ارهاصات بيئية  تدوير النفايات تجارب الدول وتوفير فرص العمل

 

صادق الازرقي

تنتشر النفايات في العراق بصورة هائلة، ولم يجري التفكير حتى الآن بحلول ناجعة للتعامل معها، وفي هذا الجانب نتخلف ايضا عن اللحاق بالدول الاخرى او مجاراتها في اكتشاف الاسلوب الامثل للتصرف بالنفايات والسيطرة عليها ومن ثم استغلالها بما ينفع السكان.

ان تدوير النفايات بخاصة الورق “الكارتون” والبلاستيك والمعادن، يعد من أهم الحلول للحد من التلوث واستنزاف الموارد الطبيعية، وتختلف التقنيات المستعملة بحسب نوع المادة، وتشمل مراحل تدوير الورق، الجمع والفرز، و وفصل الورق عن المواد الأخرى، واستبعاد الورق الملوث بالدهون أو المواد الكيميائية (مثل الأكواب الورقية المبطنة بالبلاستيك)، ومراحل اخرى مثل التقطيع والخلط مع الماء والتنظيف والتشكيل والتجفيف.

يشار بهذا الخصوص الى ان ألمانيا، لديها أحد أعلى معدلات إعادة تدوير الورق في العالم (نحو 80%)، وتستعمل لهذا الغرض نظام “الصندوق الأزرق” لجمع الورق من المنازل، كما ان السويد، تستورد الورق المستعمل من دول أخرى لتدويره، وتستعمله في صناعة الوقود الحيوي أيضًا!

اما تدوير البلاستيك فتشمل مراحله الاساسية بعد الجمع، فصل البلاستيك بحسب النوع باستعمال أجهزة الاستشعار و العمالة المدربة، بالغسل والتقطيع ومن ثم الصهر وإعادة التشكيل، اذ تُذاب الحبيبات وتُصب في قوالب لصنع منتجات جديدة (مثل الزجاجات، الأكياس، الأثاث).

كما يجري في التقنيات الحديثة، تحويل البلاستيك إلى وقود بالتحلل الحراري.

وفي اليابان، تصل نسبة تدوير البلاستيك لـ 85%، وتستعمل في صناعة الملابس (البوليستر المعاد تدويره)، و لديها آلات بيع عكسية تمنح نقاطا مقابل إعادة العلب البلاستيكية.

وحتى دولة رواند الافريقية حظرت الأكياس البلاستيكية منذ 2008، واعتمدت على تدوير البلاستيك في صناعة الأحذية والحقائب.

اما تدوير المعادن فتفصل بوساطته المعادن الحديدية (مثل الحديد والفولاذ) عن غير الحديدية (مثل الألومنيوم، النحاس)، باستعمال المغناطيس، ثم تكبس المعادن في مكعبات لتسهيل نقلها، و تُقطع إلى قطع صغيرة باستعمال آلات التقطيع.

و تُذاب المعادن في أفران عالية الحرارة لتنقيتها من الشوائب، و يُعاد تشكيلها في صفائح أو قضبان لاستغلالها في الصناعة.

ومن التجارب الناجحة، ان الولايات المتحدة، تُعد من أكبر مُدوري الألومنيوم في العالم (نحو 50% من العلب المعدنية تُعاد تدويرها)، شركة “Novelis” تستعمل الألومنيوم المعاد تدويره في صناعة علب المشروبات.

اما الصين فتستورد كميات هائلة من الخردة المعدنية من أوروبا وأمريكا لتدويرها، وتُنتج منها مواد بناء رخيصة.

ان التدوير ليس خيارا، بل ضرورة للحفاظ على الموارد وتقليل التلوث، وان نجاح دول مثل ألمانيا واليابان يثبت أن الجمع بين التشريعات الصارمة، والتكنولوجيا، والتوعية المجتمعية هو الطريق الأمثل لتحقيق اقتصاد دائري مستدام.

ونحن في العراق نعاني من غياب الوعي المجتمعي بأهمية تدوير النفايات على البيئة والاقتصاد، برغم الحجم الهائل من النفايات التي تطرح يوميا ويجري التعامل معها من دون خطط حقيقية؛ وتلك مسؤولية الحكومة والجهات المعنية بالتأكيد؛ ومن الممكن تشجيع السكان باعطائهم مكافآت مقابل المواد التي يجمعونها بخاصة (الكارتون والبلاستيك والقناني المعدنية)، مثلما يجري في دول اخرى، فتتسلمها الجهات المختصة لتتعامل معها بصورة علمية سليمة، فتتخلص بذلك من اطنان النفايات وتنتج بدلها بالتدوير، وتشغل اعدادا كبيرة من الايدي العاملة العاطلة.

 

قد يعجبك ايضا