آناهيتا حمو. باريس
يُعدّ بيير روندو (1913– 2000) واحدًا من أبرز الباحثين الفرنسيين في شؤون الشرق الأوسط خلال القرن العشرين، وقد جمع بين العمل العسكري والدبلوماسي والدراسة الأكاديمية. ترك بصمة واضحة في فهم قضايا الأقليات في المنطقة، وعلى رأسها القضية الكردية.
الضابط ومستشار عن إهتمام روندو بالاثنيات، العرقية للمجتمع السوري في ظل الانتداب الفرنسي:
خدم بيير روندو كضابط في الجيش الفرنسي، ثم عمل مستشارًا في الشؤون الجيوسياسية، وشارك في رسم السياسات الفرنسية المتعلقة بالشرق الأوسط، خاصة خلال فترة الانتداب الفرنسي في سوريا ولبنان. عُرف باإهتمامه العميق بالمكونات الإجتماعية والعرقية في المنطقة.
الكُرد في أعماله وتحليل أسباب الشرذمة الكُردية:
أولىَ روندو إهتماماً خاصاً بالشعب الكردي، وكتب عنهم في عدد من مؤلفاته، منها:
“الأقليات في الشرق الأدنى” ( Les minorités au Proche-Orient – 1947) :
في هذا الكتاب، يقدم روندو تحليلاً مفصلًا حول الأقليات العرقية والدينية في الشرق الأوسط، متناولاً وضع الكُرد في كل من تركيا، العراق، إيران وسوريا. يشير إلى معاناتهم من القمع والتمييز، كما يبرز طموحاتهم القومية في بناء كيان مستقل أو على الأقل التمتع بالحكم الذاتي.
ويجدر بالذكر بأن الباحث الفرنسي، كتب العديد من المقالات التي نُشرت في مجلات سياسية وأكاديمية، ناقش فيها الدور الإستراتيجي للكُرد، خاصة أثناء الصراعات الإقليمية، مثل النزاع العراقي-الكردي في السبعينيات.
رؤية الباحث والكاتب الفرنسي للقضية الكردية:
رأى روندو أن الكُرد هم ” أكبر أمة بلا دولة”، وشدّد على كونهم شعباً ذا هوية راسخة وثقافة غنية، لكنهم موزّعون بين عدة دول ما يجعلهم عرضة للإضطهاد السياسي والثقافي. كما تنبّه إلى التناقضات الداخلية في الصف الكردي مثل الانقسامات القبلية والحزبية، والتي كانت برأيه سبباً أساسياً في فشل مشاريع التوحيد أو الإستقلال.
أخيراً،لابد أن نذكر مدى تأثيره على الدراسات الأكاديمية والاجيال:
رغم أن أعماله لا تُقرأ اليوم على نطاق واسع، إلا أن بيير روندو يُعدّ من أوائل الباحثين الغربيين الذين تناولوا المسألة الكردية بأسلوب تحليلي رصين بعيداً عن الخطاب الإستشراقي أو الدعائي. وقد أثّرت كتاباته على الدراسات الأكاديمية اللاحقة، لا سيما في الجامعات الفرنسية.