أجيال حقوق الانسان وحرياته الاساسية

 

هند شاكر محمود

يُعد موضوع حقوق الانسان وحرياته الاساسية من المواضيع المهمة في عالمنا المعاصر إذ بات اليوم يكتسب أهمية بالغة ولاسيما في ظل تطور وانتشار قيم ومبادئ الديمقراطية والعدالة والتسامح، وقد حظيت باهتمام عالمي واقليمي تمثل في الحقوق وكفالتها في إعلانات الحقوق والمواثيق والاتفاقيات وحظيت باهتمام الدول كافة على أختلف اتجاهاتها .

وبغض النظر عن النظام السياسي، تهدف هذه الدراسة الى بيان حقوق الانسان من خلال تطور المراحل عبر الاجيال وذلك نتيجة لارتباط حقوق الانسان بالعديد من الجوانب المختلفة ولاسيما التأثير بالجانب الاقتصادي والسياسي، فلم تعد الولايات المتحدة القوة الوحيدة المسيطرة على العالم، انما هناك قوى صاعدة الى جانبها تأثر على العلاقات الدولية مثل الاتحاد الاوربي والصين، فلم يعد الاعتماد على القوة العسكرية فقط وانما اصبحت القوة الاقتصادية والسياسية والتقدم التكنولوجي له دور مهم في ميزان القوى العالمي، والتأكيد على احترام الجيل الثالث من حقوق الانسان والعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة .

في بداية الامر لابد لنا من تحديد ماهية الحق من حيث اللغة والاصطلاح فالحق لغةً: من حق الأمر أي ثبت وصح وصدق، وحق الخبر أي تيقّن منه وصدّقه، وحق القانون أثبته وأوجبه، ويقال من حقك أن تشارك في المباراة مثلاً أي يسوغ لك ذلك، ويصح ويكون من حقك، ويقصد إصطلاحاً: الحق هو الثابت إذاً فالحديث والمطالبة بالحقوق تعني بانها طبيعية وعلى مساس بالبشر غير قابل بالتصرف بها ولا تزول هذه الحقوق وتشمل حرية الكلام والتعبير والديانة والمعتقد والاجتماع والتنظيم وحق التمتع بالحماية المتساوية أمام القوانين .

أما حقوق الإنسان؟ فهي حقوق متأصلة في جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو مكان إقامتهم، أو نوع جنسهم، أو أصلهم الوطني أو العرقي، أولونهم، أودينهم، أولغتهم، أو أي وضع آخر. إن لنا جميع الحق في الحصول على حقوقنا الإنسانية على قدم المساواة وبدون تمييز. وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة. وعرف حقوق الانسان أيضاً بأنها “مجموعة الحقوق الطبيعية التي يمتلكها الانسان واللصيقة طبيعته، والتي تظل موجودة وإن لم يتم الاعتراف بها، بل أكثر من ذلك، وحتى ولو أنتهكت من قبل سلطة ما .

خصائص حقوق الانسان :

من خلال تعريــف مفهــوم حقــوق الانســان بشــكل أوضــح، نحتــاج إلــى معرفــة خصائصــه، لنمــيزه عــن التعريفــات الاخـرى التابعـة لمفهـوم حقـوق المواطنـة أو حقـوق اتبـاع ديـن أو قوميـة وغيـره، ويمكـن جمـل الخصائـص الــي مـيـزت نشــوء المفهــوم فــي الامــم المتحــدة بالآتــي :

. 1- الحقوق الطبيعية: وهي الحقوق التي تنشئ منذ ولادة الانسان

2- الشمولية والتكاملية: شــمول حقــوق الانســان كافــة مناحــي الحيــاة المدنيــة والسياســية والاقتصاديــة والاجتماعيــة والثقافيــة .

3- العالمية: ينتفـع كل فـرد علـى وجـه الارض بحقـوق الانسـان .

4- غير قابلة للتصرف: لا يجــوز التـصـرف أو التنــازل أو المســاس بحقــوق الانســان. والمقصــود بذلــك أن حقــوق الانســان –بكونهــا طبيعيـة– ليسـت مكتسـبة مـن أي أحـد أو سـلطة .

أجيال حقوق الانسان

تصنف حقوق الانسان إستناداً لمضامينها وتسلسلها الزمني وأول من اقترح تقسيم حقوق الإنسان إلى ثلاثة أجيال هو رجل القانون التشيكي كاريل فاساك في المعهد الدولي لحقوق الإنسان في ستراسبورغ. حيث استعمل فاساك المصطلح منذ نوفمبر 1977. والاجيال هي :

1- الجيل الاول: هو جيل الحقوق المدنية والسياسية يمكـن القـول أن الحقـوق المدنيـة والسياسـية، وقد تم اعتماد هذه الحقوق والاعتراف بها عالميا وإعطائها صيغة رسمية لأول مرة في القانون الدولي من خلال المواد 3 إلى 21 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 1948 ولاحقا في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 1966. والمقصـود بذلـك أنهـا حقـوق يمارسـها الافـراد، ويتطلـب الامـر مـن الدولـة عـدم التدخـل أو فـرض القيـود غـير الضروريـة الـي تحـول دون تنفيذهـا، فمثـلاً إن الحـق فـي حريـة الـرأي والتعبـير حـق يمارسـه الافـراد، وليـس مطلـوب مـن الدولـة أن تقـوم هـي بالعمــل علــى أن يتمتــع النــاس بممارســتها. وبمعــنى آخــر أن الفــرد هــو مــن يقــوم بالتعبير عــن رأيــه دون حاجـة إلـى مسـاعدة الدولـة، فيمـا أن الدولـة تعمـل علـى حمايـة هـذا الحـق وتنظمـه .

وهـذا أيضـا مـا يمكـن قولـه عـن الحـق فـي المحاكمـة العادلـة، فصحيـح أن الدولـة هـي مـن تنشـئ نظامـا للقضـاء وتضـع الاجـراءات الخاصــة بــه، ورغــم إتاحــة ممارســة الحقــوق المدنيــة والسياســية مــن قبــل الفــرد بنفســه، إلا أنــه قــد يحتـاج بعـض الحقـوق وخاصـة الحريـات منهـا (كحريـة الـرأي والتعبـير، والتنقـل، وحريـة تكويـن الجمعيـات والاحـزاب، وحريـة المعتقـد والفكـر والوجـدان) إلـى تنظيـم، بـل يمكـن فـرض بعـض القيــود عليهــا حــتى لا يتــم التغــول علــى حقــوق الاخريــن أو ســمعتهم أو النظــام العــام أو الصحـة العامـة أو الآداب العامـة أو الامـن القومـي، وبطبيعـة الحـال يجـب أن تكـون هـذه القيــود فــي أضيــق الحــدود، وضرورية للأسباب ســالفة الذكــر، وأن ينــص عليهــا بقانــون، ويطبــق عليهــا شرطا التناســب والضرورة .

2- الجيل الثاني: تتعلق حقوق الجيل الثاني بالمساواة وبدأ الاعتراف بها من الحكومات بعد الحرب العالمية الثانية. وهي حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية. وتعمل على ضمان ظروف ومعاملة متكافئة لفئات المجتمع المختلفة. وتشمل هذه الحقوق: حق الحصول على عمل، وحق الحصول على الرعاية الصحية والسكن، بالإضافة للضمان الاجتماعي وإعانات العاطلين. وقد تم تضمين حقوق الجيل الثاني أيضا في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المواد 22 إلى 27، وأيضا في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. قام الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت باقتراح وثيقة ثانية للحقوق لضمان كثير من حقوق الجيل الثاني أثناء خطبة حالة الاتحاد في 11 يناير 1944. اليوم تملك الكثير من الحكومات أو الدول أو الاتحادات عهود ملزمة قانونيا تضمن قائمة واسعة لحقوق الإنسان مثل الميثاق الاجتماعي الأوروبي .

3- الجيل الثالث: هو جيل الحقوق البيئية والثقافية والتنموية (جبل التضامن) وهي الحق في التنمية، والحق في السلم الدائم، والحق في بيئة سليمة، والحق في التراث الثقافي والتاريخي والانساني والثروات الطبيعية، وحقوق الإنسان يتخطى مجرد الحقوق المدنية والاجتماعية، وقد ذكرت هذه الحقوق في عدة وثائق تقدمية في القانون الدولي بالإضافة إلى وثائق أخرى طموحة ولكن غير ملزمة قانونيا. أماعن حقوق الجيل الثالث وتطبيق اهداف التنمية المستدامة فهي تؤمن احتياجات الحاضر دون تهديد قدرة الاجيال المستقبلية على تأمين احتياجاتهم، وترتكز على ثلاثة ركائز وهي الاقتصادية والبيئية والاجتماعية واذا تجاهلت هذه الركائز سيستحيل تحقيق الرفاه والحياة الكريمة للجميع في الحاضر والمستقبل.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا