أدب حقوق الإنسان م . م جاسم العقيلي

 

يُعرف أدب حقوق الإنسان بأنه نوع أدبي يتعامل مع قضايا حقوق الإنسان، ويروج بنحو مباشر أو غير مباشر لقيم حقوق الإنسان .

إن الهدف من أدب حقوق الإنسان هو الجمع بين القوة الدافعة الأدبية والدافع للعمل، وهو عنصر أساسي ومتكامل للنضال من أجل حماية حقوق الإنسان يعتمد هذا النوع الأدبي على مفهوم «الأدب الملتزم» الذي صاغه الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر .

تلتزم أدبيات حقوق الإنسان بالمجتمع وتؤمن بأن لكل فرد منا واجبًا أخلاقيًا وقوة لإحداث تغيير اجتماعي، ويستند إلى الإيمان بالقوة الهائلة للأدب في إحداث تغيير، وفي مسؤولية المؤلف تجاه القراء على الصعيدين الاجتماعي والفني .

وُضِّح مفهوم أدب حقوق الإنسان أول مرة في مقدمة كتاب الحرية، وهي مختارات من القصص القصيرة لكتاب مشهورين من جميع أنحاء العالم، نُشرت في بريطانيا عام 2010 من قبل شركة ماينستريم للنشر بالتعاون مع منظمة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية، وقد كُتبت القصص باللغة الإنجليزية، وكتبت بروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

تناقش المقدمة «القوة الهائلة للأدب»، بقلم فيريد برزيلاي، والعلاقة بين الرواية الإيطالية «بريما دي لاسيارسي» للكاتبة غابرييلا أمبروسيو، «قبل أن نقول وداعًا»، بحقوق الإنسان .

ويقوم «أدب حقوق الإنسان» على فكرة «الأدب الملتزم» التي صاغها الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر في كتابه «ما الأدب؟»،

قال سارتر بأن المثقفين والمواطنين العاديين يجب أن يكون لهم موقف، خاصة فيما يتعلق بالصراعات السياسية الكبرى. كان سارتر يأمل في أن يكون الأدب وسيلة لتمكين الأقليات المضطهدة من الحصول على الاعتراف وأن أعضاء النخب سينقلون إلى العمل نتيجة لتأثير الأدب، وجادل بأنه إذا انتهت الرواية بدعوة إلى العمل، فعليها أن تخاطب بوعي المجموعات التي لديها القدرة على التصرف .

يقدم سارتر وظيفة مزدوجة للأدب، إذ يعمل مرآة للظالم وأيضًا مصدرًا لإلهام وتوجيه المضطهدين، على الرغم من أنه لا يشرح صراحة ما هو الإجراء الذي يجب اتخاذه أو كيفية القيام به في إطار الأدب الملتزم، ويقول إنه يجب اختيار الإجراءات المختلفة وفقًا لمساهمتها في تحقيق الديمقراطية الاشتراكية، ولكن المؤلف يجب ألا يقرر وفقًا للعقيدة .

اذ تتعامل أدبيات حقوق الإنسان بوصفها مفهومًا أخلاقيًّا بنحو مباشر أو غير مباشر مع حقوق الإنسان، وتقود قراءها إلى فهم حقوق الإنسان والعمل على حمايتها، وترفق المنتجات الأدبية بمعلومات عامة تتعلق بحقوق الإنسان والمنظمات، فضلًا عن اقتراحات للعمل المباشر التي تسير جنبًا إلى جنب مع الموضوعات التي تنشأ من الأدب .

لقد جادل سارتر بأن «قارئ الرواية يخضع للكتاب الذي أمامه، ليفترض وجودًا غير مباشر في أثناء قراءته، وهو يعيش المشكلة التي يساعد “نفسه في خلقها، ويضع نفسه في موقف أكثر تعاطفًا مع وجوده”

ومن هنا تؤكد أدبيات حقوق الإنسان على مسؤولية المؤلف في الخوض بكتابات غير معزولة عمدًا عن العالم والأحداث الجيوسياسية والأزمات الاجتماعية الإقليمية أو العالمية، ولا تؤمن أدبيات حقوق الإنسان بالكتابة لأغراض جمالية فنية بحتة، كما تدعو الكتاب لممارسة واجبهم الأخلاقي والاجتماعي إذ تكون قوة الإبداع الأدبي على الجمهور هائلة وتؤتي ثمارها .

وفقًا للفيلسوفة الأمريكية مارثا نوسباوم في كتابها «عدالة الشعر»، إن التعاطف الاجتماعي شرط ضروري للمعاملة العادلة في المحاكم .

 

قد يعجبك ايضا