” الممثلية لها مهمتان اساسيتان سياسية وخدمية، وبعض الجهات في بغداد تتعامل على وفق المزاج السياسي في التعاطي معنا”
حاوره د. حسن كاكي
* معالي الوزير ما هي طبيعة عمل الممثلية والمعوقات التي تواجهها ؟
ممثلية حكومة اقليم كوردستان لها مهمتان اساسيتان سياسية وخدمية فمن الناحية السياسية هي الجهة الوحيدة في بغداد المسؤولة عن ترجمة اجندة ورؤية حكومة الاقليم ونقلها كرسائل الى الحكومة الاتحادية، والجهات السياسية والشارع العراقي . كما انها الجسر الواصل بين الاقليم والحكومة الاتحادية والاطراف السياسية الاخرى، والشارع العراقي والمنظمات الحكومية والتنسيق معها في كل المجالات.
أما المهمات الخدمية فهي المسؤولة عن ايصال طلبات ومصالح المواطنين من الكورد والعرب وبقية المكونات من المحافظات الاخرى الى الاقليم وبالعكس . فبدلاً ان يتوجه المواطن الى الاقليم لغرض انجاز معاملة ما تقوم الممثلية بدلاً عنه بمفاتحة حكومة ومؤسسات الاقليم وبالعكس لإنجاز معاملته لغرض تسهيل امر المواطنين ورفع عنهم عناء الذهاب والإياب الى الاقليم،او بالعكس .
اما المعوقات التي نواجهها فهناك الكثير من المعوقات التي تواجه الممثلية فنحن الجهة الوحيدة التي تتعامل مع جهات عديدة سياسية وحكومية، وهذه الجهات مع الاسف تخضع في تعاملها معنا الى مزاجها السياسي والاجندة التي تمثلها وطبيعة علاقاتهم مع الاقليم لذلك هناك جهات لا تتعاون او صعبة في التعاطي مع الممثلية، ناهيك عن الروتين القاتل في التعامل مع مؤسسات الدولة .
،، ما شهدناه من ردود الافعال داخل البرلمان خلال اقرار وتمرير الموازنة الاتحادية من اللجنة المالية هو في الواقع توزيع للأدوار بين الكتل السياسية ونوابهم،،
* قراءة معاليكم لواقع العلاقات بين اربيل وبغداد ؟
العلاقات بين الاقليم والحكومة الاتحادية مرت بمراحل مختلفة خلال السنوات الماضية فقد كانت في بعض مراحلها جيدة، وفي بعض المراحل الاخرى كانت سيئة جدا، منها مثلاً قطع ميزانية الاقليم في أحلك الظروف حيث كانت قوات البيشمركة تواجه الهجمة الشرسة لتنظيم داعش الارهابي في 2014 في عهد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، كما وصل الأمر الى الصدام المسلح بين الطرفين في عهد الدكتور حيدر العبادي في 16 اكتوبر عام 2017.
وفي عهد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في 2019 والوزارة التاسعة برئاسة الاستاذ مسرور البارزاني قد تغيرت الاجواء وتحسنت العلاقات بعد حوارات معمقة بين الطرفين، وتم التوصل الى رؤية مشتركة لحلحلة المشاكل بين الطرفين، وتمت المباشرة بصرف جزء من مستحقات الاقليم من الموازنة الاتحادية، لكنها لم تدم طويلا نتيجة الاحتجاجات الشعبية التي اسقطت حكومة عادل عبد المهدي ثم رجعنا الى المربع الاول .
في عهد حكومة السيد مصطفى الكاظمي تطورت العلاقات بين الطرفين لتفهم السيد الكاظمي لأهمية تحسين العلاقات بين الطرفين كونه كان اولاً قريبا من معاناة شعب كوردستان و ثانيا مسؤولاً عن جهاز امني حساس وقريب من طبيعة معاناة الاقليم مع الحكومة الاتحادية، وكدعم من الاقليم لحكومته تم توقيع اتفاق بين الحكومة الممثلة بالسيد مصطفى الكاظمي، مع الاستاذ ريبر احمد ممثل حكومة الاقليم وبحضور السيدة جنين بلاسخارت في 1/10/2020 لتطبيع الاوضاع في شنكال (سنجار) حسب الاتفاق لأنهاء مشكلة ومعاناة اهالي هذه المنطقة، ولكن مع الاسف بقيت الاتفاقية حبراً على ورق، كما لم يقدم السيد الكاظمي ما كنا نطمح اليه في الاقليم بسبب الضغوطات الداخلية والخارجية على حكومته.
،، ونحمل الحكومة الاتحادية والاطراف السياسية المشاركة فيها مسؤولية عرقلة تنفيذ الاتفاقيات لغرض الوصول الى اتفاق سياسي نهائي لتصفير كل المشاكل العالقة بين الطرفين كتنفيذ المادة 140 من الدستور،ومستحقات الاقليم من الموازنة الاتحادية، وتشريع قانون النفط والغاز وما الى ذلك من امور،،
اما الآن فقبل تشكيل حكومة السيد محمد شياع السوداني دخلنا كأحزاب سياسية كوردستانية رئيسة من ضمنها الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني في حكومة ادارة الدولة التي انبثقت منها الحكومة الجديدة وتم التوقيع على اتفاق سياسي ومنهاج حكومي، وحاولنا ترجمة ما تم الاتفاق عليه على ارض الواقع للوصول لانهاء ازمة الملفات العالقة بين الطرفين، لكن تراجعت بعض الاطراف عن وعودها والتزاماتها، وهذا ديدن غالبية الحكومات التي تشكلت بعد عام 2003 حيث تتفق مع الكورد لتمرير اجندتها وتشكيل حكوماتها ثم سرعان ما تتراجع عن وعودها والتزاماتها، وما شهدناه من ردود الافعال داخل البرلمان خلال اقرار وتمرير الموازنة الاتحادية من اللجنة المالية هو في الواقع توزيع للأدوار بين الكتل السياسية ونوابهم (يعني الكتل تتفق مع الكورد ونوابهم يتنصلون من تلك الاتفاقيات) لذا هم غير جادين ويقفون حجر عثرة امام اية مساعٍ لصالح العراق والاقليم وحلحلة وانهاء المشاكل العالقة
بين الطرفين لاستقرار العراق والبدء بالتنمية وتطور البلد .
كما لا يحافظون على المبادئ العامة التي رسمناها للحفاظ على الشراكة الحقيقة والتوافق والتوازن للعبور الى بر الامان .
* هل الفقرة 13 و14 من المادة الثانية من الموازنة الاتحادية ستبقى عائقا امام ارسال مستحقات الاقليم ؟
كلا نحن الآن بصدد تنفيذ تلك المادتين والمواد الاخرى في الموازنة الاتحادية المتعلقة بالمستحقات والحقوق المالية للإقليم، وتم تشكيل لجان مالية وفرق فنية من الجانبين لتنفيذها وتمرير هذه المواد على وفق الدستور، ولكن هناك افكارا سائدة في الاوساط السياسية وبعص الاطراف الشيعية بان هناك طغيانا واستعلاء وتجاوزا على الدستور، وليس لديهم ايمان بالديمقراطية وبالعراق الاتحادي وطبيعة الحكم الفيدرالي والشراكة الحقيقية ويعملون على تقوية نزعة النظام المركزي في الادارة، ويطرحون الافكار وقضايا ادارة الدولة بعقلية مركزية، ويتعاملون مع الدستور بانتقائية وحسب مزاجهم السياسي ويمررون القوانين على وفق الاغلبية العددية وعدم احترام الشراكة الوطنية وحقوق المكونات الاخرى من الشعب العراقي وهذا بحد ذاته يشكل خطراً على العملية السياسية والعراق والعراقيين وغير مقبول من قبل الاطراف السياسية الاخرى . لذا فتغيير النظام العراقي واقامة نظام جديد لم يكن كافيا لوحده بالتخلي عن النزعة الشوفينية الدكتاتورية لانها كامنة في عقولهم وفلسفتهم في الادارة .
* معالي الوزير نلاحظ كثرة الوفود المرسلة من الاقليم الى بغداد دون الوصول الى نتيجة مرضية بين الطرفين، ما هي الاسباب ؟
بعد تشكيل الكابينة الوزارية التاسعة برئاسة الاستاذ (مسرور البارزاني) كانت سياسة وستراتيجية حكومته ان تتم حلحلة جميع المشاكل العالقة مع الحكومة الاتحادية على وفق الدستور، وعبر الحوار المباشر، واول عمل قام به سيادته شخصياً هو زيارة بغداد قبل ان يتوجه الى اي مكان آخر سواء الى الدول الاقليمية ام الدول الاجنبية لإيمانه المطلق بان بغداد هي العمق الستراتيجي للإقليم كما كانت زيارته رسالة للشارع العربي والعراقي والاطراف السياسية والحكومة الاتحادية وتحمل في طياته بان الكورد لديهم جدية ونية صادقة لحلحلة المشاكل العالقة بين الطرفين، لكن الحكومة الاتحادية والاطراف السياسية المشاركة في الحكومة لم تستثمر هذه التوجهات بشكل صحيح، وبقيت غالبية المشاكل معلقة ونهاياتها سائبة، والهدف الاساسي من استمرار ارسال الوفود باستمرار الى بغداد هو الضغط على الحكومة الاتحادية للوصول الى حلول ترضي جميع الاطراف، ونحن بدورنا نحمل الحكومة الاتحادية والاطراف السياسية المشاركة فيها مسؤولية عرقلة تنفيذ الاتفاقيات لغرض الوصول الى اتفاق سياسي نهائي لتصفير كل المشاكل العالقة بين الطرفين مثل تنفيذ المادة 140 من الدستور، ومستحقات الاقليم من الموازنة الاتحادية، وتشريع قانون النفط والغاز وما الى ذلك من امور . كما يتم الاتفاق بين الطرفين على جميع النقاط الخلافية وبالأخص حين يكون هناك اتفاق سياسي لتشكيل حكومة ما، وطالما اسهم فخامة الرئيس (مسعود البارزاني) بإصلاح ذات البين وتذليل العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومات العراقية، ولكن سرعان ما تتنصل الحكومات عن تنفيذ التزاماتها ووعودها واتفاقياتها مع الاقليم .
* أليس هناك طرف ثالث يضمن تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين؟
سابقا كانت الأمم المتحدة والاصدقاء لهم دور فاعل في الرقابة وعقد الاتفاقيات بين الطرفين، ولكن تراجع دورهم مع الاسف بالتدريج، لأن همهم الاكبر هو الحفاظ على مصالحهم، ويعدون العراق ملعبا لأجنداتهم وليس لاعبا في السياسات الخارجية وادارة الدولة، لذا تعمقت النزعة الدكتاتورية والشوفينية من جديد لدى البعض من الحكام والسياسيين.
* كيف تقيمون التعاون الامني بين القوات الحكومية والبيشمركة ؟
هناك تعاون مشترك بين قوات البيشمركة والقوات الحكومية للحفاظ على الامن في المناطق الساخنة التي تعد حواضن لعناصر داعش الاجرامية، كما هناك لجنة خاصة مسؤولة عن تطبيع الأوضاع في المناطق الكوردستانية خارج الاقليم سواء في سنجار ام كركوك ام خانقين ام المناطق الاخرى، ولكن هناك بعض الاطراف تحاول فرض ارادة وواقع معين والبدء بسياسة تعريب جديدة بصيغ واساليب جديدة أسوأ من سابقتها، والحكومة الاتحادية عاجزة وغير قادرة على مجابهتها لأنها خرجت عن السيطرة الحكومية، وحاولنا مع الحكومة الاتحادية عقد اتفاقيات سياسية لغرض التوقف عن هذا النهج المبرمج في التعريب، ولكن مع الاسف عملية التعريب مستمرة في الكثير من المناطق حتى الحكومة الاتحادية ايضا تعاني من تصرفات البعض من الفصائل سواء المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، ام الخارجة عنه لان ليس لها سلطة على تلك المناطق فالفصائل المسلحة هي المسؤولة بشكل مباشر عن هذه المناطق ويمررون اجنداتهم على وفق ما يريدون وحسب توجهاتهم لتحقيق اهدافهم وهي ظاهرة للجميع .