بعد وفاة “علي” بالسرطان … الأب يتهم عملاق النفط البريطاني “بي بي” بالتسبب في موت ابنه

 

 

 

متابعة – التآخي

قال أب توفي ابنه إثر إصابته بالسرطان في العراق لشركة بريتيش بتروليوم (بي بي) في اجتماعها السنوي إن “السرطان منتشر لدرجة أنه أصبح مثل الأنفلونزا”، بعد أن أخبره الطبيب أنه من المحتمل أن تكون الوفاة ناجمة عن حرق الغاز من حقول النفط التابعة للشركة.

وقد وثق الابن علي حسين جلود “قبل وفاته” بعضا من حياته، من أجل تحقيق أجرته محطة بي بي سي البريطانية، خلص إلى تواجد مستويات عالية من الملوثات المرتبطة بالسرطان في حقل نفط تابع للشركة البريطانية. وتوفي علي في 21 نيسان متأثرا بالإصابة بسرطان الدم. وتقول الشركة إنها قدمت تعازيها للعائلة.

ويقول الأب، حسين جلود، إن حياة ابنه ضاعت بسبب مساعي الشركة للحصول على أرباح قياسية. وقال طبيب علي إنه من المحتمل أن يكون سرطان الدم ناتجا عن مستويات عالية من التلوث في المنطقة المحلية.

وكشف تحقيق أجرته خدمة بي بي سي عربي أن التجمعات السكنية العراقية التي تعيش بالقرب من حقول النفط، حيث يتم حرق الغاز في الهواء الطلق، معرضة بشكل كبير لخطر الإصابة بسرطان الدم.

وحرق الغاز هو حرق “مهدر للموارد” للغاز المنطلق في أثناء التنقيب عن النفط، الذي تنتج عنه ملوثات مرتبطة بالسرطان.

وفي الرميلة، يجري حرق الغاز على بعد أقل من ألفي متر من منزل علي، في انتهاك للقوانين العراقية التي تنص على أنه يجب أن يكون على بعد 10 كيلومترات في الأقل من منازل السكان.

وخلصت بي بي سي إلى أن شركتي بي بي وإيني هما شركتا النفط الرئيستان اللتان تعملان في بعض أكبر مناطق التنقيب عن النفط في البلاد في جنوب شرقي العراق.

وتحدث جلود في الاجتماع العام السنوي لشركة بي بي عبر كاميرا الويب ومعه مترجم من جنوب العراق، بدلا من ابنه، الذي كان ينوي طرح سؤال بنفسه، لكنه توفي قبل أن يتمكن من القيام بذلك. ووصف جلود وضعه المعيشي لمجلس إدارة بي بي.

وقال “من باب منزلي، يمكنك أن ترى الدخان الأسود المنبعث من اشتعال الغاز على مدار 24 ساعة في اليوم، ويمكنك أن تشم رائحة الكيماويات السامة من هذه الشعلات”؛ وأضاف “في بعض الأحيان يكون الأمر سيئا للغاية حتى أنه يصبح من الصعب التنفس، وتمطر السماء نفطا… والسرطان منتشر هنا مثل الأنفلونزا”. وكان علي يعاني من المرض منذ أن كان عمره 15 عاما.

ولطالما اشتبه من يعيشون قرب بعض أكبر حقول النفط في العالم في البصرة وجنوب شرقي العراق، في الرميلة وغرب القرنة، والزبير، ونهران عمر، أن سرطان الدم لدى الأطفال في ازدياد ملحوظ، وأن اشتعال الغاز من الحقول النفطية يعد السبب في ذلك.

وخلصت وثيقة رسمية مسربة إلى القائمين على التحقيق الى  أن هناك زيادة بنسبة 20 في المئة في معدلات الإصابة بالسرطان في هذه المنطقة على مدى السنوات الخمس الماضية، مع زيادة حرق الغاز.

وأوضح جلود أن أعظم أمنية لعلي كانت أن يتوقف حرق الغاز والتلوث، مردفا  “كان محبا للطبيعة، مكانه المفضل في العالم هو حديقته. وتمنى أن يستمتع الأطفال باللعب والتنفس بحرية في الخارج”.

وقالت شركة النفط العملاقة في اجتماعها السنوي إنها تواصل الحد من حرق الغاز في الرميلة.

كما خلصت بي بي سي إلى تواجد ملايين الأطنان من الانبعاثات غير المصرح بها من حرق الغاز في حقول النفط حيث تعمل شركات بي بي، وإيني، وإكسون موبيل، وشيفرون، وشل.

ويوم الخميس ٢٧ نيسان ٢٠٢٣، صوتت بعض أكبر صناديق التقاعد في بريطانيا ضد إعادة تعيين رئيس شركة بي بي، هيلغي لوند، بسبب قرار الشركة التراجع عن خططها المناخية، لكن غالبية المساهمين أيدوا إعادة تعيينه.

يأتي ذلك بعد أن خفضت شركة الطاقة العملاقة هدفها المتمثل في خفض الانبعاثات بحلول نهاية العقد. وبالإضافة إلى الأصوات المعارضة، أحدث الناشطون في مجال التغير المناخي اضطرابا في الاجتماع السنوي. وقالت بي بي إنها تقدر “التحدي والمشاركة البناءة”.

وقال مسؤولو صندوق نيست، وهو أحد صناديق التقاعد الخمسة التي صوتت ضد إعادة تعيين لوند،  إن هناك مخاوف بشأن إجراءات شركة بي بي بشأن الحد من حرق الغاز، بعد مشاهدة فيلم وثائقي بعنوان “تحت سماء مسمومة”. وقالت صناديق التقاعد الخمسة لبي بي سي إن تصويتهم كان احتجاجا على تصرفات الشركة.

وصناديق التقاعد لديها 440 مليون جنيه استرليني مستثمرة في بي بي، وهو ما يمثل أقل من واحد في المئة من إجمالي أسهم الشركة. لكنهم يديرون معاشات أكثر من ثلث عمال بريطانيا، لذا فهم صوت مؤثر. وقالت شركة إيني إنها “ترفض بشدة أي مزاعم بأن أنشطتها تعرض صحة الشعب العراقي للخطر”.

وكان تحقيق بريطاني قد حذر في وقت سابق بالقول،  اكتشفنا بوساطة بيانات الأقمار الصناعية، أن حقل الرميلة في البصرة، جنوبي العراق هو اسوأ حقل نفطي من ناحية معدلات الانبعاثات الناتجة عن غاز الشعلة في العالم كله. وغاز الشعلة ليس فقط مصدر مهم لانبعاثات الغازات التي تتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري بل إنه من المعروف أنه مسؤول عن انبعاثات البنزين النفطي الذي يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان بخاصة سرطان الدم عند الأطفال.

واردف التحقيق، عشرات الأشخاص الذين يعيشون في تجمعات متعددة بالقرب من حقول نفط، مثل حقل الرميلة، أخبرونا القصص نفسها، وأكدوا أن لديهم قريباً أو صديقاً يعاني من مرض السرطان وغالبا سرطان الدم.

أحد هؤلاء هو علي “قبل أن يتوفى”  الذي كان يبلغ ثمانية عشر عاماً حينها وباع والده كل شيء في منزله لجمع ما يكفي من مال للإنفاق على علاج ابنه في تركيا. وقال علي إن مستشفى السرطان في البصرة مليء بأشخاص مثله ممن يعيشون بالقرب من حقول النفط .

والرميلة التي تأوي عدة آلاف من الأشخاص تعرف باسم “مدينة الظل” من قبل السكان المحليين لأنها مقطوعة عن بقية المناطق وتفتقر الى الخدمات الأساسية. ويطلق علي وأصدقاؤه عليها إسم ” المقبرة” .

وكان المتوفي علي قد قال في ذلك التحقيق “في مرحلة الطفولة عندما كنا نلعب كرة القدم كنا نهرول مسرعين الى الداخل بسبب سحب الدخان التي كانت تخنقنا والنفط الذي كانت السماء تمطره علينا”، مزيدا “عندما أخبرت الطبيب في مستشفى البصرة لسرطان الأطفال بأنني أعيش في هذه المنطقة قال لي إن هذا هو السبب الرئيس لمرضك”.

قد يعجبك ايضا