مهند الصالح
“لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس”، بهذه العبارة الخالدة لمصطفى كامل باشا تُختصر فلسفة الإرادة الإنسانية، تلك القوة الخفية التي تسكن أعماقنا، وتُشكّل وقوداً لا ينضب في طريق التحدي والنجاح. فالإرادة ليست ميزة تولد مع البعض وتحرم منها الآخرين، بل هي مهارة يمكن بناؤها، وصناعة حقيقية تتطلب الصبر، والعزم، والتدريب المستمر.
في عالم يزداد تعقيداً كل يوم، تصبح الإرادة الفارق الحقيقي بين من ينهار أمام العقبات ومن ينهض ليواجهها. إنها ليست مجرد رغبة مؤقتة أو طموح هش، بل قوة داخلية تُولد من رحم المعاناة، وتتجلى حين تشتد الأزمات وتُغلق الأبواب. في لحظات الانكسار، حين يتراجع الآخرون، تظهر الإرادة كقبس من نور يمنح صاحبه القدرة على الاستمرار، بل والتفوق.
الإرادة تصنع من الضعف قوة، ومن الفشل دافعاً للنهوض. وهي لا تُقاس بحجم الإنجاز فقط، بل بالإصرار على المضيّ قدماً رغم الإخفاقات، وبالقدرة على تحويل كل تجربة مريرة إلى خطوة نحو القمة. فكم من أشخاص لم يكن لديهم ما يميزهم سوى إرادتهم الصلبة، فتحولوا إلى رموز للنجاح وأيقونات للإصرار.
صناعة الإرادة تبدأ من قرارات بسيطة قد لا يراها الآخرون ذات أهمية، لكنها تُشكّل الأساس الصلب لعادات قوية تبني شخصية قادرة على الثبات والصمود. الالتزام اليومي، النظام، المثابرة، كلها عناصر تشكل تدريجياً عضلة الإرادة. ومع كل نجاح صغير، تترسخ هذه القوة أكثر فأكثر.
وحينما نُدرك أن الإرادة لا تنبع من الظروف الخارجية، بل من داخلنا، نبدأ في فهم المعادلة الحقيقية للنجاح. الإرادة لا تحتاج إلى معجزة، بل إلى إيمان عميق بأننا قادرون، وأن كل عقبة يمكن تجاوزها. هذا الإيمان هو أول خطوة في طريق التغيير.
في النهاية، تبقى الإرادة هي القوة السحرية التي تصنع من المستحيل واقعاً ملموساً، وتحوّل الأحلام إلى منجزات. إنها ليست رفاهية فكرية، بل ضرورة حياتية، بل هي ـ بحق ـ مفتاح النجاح الحقيقي في هذا العالم المتغير