الإباء والأبناء ومعركة الحياة
ماهر نصرت
عندما يتزوج المرء يحاول أن يسابق الزمن لانجاب خِلفةً وأولاد وكل ما يأتي به الله سبحانه في قالب هذا العطاء المبارك ، لسببين أولهما هو التباهي بهم أمام الوجود في تخليد ذكرى الأبوين عبر الزمن والسبب الآخر هو ضمان لحياتهما القادمة التي سيشيخان فيها حتماً ويعجزان عن مواصلة الدرب ليجدا عندئذ من يعيلهما أو يرفع عنهما قساوة الزمن ودبابيسه الموجعة .. أن كل الآباء والأمهات يريدون أن يكون لأولادهم مستقبلاً زاهراً مجيداً فيه رفعة وارتقاء ، فيمضون قدماً في التضحية والكفاح لتحقيق رجائهم ذاك ، وأول هدف يسعيان اليه هو رغبتهم الشديدة في إكمال أولادهم للدراسة وتشجيعهم على ذلك من أجل الوصول إلى الرفعة في الوظائف والمناصب مع شهاداتهم المزروقة ليريحوا ويستريحوا ،
أما المتقاعسون من الأولاد والمهملون وأصحاب عدم الرغبة في مواصلة الدراسة فسيدخل الإباء معهم في صراع يومي ترتجف فيه القلوب وتضطرب فيه النفوس وتهوي فيه الأجساد عاجزة يائسة عن مواصلة اللجاجة في التوجيه والتنبيه والتوبيخ في أحيانٍ كثيرة ، لاشك بأن تمرد الابن عن تحقيق رغبة الإباء له تأثير نفسي سيىء على أبويه ، فقد يحاول الآباء مدارات أولادهم على الدوام وتوفير ارقى أنواع الخدمات لهم في العيش الرغيد من اجل إسعادهم وتهيئتهم للدراسة وتقبل ماتحويه كتبهم الدراسية من معادلات رياضية معقدة وضعتها وزارة التربية مخطئة في المناهج الدراسية يصعب على أفكارهم المستحدثة وعقولهم المحدودة من فهمها والتعايش معها ومن هنا يبدء التنافر بين الطالب ودراسته ومن ثم التمرد أخيراً والرغبة في ترك الدروس ومتاعبها والاتجاه نحو مجالات عمل أخرى خارج أجواء الكتب وطقوسها المتعبة ،
ندعوا الإباء الأفاضل أن يعيدوا النظر في مستقبل أبنائهم فهم لم ينجبوهم للعذاب والاضطهاد ويملئون حياتهم بشروط عمل أو دراسة قاسية فليس من المعقول أن يفني الآباء حياتهم في العراك الدائم مع اولادهم من اجل حصولهم على شهادات لايكون بمقدور أبنائهم الفكري أن يصلوا اليها مهما تهيأت لهم سبل العيش الرغيد وطرق معبدة مليئة بالزهور فمن الصحيح أن يفسحوا المجال لأبنائهم في مجالات أخرى فقد يبدعوا في العمل الحر مثلاً ويستطيعوا أن يبنوا لحياتهم أرصدة مالية تعينهم في مستقبلهم القادم أو هناك من يفلح في الموسيقى ليصبح عازفاً تتلقفه الفرق الموسيقية وتمنحه أي دولة لجوء إنساني بلا قيود أو شروط يبنى فيها مستقبله هناك في دول اكثر عدالة وحرية من دولنا أو يكون رياضياً يشار اليه بالبنان وهناك من تكون لديه رغبة كبيرة في العمل بمجالات أخرى يجد فيها طريق مستقبله مفتوحاً يحقق رغبته ويعلو شأنه ويعز مقداره . فالى ذلك نسترعي الانتباه أيها الإباء الافاضل .