كوردستان يجب ان تصبح دولة

كامل سلمان

كوردستان قلب الشرق الأوسط النابض ، والدول المحيطة بكوردستان هي قلب المشاكل والصراعات في الشرق الاوسط ، وان عدم استقرار المنطقة هو بسبب هذه الدول ، المشاكل القومية والدينية والعرقية والطائفية والسياسية والاقتصادية والكوارث الطبيعية كلها تخرج من هذه الدول الاربعة ، فهذه الدول ولادة للمشاكل للمنطقة والعالم اجمع ، فوجود كوردستان كدولة هي واحدة من الحلول التي تخفف من هذه المشاكل ، كل مشكلة تحدث هنا وهناك تجد كوردستان هي الحاضنة للمتضررين الباحثين عن النجاة ، ومشاكل هذه الدول تزداد ولا تقل يوماً بعد يوم، وحاجتهم لكوردستان ايضاً تزداد ولا تقل ، فلماذا هذا العناد والاصرار على عدم السماح لتأسيس دولة كوردستان ؟ أليس هذا مخالف للمنطق ولحاجتهم الفعلية للإستقرار ، وعند الحاجة يتمنون لو أن كوردستان دولة لتستطيع ان تقدم لهم أكثر مما تقدمه لهم كأقليم . هذه الدول المحيطة بكوردستان لن ترى الاستقرار ولن تنعم بالامان لأن وجودها قائم على المشاكل ، فأي نظام سياسي أيدلوجي لا يمكن ان يستقر لأن الايدلوجية في نظام الحكم تمنع ذلك ، حتى وأن أستقرت داخلياً ستقوم بأفتعال المشاكل والأزمات للدول الجارة او للمجتمع الدولي . فهذه الدول تركيبتها ايدلوجية ومن المستحيل ان تصبح أية دولة من هذه الدول دولة ديمقراطية دستورية لأن الديمقراطية لا يمكن لها النجاح في واقع ايدلوجي وديني متشدد . انظروا للعقود الثلاثة الاخيرة كم أزمة وكم كارثة وكم مشكلة اصابت هذه الدول فكانت كوردستان هي الملاذ الآمن دون تمييز بين عرق وعرق او دين ودين او طائفة وطائفة ، عشرات الالاف من الايرانيين والسوريين والترك والعراقيين يبحثون عن العمل في كوردستان ، فلو كانت كوردستان دولة لأستوعبت الملايين منهم بعد ان توفر لهم الأمان والاستقرار وسبل العيش الكريم .

الاقتصاد التركي اليوم يتكأ على كوردستان ، الاستقرار الأمني في إيران يتكأ على كوردستان ، الوضع السياسي في العراق يتكأ على كوردستان ، اما سوريا فأنها ستكون مستفيدة جداً لو أن كوردستان دولة ، وهل نسيت دول المنطقة محاربة داعش انطلقت جحافلها من كوردستان ، هذه الحقائق تكبر كل يوم وتتوضح بشكل جلي ، ولو كانت أنظمة هذه الدول متحررة من الامراض العنصرية والشوفينية لعرفت ان مصلحتها ومستقبلها سيكون افضل مع وجود دولة كوردستان . وهم يعلمون تماماً ان الكورد ليسوا عدوانيين ، فأن استقلوا سيزدادون حرصاً على تقوية الاواصر مع شعوب المنطقة لأن الشعب الكوردي لا يمكن ان ينفصل عن الشعوب المجاورة فهناك وشائج وروابط دينية واجتماعية ومصاهرة ومصالح ومشاركات ثقافية ولغوية عميقة جداً ، والكل يعلم ذلك .

لنكن صريحين جداً ، ما القيمة العملية لوجود الكورد تحت سلطة هذه الدول ؟ إذا كانت الارض هي المقصودة فالأرض ارض الكورد ولم ولن يعيش عليها غير الكورد ، وأما إذا كانت الأموال فالأموال تعطى للكورد ولم تؤخذ منهم ، فهذه اموال العراق تؤخذ من خيرات الجنوب وتعطى للكورد وكذلك تفعل ايران وتركيا وسوريا ناهيك عن الصرفيات العسكرية وغير العسكرية الباهضة التي تصرفها هذه الدول بشكل جنوني فقط للحفاظ على الشكل الجغرافي لبلدانهم على حساب الكورد مع كل ما يسببه الكورد المطالبين بحقوقهم من متاعب لحكومات هذه الدول . إذا كان الخوف من انتقام الكورد فهم يعلمون علم اليقين ان الأمة الكوردية لم تتدخل يوماً ولم تخلق اية مشكلة لهذه الدول خارج نطاق حقوقها القومية ، فالثقافة واللغة والعادات الكوردية ثابتة في الاراضي الكوردية ولم تغيرها سلطة الدول المجاورة عليها ، فلماذا لا تنظر حكومات هذه الدول للواقع بشكل صحيح وتتحرر من الافكار العقيمة التي لم تجلب لشعوبها غير الويلات والالم .

فعندما نقول ان كوردستان يجب ان تكون دولة كحق شرعي للشعب الكوردي انما هو قرار لا يتراجع عنه الشعب الكوردي مهما ضاقت وتعسرت الامور ، وكان من الحكمة لحكومات هذه الدول إنها هي من تطالب بأستقلالية كوردستان لتدخر الجهود والاموال لبناء بلدانها وكذلك تستطيع بناء مصالح استراتيجية مع دولة كوردية تنفعهم ولا تضرهم .

مع كل ذلك فأن شعوب المنطقة تتطلع الى تأسيس حكومات ديمقراطية دستورية أسوة بباقي شعوب الأرض ، فإن شاءت الاقدار ان يتحقق ذلك لشعوب المنطقة فأن دساتيرها العادلة ستجبرها حينئذ على قبول حق تقرير المصير للشعب الكوردي والا ستبقى هذه الشعوب تعاني من حكوماتها غير الدستورية وغير المنتخبة أكثر مما يعاني الكورد أنفسهم من هذه الحكومات . . لا أظن اي إنسان عاقل من شعوب الدول المحيطة بكوردستان يرضى بهذا الحمل الإضافي الذي انقض ظهورهم .

ستطالبهم شعوبهم يوم ما بأن يتركوا الكورد لحالهم ويوفروا الاموال التي تضيع بسبب اصرارهم غير المبرر لإبقاء الكورد تحت سلطتهم دون اية منفعة ، عندها يتمنون لو أنهم فعلوا ذلك منذ امداً بعيدا . فالمصلحة المشتركة التي تنفع الجميع ولا تضر احداً هو ان كوردستان يجب ان تصبح دولة .

قد يعجبك ايضا