اعداد: عدنان رحمن
اصدار: 8- 3- 2023
في العام 2018 صدر عن مكتبة السراي- شارع المتنبي- بغداد كتاب للاستاذ فاضل ابراهيم القيسي بعنوان ( مدينة خانقين وشيء من الماضي وسيرة وذكريات) بطبعته الثالثة.
وقد أورد في جزءٍ من الإهداء المقطع التالي:
– ” إلى نهر الوند”.
أما في التمهيد فقد ذكر:
- ” الذي سأعرضه شيء من الماضي… مضى وانتهى.. والماضي لا يعود.. وإنما مجرد سوالف.. يحضر ويتجول في الخيال.. بوضوح وبالتفاصيل.. حاولت ابعاده فأبى.. فعملتُ على كتابته.. وقللّتُ وما أكثرت.. ونقــــــــول (( ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو اخطأنا))”.
وفي معرض تطرقه الى الهجمات التي قام بها الجيش الروسي على خانقين في الحرب العالمية الاولى أورد:
- ” هجمات الجيش الروسي على خانقين: آخر هجومين قادمين من الشرق تعرضت لهما مدينة خانقين كانا من قبل الجيش الروسي عندما اخترق حياد ايران خلال الحرب العالمية الاولى وتحشدت قواته في منطقة ( قصر شيرين) وعند غروب يوم 2/ 3 / 1916 حرّك الجنرال الروسي باراتوف ثلاثة أرتال من جيشه من منطقة ( قصر شيرين) نحو مدينة خانقين، كانت بالشكل التالي: ( الرتل المركزي- الرتل الجنوبي- الرتل الشمالي) للإطباق على المدينة من كافة الجهات. كان الرتل المركزي قد وصل بعد الفجر منفذ ( خسروي- منذرية) فجابهته نيران قوية كثيفة انصبّت عليه من مواضع الجيش التركي على جانبَي الطريق العام، فعجز عن التقدّم.. فنقل هجومه الى الجناح الأيسر للمواضع التركية، وفشل أيضاً، فتحوّل هجومه الى المُشاغلة واستقر الموقف على هذه الصورة. أما بالنسبة للرتل الجنوبي فإنه مع الفجر التالي وصل الى منطقة ( بانميل) ومنها أندفع الى تلال قرية ملك شاه- إمام عباس وقطعَ طريق ( خانقين- قزلرباط) وفيها قطع خطوط المواصلات، ووجّه نيران رشاشاته وبنادقه على جسر الوند في خانقين. كان موقع قيادة القائد التركي ( العميد علي احسان بك) في منطقة ( توله فروش)، وعندما خرج وشاهد ما جرى، شعَرَ بحجم المخاطر المحدقة بالمدينة.. وكان حينها قسماً من قطعات من الجيش العثماني ( الفرقة الثانية ولواء الخيالّة المُستقل) في طريقها الى المدينة، فقد كانوا في حالة المسير قادمين من مدينة الكوت ليؤازروا قواته في خانقين، حيث كانت القوات التي معه هي: ( الفرقة السادسة التركية وجحفل شوكت بك وبعض المتطوعين)، فتصرّف بحكمة وأدار المعركة بكفاءة، حيث وجّه قوة من قوات الاحتياط بقيادة احد امرائه لطرد القطعات الروسية من منطقة ( قرية ملك شاه).
وقد خاضت القوة التركية ( نهر الوند) وخرجت على القوات الروسية من خلال البساتين، فدارت رُحى معارك عنيفة مع القوات الروسية ممّا اضطرها الى الانسحاب نحو ( بانميل) بعد أن تركوا وراءهم عدداً غير قليل مِن قتلاهم في أرض المعركة، وقد قدّم الجيش التركي ايضاً تضحيات لطرد هذا الرتل الروسي. أما الرتل الشمالي فقد أنطلق من منطقة ( قصر شيرين) نحو ( قوره تو- حوش كري) وعند منتصف تلك الليلة اجتاز منطقة ( إمام محمود) وبعدَ مسافة قصيرة توقّف حتى طلوع الضياء الأول، حيث كان توقفهم عَن عِلمْ… فقد كانت أمامهم شبكة اروائية يستحيل اجتيازها في جنح ظلام الليل، فضلاً عن وجود أدلاّء مع الارتال الروسية للترهيب أو الترغيب.
وقد قال قائل من سكان القرية القريبة: ( بعد منتصف الليل قبل الفجر استيقظنا على ضجيج وأصوات ملئت المنطقة، وعند الصباح قالوا، ان هــــــذا الجيش مسقوفي. ([1]) واستمر يتقدم نحو منطقة ( علياوه) ساحباً عدداً من المدافع، حيث كانت أمامه شبكة من القنوات الاروائية الموحلة التي تتفرع من نهر ( قولاي) الخالية من المعابر النظامية. لقد استغرق الرتل عدة ساعات لاجتياز تلك القنوات، ثمّ وصل الى مشارف ( علياوه) في وقت متأخر. وبعد اندحار الرتل الجنوبي العائد لهم، استعدت قوة تركية لاستقباله وذلك بعدما شعرَ القائد التركي ان الموقف لصالح الجيش التركي فأنقلب على عقبيه منسحباً ( اي الروس) مروراً بالتل الأبيض ( قرية حسين العوض- عباس ديزه)، واستمر الروس بالانسحاب حـــــــــتى بلغوا ( قوره تو- قصر شيرين)”.
أما الكتاب الثاني ففي العام 2022 صدر ببغداد الطبعة الاولى من كتاب بعنوان ( جميل الاورفه لي ودَوره في تاريخ العراق المـــــــعاصر [ 1907- 1994])، الذي كان من تأليف الدكتور ( قاسم عبد الرضا الشمري) ومراجعة الاستـــــــاذ الدكتور ( فاهم نعمة الياسري).
صدر هذا الكتاب عن دار الآداب للطباعة والنشر والتوزيع- بغداد- شارع المتنبي. و دار ومكتبة البيارق للنشر والتوزيع- بغداد- شارع المتنبي. ودار سما العراق للنشر والتوزيع.
والكتاب في الأصل رسالة جامعية من أجل نيل الشهادة الاكاديمية، فيه ثلاثة فصول، عدا الاهداء والمحتويات وقائمة المختصرات والمقدمة والخاتمة والمصادر والملاحق.
الفصل الاول كان بعنوان: ( أسرة جميل الأورفه لي ونَسَبهُ ومراحل نشأته). والفصل الثاني كان بعنوان: ( دَور جميل الأورفه لي في مجلس النواب العراقي 1947- 1958). وقد كان عنوان الفصل الثالث: ( جميل الاورفه لي ونشاطه الفكري ودَوره في الوزارات العراقية) التي نورد جزءاً منها:
- ” على الرغم من ان جميل الاورفه لي تقلّد وظائف مختلفة في الدولة العراقية، فقد كان قاضياً للسنوات 1934- 1946. واصبح عضواً في مجلس النواب للسنوات 1947- 1958، وأستوزر في خمس وزارات حتى سقوط النظام الملَكي عام 1958، غير إنّ عملهُ الوظيفي لم يمنعه من أن يكتب ويؤلف وبخاصة في مجال القضاء، الذي قضى شطراً طويلاً من حياته فيه، فقد أصدر في عام 1932 مجلة القضاء، وهي مجلة شهرية خاصة بالأسرة الحقوقية. وفي عام 1948 اصدر كتاباً في القضاء بعنوان ( شرح قانون العقوبات البغدادي)، وهو عبارة عن مجموعة من المحاضرات التي كان يُلقيها على طلاب مدرسة الشرطة العالية في بغداد. فضلاً عن ذلك فقد كان له اهتمامات بنظم الشِعر، فقد كتب قصائد عدة في مناسبات وطنية واجتماعية جمعها في ديوان خاص بها، أطلق عليها اســم ( ديوان الاورفه لي أبو أمل) وقد صدر هذا الديوان بجزأين، وقد كان تاريخ صدروهما بعد سقوط النظام المَلكي بمدة طويلة، إذ صدر الجزء الأول في عام 1987، وصدر الجزء الثاني في عام 1989، وسنسلط الضوء على أهم ما تضمنته تلك المؤلفات:
أولاً: مجلة القضاء:
صدر العدد الأول من هذه المجلة في نيسان عام 1932، وقد كتب عنوانها على غلاف المجلة ( القضاء مجلة خاصة بالأسرة العراقية). كما حددّت المجلة على غلافها مقدار الاشتراك بها، إذ حُدِّد بمبلغ ( 750 فلساً) في بغداد، وتُضاف أجرة البريد على أسعارها في خارج البلاد. كما أشارت المجلة على غلافها بأن سنة المجلة عشرة أشهر، وأنها ( تعوض عن الشَهرين الباقيين بكتابين تقدمها هدية لمشتركيها). وفي الصفحة الاولى للمجلة كتب صاحب المجلة ( جميل الاورفه لي) كلمة الافتتاح التي جاء فيها: ( نفتتح عهدنا في خدمة الاسرة الحقوقية التي نتشرف بالانتماء اليها، وذلك في انشاء هذه المجلة الحقوقية التي شجعنا على تقديمها الى حضرات الاساتذة المحامين وأصحاب السعادة الحُكام ورجال القانون ورغبتهم الأكيدة في اصدار مجلة حقوقية تُسهِّل لهم الإطلاع على نظريات العلوم الحقوقية وتطورات النُظن المُتبعة في الغرب، ولولا ثقة حضرات السادة الحكام والمحامين وعقيدتنا الراسخة بمعاضدتهم لنا لم نُقدم خطوة واحدة في سبيل هذا المشروع الذي نحن اعرف بوعورته في مثل هذه البلاد الناشئة ونحن اكثر الناس تقديراً لما ستجابهه من العقبات الكأداء في طريقنا، التي إنما يُذللها أمامنا هذا العطف الشامل من أخواننا أعضاء هذه الأسرة العِلمية، ولا نريد من هذه الفاتحة أن نكيل لحضرات القراء وعوداً قط تظهر الأيام عدم تحقيقها، بل نريد ان نختمها قائلين بأن هذه المجلة هي للأساتذة الحكام والمحامين وضباط التحقيق انشئت وبأقلامهم وبحوثهم تصدر، فهي منهم وإليهم… وهم أقدر الناس على جعلها مجلة راقية تُمثِّل النهضة الحقوقية في هذه البلاد بإقبالهم ومؤازرتهم وفقنا الله واياهم لما فيه الخير والعِلم). ([2])
وعن اصداره لمجلة القضاء ذكر الاورفه لي في مذكراته:
( أصدرت مجلة قضائية باسم ( مجلة القضاء) وكان يُساعدني في اصدارها نخبة من الأساتذة الأفاضل كالأستاذ عباس العزاوي ومكي الاورفه لي وعبد الكريم البغدادي وعبد الرحمن خضر. كما كان فائق السامرائي يتولى الاشراف على طبعها وتوزيعها) ([3])”.
[1] – صحيفة المدى، موضوع بعنوان: ( روسيا في الوعي الاجتماعي العراقي) في 18- 4- 2016 العدد 3627 ورد في جزءٍ منه: ” توقفت اولاً عند المثل البغدادي شبه المجهول للكثيرين من العراقيين المعاصرين الان, وهو ( مسقوفي), هذا المثل الذي ولد في الفترة العثمانية مع هؤلاء العراقيين, الذين ساهموا– لسوء حظهم– في التصادمات والحروب العثمانية– الروسية العديدة في تلك السنين البعيدة, ايام ( السفر– بر) كما كان اجدادنا يسمونها آنذاك, وهي عملية تسويق للتجنيد بالإكراه وبالقوة للمشاركة في تلك الحروب العبثية التي خاضتها الامبراطورية العثمانية. والمسقوفي كانت تعني الشخص القاسي الفظ, الذي لا توجد عنده اي رحمة تجاه الآخرين, ومن الواضح ان المفردة مشتقة من كلمة ( مسكفا), كما يلفظ الروس اسم عاصمتهم, اي ( موسكو) كما نسميها حاليا ( اي بعد الاحتلال الانكليزي لبلادنا في نهاية الحرب العالمية الاولى), ومن وجهة النظر اللغوية كنا– نحن العرب– نسمي العاصمة الروسية ( مسقفا) وهي تسمية أقرب الى تسميتها الروسية– ( مسكفا)”.
[2] – مجلة القضاء، العدد الأول، نيسان 1932.
[3] – جميل الاور فه لي، لمحات من ذكريات وزير عراقي سابق، ص 20.