د . عبد علي عوض
في ألآونة ألأخيرة، صار الكثير من ألإعلاميين وبعض الاقتصاديين يهللون بأن نسبة النمو الاقتصادي في العراق قد تعدّت ألـ 9% وهكذا نسبة موجودة فقط في الصين…. لكن إن أردنا معرفة النمو الاقتصادي الفعلي فيجب الاطلاع على جداول الموازنة السنوية سنرى إنّ نسبة عوائد النفط تشكّل حوالي 95% من مجملها والباقي يَرِد من المصادر ألأخرى: الضرائب، الكمارك، النقل ، الخدمات البلدية إلخ والتي تبلغ نسبتها ألـ 5% تقديراً… فعندما ترتفع تلك النسبة على سبيل الفرض إلى 10% أو أكثر عند ذاك يمكن الإشارة إلى وجود نمو اقتصادي… بينما ألذي حصلَ في زيادة العوائد المالية يعود إلى ارتفاع أسعار النفط ألتي تتذبذب حسب العرض والطلب… فلو افترضنا جدلاً بأنّ أسعار النفط انخفضت انخفاضا حاداً إلى ألـ 40 دولار أو 30 دولار وهذا السعر هو أقل من السعر التقديري للبرميل الواحد ألذي وضِعَ في الموازنة السنوية لهذا العام 2202 لوقعت الكارثة، إذ سيحصل عجز كبير في تلك الموازنة ولغرض سَد ذلك العجز ستضطر وزارة المالية بأللجوء إلى الاقتراض الخارجي والداخلي! … بزيادة الوفرة المالية الحالية لم تتعظ الحكومات المتعاقبة باستغلال تلك الزيادة لتأسيس [ صندوق الطوارئ] ألذي يجب أن تبلغ نسبته ألـ 20% ، فإذا كان مجمل الموازنة السنوية ألـ 100 مليار دولار يُضاف إلى جانبه مبلغ 20 مليار دولار كوديعة لدى البنك المركزي ولا يجوز المساس به، حيث إنّ ذلك الصندوق سيلعب دوراً كبيراً في حالة حدوث هبوط حاد في أسعار النفط، وقد واجه الاقتصاد العراقي تلك الحالة في عام 2008 حينما قفزَت اسعار النفط إلى 143 دولار للبرميل ثمّ هبطت إلى 34 دولار… فلم تُستغل تلك الزيادة لتأسيس ذلك الصندوق، مع العلم نبهنا في حينه بأنّ الزيادة السريعة في الأسعار سيعقبها مباشرةً هبوط حاد لكونها زيادة مصطنعة ووقع ماكنّا نتحاشاه.
لقد أعلنَ مصطفى الكاظمي عن الإنجاز الاقتصادي لحكومته ألذي يتمثل ببلوغ ألإحتياطي النقدي الاستراتيجي ألـ 85 مليار دولار + 100 طن من الذهب… لربما الشيء ألإيجابي ألذي فعله الكاظمي هو أنه لم تمتد يده إلى ذلك الاحتياطي الاستراتيجي كما أراد أن يفعل ذلك نوري المالكي على طريقة ” مِد أيدك بالخرج واسحب” وبسبب ذلك وقعت المشكلة بينه وبين محافظ البنك المركزي ألأسبق المرحوم سنان الشبيبي.
إذا لم تُفعّل قطاعات الاقتصاد الوطني ألتي تشارك في تكوين الناتج المحلي ألإجمالي السنوي فسيبقى الاقتصاد العراقي اقتصادا ريعياً مكشوف على الخارج يتأثر مباشرةً بهزّات وتغيرات الاقتصاد العالمي