التآخي – ناهي العامري
أقامت دار المأمون للترجمة والنشر، حفل توقيع كتاب سينما الاكستريم للمخرج السينمائي العراقي المغترب (ليث عبد الأمير) على قاعة جواد سليم في المركز الثقافي البغدادي في شارع المتنبي..
قرأ مدير الحفل الاعلامي علاء المفرجي محرر زاوية سينما في صحيفة المدى، سيرة المحتفى به، وقال عنه انه مخرج وناقد سينمائي مقيم في فرنسا وهو مختص بالدراسات الفرنسية، بعد ذلك بدأ عبد الأمير التحدث عن نشأة السينما ومفهوم الاكستريم قائلا:
حاول الفن منذ آلاف السنين التعبير عن رحابة الكون وتنوعه، والسينما واحدة من هذه الفنون التي على الرغم من حداثة تاريخها قياسا الى باقي الفنون كالموسيقى والرسم والمسرح والبالية، لم تدخر جهدا في الغور عميقا في دهاليز عالمنا وأسراره.
طوّر السينماتوغراف خلال مسيرته الفنية، التي تجاوزت المئة والعشرين عام، نظريته الخاصة به، لكن مع ذلك بقي كثير من الصفحات بحاجة الى اضاءات، وواحدة من هذه الصفحات، التي ما زالت لم تكتب سطورها بعد، هي ما اطلق عليه اسم سينما الأكستريم اي الحالات القصوى، والاكستريم مفهوم مرتبط بالحدود ونقصد بالحدود الضوابط والقوانين الاجتماعية والدينية والاخلاقية والسياسية التي تشكل بمجملها مجموع القواعد التي تحكم العلاقات بين الفرد والمجتمع وبين الافراد انفسهم.
ثم عرج عبد الأمير على كتابه، وقال ان موضوع الكتاب يتعلق بالافلام التي تتجاوز حدود النظرة التقليدية للفن، وتعبر سُورَهُ المحافظ، لكي تكشف على نحو مغاير، كينونتنا وعالمنا اللذين نرفض رتابة ايقاعهما ، كما يشمل تلك الافلام التي تذهب الى أبعد مما تعودنا ان نراه، والى ما يقع خارج حدود مخزوننا الثقافي، ففي السينما هناك عملية هدم لكل ما يمكن اعتباره مقدسا أو محرما أو ممنوعا، وفيها تحدث عملية خرق وتجاوز على الحدود المتأصلة في الوعي الجمعي للبشر وفي مداركهم الاجتماعية، وتجاوز الحدود من قبل السينما يعني التغيير، وهي صفة ملازمة للحدود لا سيما في اوقات التحولات الكبرى، كالحروب والثورات والصراعات والطائفية والعرقية، وكذلك في الازمات الاقتصادية والسياسية، لكن تبقى أزمة الحدود مستمرة ومستدامة ، بسبب مقاومة المرجعيات الكلاسيكية والنظام الرجعي للتغيير، فقد تمنى بريتون على السينما فك الارتباط بقيم الاشكال البالية، أي بحدود تقليدية وقديمة، وذلك بالغاء العلاقة مع الماضي والبدء من أرض بكر.
واضاف ليث عن شيوع الاكستريم في الحياة العامة، قائلا: في حياتنا كثر حضور الاكستريم، وزاد شغفنا به، فنقرأ هنا وهناك عناوين لماركات تجارية لا تخلو من مفردة أكستريم، نجدها بحروف بارزة في أحدث تقليعات الموضة والعطور (اكستريم موضة) واكستري مشنيل، ورتوشاكستريم، كما نقرأ في جل الماركات التجارية ومحلات بيع المواد الغذائية عناوين ك(اكستريم بيتزا) وعلكة اكستريم، أو أكستريم فودكا، كما وهناك سياحة الاكستريم ورياضة الاكستريم، حيث المخاطرة بالحياة والدفع بالجسد الى أقصى حدوده، اما على شاشة السينما فاحتل الاكستريم مكانا كبيرا في زمننا المعاصر ، زمن التحولات الكبرى، وديمقراطيات فقدان البوصلة، وذلك بسبب قدرته على التوجه الى جمهور عريض ، فمصادر الاكستريم متنوعة ، بعضها له اسباب سيلسية واقتصادية ، واخرى مبني على جذور سوسيولوجية ونفسية واجتماعية ، وكلها مرتبطة بحالة العيش في مجتمعات تزداد فيها اساليب التوتر ، تحت ظروف عيش قصوى، محفوفة بالمخاطر من كل جانب.