قائما، فهل يمكن أن تنفذ إيكواس تهديدها بالتدخل عسكريا؟ وما هي فرص نجاح ذلك في حال تم فعلا؟

ناقش وزراء دفاع المجموعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا (إيكواس) خلال اجتماعهم في العاصمة النيجيرية أبوجا إمكانية التدخل العسكري في النيجر عقب الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق محمد بازوم وذلك في حالة فشل الجهود الدبلوماسية لإعادته إلى السلطة. وهددت إيكواس باستخدام القوة إذا لم يعيد قادة الانقلاب بازوم إلى السلطة.

وكان عبد الفتاح موسى مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، قد قال إن قادة الدفاع في دول غرب أفريقيا وضعوا خطة لتدخل عسكري محتمل في النيجر للتصدي للانقلاب وإن الخطة تتضمن كيفية وموعد نشر القوات. وأضاف موسى أن المجموعة لن تكشف لمدبري الانقلاب متى وأين ستكون الضربة، مضيفا أن القرار سيتخذه رؤساء الدول.

فما مدى احتمالية إقدام المجموعة على إرسال قوات إلى النيجر؟

يرى المحلل الجيوسياسي أوفيغوي إيغيغو أن احتمالية التدخل العسكري “مرتفعة للغاية بسبب وجود عوامل كثيرة”، مضيفا أن الولايات المتحدة سوف تدعم أي تدخل، لأن النيجر شريك مهم في منطقة الساحل في الحرب ضد الإرهاب.

وأشار إلى سبب آخر يتمثل في أن حالة عدم الاستقرار في النيجر سوف توفر فرصة لروسيا لتعزيز نفوذها في منطقة الساحل التي شهدت سلسلة انقلابات عسكرية أتت بحكومات ابتعدت عن الغرب وتحالفت مع موسكو.

الجديد بالذكر أن مجموعة إيكواس تواجه إشكالية في احتواء التراجع “الديمقراطي” في منطقة غرب إفريقيا عقب سلسلة الانقلابات، حيث تعهدت بعدم التسامح مع أي انقلاب جديد عقب الانقلابات العسكريةفي ثلاث دول أعضاء في المجموعة وهي، مالي وبوركينا فاسو وغينيا في  العامين الماضيين.

بدوره، يعتقد الخبير الأمني فاهرامان كوني، مدير مشروع الساحل في معهد الدراسات الأمنية البحثي المعني بالقضايا الأمنية في أفريقيا، أنه من المرجح حدوث تدخل عسكري في النيجر في ضوء إصرار الرئيس النيجيري الجديد بولا تينوبو، الذي تتولى بلاده رئاسة الإيكواس، على استعادة زعامة بلاده لمنطقة الساحل. وقال كوني، الخبير المقيم في مالي، إن تينوبو “يريد إعادة تأكيد قيادة نيجيريا للمنطقة عسكريا وماليا ودبلوماسيا”، مضيفا أن هذا ظهر جليا من خلال تصريحاته في الاجتماع الطارئ لمجموعة إيكواس حيث قال “سنقف مع شعبنا في التزامنا بسيادة القانون”.

 

 

 

وبرأي المراقبين، لا يعد هذا التهديد الأول الذي تطلقه إيكواس التي تضم 15 دولة، إذ أصدرت تهديدات سابقة وقامت بتنفيذ وعيدها، اذ أرسلت عام 2017 قوات إلى غامبيا عندما رفض رئيس البلاد آنذاك يحيى جامح التنحي بعد خسارته الانتخابات.

فعلى وقع احتشاد  7000 عنصر من قوات إيكواس بقيادة السنغال على حدود غامبيا، وافق جامع على الخروج من البلاد والعيش في المنفى بدولة غينيا الاستوائية. ولا يزال نحو 2500 جندي من السنغال وغانا ومالي وتوغو ونيجيريا يشاركون فى عمليات حفظ السلام فى غامبيا.

كذلك تمتلك إيكواس قوة عسكرية تتمركز في غينيا بيساو، حيث أعادت نشر حوالي 600 جندي من نيجيريا والسنغال وساحل العاج وغانا في أعقاب محاولة انقلاب شهدتها البلاد في شباط العام الماضي. وكانت إيكواس قد شكلت قوة حفظ سلام لإعادة الحكم المُنتخب في ليبيريا وسيراليون، فيما نشرت قوات في ساحل العاج عام 2003.

يرى مراقبون أن أي تدخل عسكري من قبل إيكواس في النيجر سوف يعتمد بشكل كبير على نيجيريا التي يتألف جيشها من 223 ألف فرد فضلا عن امتلاكه طائرات ومقاتلات حديثة. ويقول خبراء: إن أهمية نيجيريا لا تعود فقط إلى قدراتها العسكرية فقط، بل لأن لها حدود بطول 1600 كيلومتر مع النيجر أيضا.

وعن المواقف الأخرى لدول إيكواس، قالت السنغال إنها ستشارك إذا قررت المجموعة التدخل عسكريا في النيجر حيث أكدت وزيرة خارجية السنغال عيساتا تال سال أن بلادها سوف تنفذ قرارات الإيكواس. لكن على النقيض من ذلك، أعلنت عدة دول أعضاء في إيكواس عدم دعم استعمال القوة في النيجر.

وفي ذلك، يقول عبد الموموني آباس، الخبير في الحركات المتطرفة، إنه “بعيدا عن موقف نيجيريا، لا أعتقد أن دولا أخرى في إيكواس سوف تشارك بقوات، لأن موريتانيا والجزائر ومالي وبوركينا فاسو، لا توافق وبنين لن تهاجم النيجر”.

من جانبه، أشار المحلل الجيوسياسي أوفيغوي إيغيغو إلى أن الجيش النيجيري “منهمك” في محاربة حركة “بوكو حرام” وجماعات مسلحة اخرى تنشط في 30 من أصل 36 ولاية في نيجيريا، مضيفا أن إقدام نيجيريا على قيادة أي تدخل عسكري في النيجر يمثل تحديا كبيرا لجيشها في الوقت الراهن.

ويعتقد خبراء أن أي تدخل عسكري من قبل إيكواس في النيجر سيكون مختلفا عن العملية العسكرية التي قادتها في غامبيا، لأن الأخيرة تعد أصغر دولة غير جزرية في أفريقيا ولا تمتلك جيشا قويا، في حين أن النيجر تعد بلدا كبير المساحة يقع في قلب منطقة الساحل ويمتلك جيشها خبرة في القتال وحصل على تدريبات من الجيش الأمريكي الذي ينشر 1100 جندي في النيجر فضلا عن تمركز حوالي 1500 جندي فرنسي، هذا فضلا عن التأييد الشعبي الذي حظي به الانقلاب.

ومن هنا يرى آرثر بانجا، الخبير الإيفواري في الشؤون العسكرية، أن “حجم النيجر والعدد الكبير لقوات جيشها سوف يصعب أي تدخل عسكري، لكن في حالة الإعداد والتخطيط الجيدين، فقد يتم ذلك مع وضع كافة الخيارات في الاعتبار”، بحسب وصفه.

ويضاف إلى تعقيدات المشهد، إعلان مالي وبوركينا فاسو في بيان مشترك أن أي تدخل عسكري ضد قادة الانقلاب في النيجر يعد “إعلان حرب” ضدهما. وحذّرت سلطات مالي وبوركينا فاسو المنبثقة عن انقلابين من أن “أي تدخل عسكري ضد النيجر يؤدي إلى انسحابهما من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وإلى اتخاذ تدابير في إطار الدفاع المشروع لدعم الجيش والشعب في النيجر”.

وشدد أوفيغوي إيغيغو على أنه برغم ترجيحه الشروع في تدخل عسكري في النيجر، إلا أن الأمر يحمل في طياته “مخاطرة كبيرة للغاية، إذ قد يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب حقيقية”.

 

قد يعجبك ايضا