منارات عراقية … التراث عند العلّامة الموسوعي الراحل زهير احمد القيسي

 

مهدي حمود الانصاري

زهير احمد القيسي، صحفي ومترجم، وباحث وشاعر وشطرنجي ومن رجال التراث الشعبي، نظم الشعر، منذ عام 1948 وجمعه في ديوان بعنوان (اغاني الشبابة الضائعة) صدر عن وزارة الثقافة. وللقيسي أكثر من 20 كتابا مطبوعا في المكتبة العربية (الزراعة والنبات في التراث) و(انموذج القتال في نقل العوال) و(الشطرنج الكبير) و(الشطرنج الصغير)، الخ…

زرت القيسي في يوم 7/6/2002 فأراني في داره العامرة حي الغزالية تلولا من المعرفة المخطوطة بقلمه، تقارب الخمسين.. وما يعجز القلم عن عدها، وكيفية تأليفها ودراستها وترجمة بعضها.

وعافه شعلة وقادة من المعرفة لا نظير لها والتواصل المحمود خلق منه اديبا موسوعيا منفردا، وله في ميدان التراث الشعبي الفولكلوري نصيب كبير.

 

 

والفولكلور او الغلق كما سماه الباحث الاستاذ عبد الحق فاضل جزء من حياتنا العقلية وقد اسهم في اغنائه عدد كبير من باحثينا ومن رجال التراث الشعبي لذكرهم بالإجلال والاعتزاز ومنهم الباحث الموسوعي المعروف زهير احمد القيسي الذي اسهم في هذا الجانب الثقافي اسهامات جليلة وعديدة، لم تقتصر على مجلة التراث الشعبي، الزاهرة الرائدة، وانما جاوزتها الى غيرها من مجالات النشر، ولكننا سنجعل وكدنا في هذا الموضوع اسهاماته في هذا الباب، وقد رصدنا من مساهماته في التراث الفولكلوري، بحثا عميقا بعنوان (النسر) تعرض فيه لاستعمالات النسر في الشعارات والرايات للدول والافراد، وفي التاريخ فبحثه بشكل مصور من الجانب التاريخي واليومي والشعاري، ومنها بحث بعنوان (الاسد) نحا فيه هذا المنحى، وهذان المبحثان جزء من كتابه الكبير (الاعلام والبيارق والرايات والبنود والشعارات) ومن جوانب التراث الشعبي الذي تعرض له الباحث القيسي موضوع (الخضر) فعالجه معالجة تنسجم مع الدراسة العلمية لاستنباط الدلالات الاجتماعية والفكرية التي يؤدي اليها موضوعه الخضر ومقاماته وما يتعلق به من نصوص دينية وحكايات شعبية وفولكورية، وكذلك بحث في الرايات الشعبية التي ترفعها العشائر في احوال بعينها وما ترمز اليه، اما موضوع (الهلال) فقد استأثر باهتمامه لما له من علاقة بالفكر الديني والاجتماعي منذ اقدم العصور حتى الان انحدارا الى استعمال جذوة الحصان الحديدية ومعانيها، ويدخل في هذا الباب موضوع اتخاذ الحيوانات رموزا شعارية حفل بها الفولكلور او التراث الشعبي، منذ ان كانت حيوانات طوطما اي شعارا للإنسان الاول.

 

 

وعالج الباحث القيسي في موضوع (الاصنام والاوثان) جانبا مهما من جوانب البحث الفكري والاعتقادي عند العرب ما قبل الاسلام، والاشتقاقات التي احدرت منها مؤلفات عرب الجاهلية مثل ود، واللات، ويعوق، ونسر، وهبل، اعتمادا على دراسات معمقة لأصول الترنيمات الجاهلية والجذور التي تشكل تلك المعتقدات وقد احدث بحث بعنوان (قيس) كتبة الاستاذ القيسي، ضجة كبرى في المحافل اللغوية والثقافية عندما اعاد جذر هذه المادة اللغوية الى كاسيوس جوبتر كبير الهة الرومان وشقت طريقها الى العربية.

ولزهير القيسي رجل التراث الشعبي، العديد من الاسهامات المهمة، في بحث الفولكلور تعرض لها خصوصا في مجلة التراث الشعبية، ومنها بحثه عن الشطرنج في الفولكلور والقصص الشعبية والروايات غير التاريخية التي تضمن جزءا منها كتاب العلم المفرد (تاريخ الشطرنج الكبير) الذي حاز جوائز علمية وصار موضع اهتمام الباحثين والنقاد في اماكن عديدة من العالم بحيث وضع في مصاف كتابي موراي وافير باخ عن الشطرنج، ولا تفوتنا الاشارة في مجال التراث الشعبية الدلالات الفولكلورية للآثار الشعبية المعروفة المتداولة وغير المتداولة والمندثرة اغنى علم الفولكلور العراقي والعربي اغناء كبيرا وخاصة الامثال التي تتناول شيئا من الحياة اليومية ويدخل في هذا الباب، الكتاب الضخم الذي كتبه القيسي زهير احمد بعنوان (اليقين في التراث والاسطورة).

أقعده المرض في سنواته الأخيرة، علمًا ان رئيس إقليم كوردستان، السيد مسعود بارزاني، قرر تكفل علاجه ورعايته؛ بعد مناشدة الاخير عبر “شفق نيوز” لمساعدته بسبب تدهور حالته الصحية.

توفى في محافظة أربيل يوم السبت 22 كانون الأول 2012.

 

قد يعجبك ايضا