التآخي – وكالات
قال مسؤولون إيرانيون وغربيون إن الولايات المتحدة تجري محادثات مع إيران لرسم خطوات يمكن أن تؤدي للحد من البرنامج النووي الإيراني وإطلاق سراح بعض المواطنين الأمريكيين المحتجزين وإنهاء تجميد بعض الأصول الإيرانية في الخارج.
وكشفت مصادر عن محادثات تجري في سلطنة عمان بين مسؤولين أمريكيين وغربيين من جهة وبين مسؤولين إيرانيين من جهة أخرى تروم الحد من البرنامج النووي الإيراني وإطلاق سراح مواطنين أمريكيين محتجزين في إيران.
ويمكن وصف هذه الخطوات على أنها “تفاهم” لا اتفاق يتطلب مراجعة من الكونغرس الأمريكي، حيث يعارض كثيرون منح إيران مزايا بسبب مساعدتها العسكرية لروسيا وأعمالها القمعية في الداخل ودعمها لوكلاء يهاجمون المصالح الأمريكية في المنطقة.
وبعد أن فشلت في إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015، تأمل واشنطن في استعادة بعض القيود على إيران لمنعها من الحصول على سلاح نووي يمكن أن يهدد إسرائيل ويثير سباق تسلح بالمنطقة. وتقول طهران إنها لا تطمح إلى تطوير سلاح نووي.
وكان اتفاق 2015، الذي انسحب منه في 2018 الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، يضع حدا لتخصيب طهران لليورانيوم عند درجة نقاء 3.67 بالمئة ومخزونها من هذه المادة عند 202.8 كيلوغرام، وهي حدود تتجاوزها طهران منذ ذلك الحين.
من جانبهم، نفى مسؤولون أمريكيون تواجد أي اتفاق مع إيران لتبادل الأسرى واصفين التصريحات الإيرانية بـ”الكاذبة”.
ويبحث مسؤولون أمريكيون وأوروبيون عن طرق لكبح جهود طهران النووية منذ انهيار المحادثات الأمريكية الإيرانية غير المباشرة. وتفسر الرغبة في استئناف المناقشات تنامي الشعور في العواصم الغربية بضرورة التعامل مع برنامج إيران.
وبرأي المراقبين، تنفي الحكومة الأمريكية تقارير عن سعيها إلى اتفاق مؤقت، مستعملة وسائلها للإنكار المعدة بعناية لتترك الباب مفتوحا أمام احتمال “تفاهم” أقل رسمية يمكن أن يتجنب مراجعة الكونغرس.
و في حين نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، تواجد أي اتفاق مع إيران، غير أنه قال إن واشنطن تريد من طهران تخفيف حدة التوتر وكبح برنامجها النووي ووقف دعم جماعات بالمنطقة تنفذ هجمات بالوكالة ووقف دعم الحرب الروسية على أوكرانيا والإفراج عن مواطنين أمريكيين محتجزين. وأضاف “نواصل استعمال وسائل التواصل الدبلوماسية لتحقيق جميع هذه الاهداف”، من دون الخوض في تفاصيل.
وقال مسؤول إيراني “أطلق عليه ما تريد، سواء اتفاق مؤقت أو اتفاق مرحلي أو تفاهم مشترك.. الجانبان كلاهما يريدان منع المزيد من التصعيد”. وقال إنه في البداية “يشمل ذلك تبادل سجناء وإطلاق سراح جزء من الأصول الإيرانية المجمدة”؛ واضاف، إن الخطوات الأخرى قد تشمل إعفاءات من العقوبات الأمريكية المرتبطة بإيران لتصدير النفط مقابل وقف تخصيب اليورانيوم عند 60 بالمئة وتعاون إيراني أكبر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، على حد وصفه.
وقال مسؤول غربي لوكالة رويترز، طلب عدم الكشف عن هويته “يسعني أن أطلق عليه تفاهم تهدئة”، مضيفا أن هناك أكثر من جولة من المحادثات غير المباشرة في سلطنة عمان بين المسؤول في مجلس الأمن القومي الأمريكي بريت مكجورك وكبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري كني.
كما التقى المبعوث الأمريكي الخاص لإيران روب مالي بسفير إيران لدى الأمم المتحدة بعد شهور من رفض إيران التواصل المباشر. وقال المسؤول الغربي إن الفكرة هي خلق وضع قائم مقبول للجميع، وجعل إيران تتجنب الخط الأحمر الغربي للتخصيب إلى درجة نقاء 90 بالمئة، التي ينظر إليها عادة على أنها أسلحة، وربما حتى “وقف” تخصيبها عند 60 بالمئة.
وقال المسؤول إنه فضلا عن الوقف عند 60 بالمئة، يبحث الجانبان مزيدا من التعاون الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعدم تركيب أجهزة طرد مركزي أكثر تقدما مقابل “تحويل كبير” لأموال إيرانية متواجدة في الخارج. ولم يحدد المسؤول ما إذا كان التوقف يعني أن إيران ستلتزم بعدم التخصيب فوق 60 بالمئة أو أنها ستتوقف عن التخصيب إلى نسبة 60 بالمئة نفسها.
ولم يتضح أيضا ترتيب الخطوات وكيفية ارتباطها بالإفراج عن ثلاثة مواطنين أمريكيين محتجزين لدى إيران. وقال مسؤولون في وقت سابق إن إطلاق سراحهم قد يكون مرتبطا بالإفراج عن أموال مجمدة.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن البلدين قد يتبادلان السجناء قريبا إذا أبدت واشنطن حسن نية، مضيفا أن هناك محادثات تجري عبر وسطاء من دون أن يخوض في تفاصيل. ولم ترد بعثة إيران إلى الأمم المتحدة حتى الآن على طلب رويترز للتعليق بشكل مفصل بحسب المراقبين.
وقال المسؤول الغربي إن الهدف الرئيس للولايات المتحدة هو الحيلولة دون تدهور الوضع على الصعيد النووي وتجنب صدام محتمل بين إسرائيل وإيران. وقال “إذا أساء الإيرانيون التقدير، فإن احتمالات رد إسرائيلي قوي هو أمر نريد تجنبه”.
ويظهر ان المسؤولين الأمريكيين يتجنبون القول إنهم يسعون إلى “اتفاق” بسبب قانون 2015 الذي يستوجب حصول الكونغرس على نص أي اتفاق بشأن برنامج إيران النووي، مما يفتح المجال أمام المشرعين لمراجعته وربما التصويت عليه.
وكتب مايكل مكول رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، وهو جمهوري، إلى الرئيس جو بايدن يوم الخميس ١٥ حزيران قائلا إن “أي ترتيب أو تفاهم مع إيران، حتى وإن كان غير رسمي، يتطلب تقديمه للكونغرس”.
وحذرت الولايات المتحدة مؤخرا من “تهديد جدي” تعليقاً على كشف إيران النقاب عن صاروخ بالستي جديد يبلغ مداه ألفي كلم ويستطيع حمل رؤوس يتجاوز وزنها طناً. وصرح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر “كما سبق أن قلنا بوضوح، إن قيام ايران بتطوير وإطلاق صواريخ بالستية يشكل تهديداً جدياً للأمن الإقليمي والدولي”، مشددا القول على أنه برغم القيود التي فرضها المجتمع الدولي، فإن إيران “تواصل حيازة تكنولوجيات مرتبطة بالصواريخ البالستية من مزودين أجانب، وإجراء اختبارات لصواريخ بالستية” في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة.
وأضاف المتحدث أن “ايران مزودة بالسلاح النووي ستتحرك في شكل أكثر استفزازاً، لذا نحاول التحذير من امتلاك ايران سلاحاً نووياً مماثلا”.