عبد الحميد العلوجي.. الباحث الموسوعي، المولود في كرخ بغداد ـ منطقة الجعيفر سنة 1924. تخرج من كلية الحقوق، ولم يعمل في حقل اختصاصه الأكاديمي. من مؤسسي مجلتي المورد والتراث الشعبي. بلغت مؤلفاته 41 كتاباً، وشغل مناصب عدة كان آخرها مديرا عاما للمكتبة الوطنية في ثمانينيات القرن الفائت ومن ثم مديرا عاما لدار الكتب والوثائق بعد دمج المكتبة الوطنية والمركز الوطني للوثائق معا، حتى تقاعده في سنة 1993.
لقبه العلوجي جاء من عمله في علوة والده عشر سنوات، فقلبها الى مكتبة، إذ كان يتسوق الكتب بدلاً عن الحنطة والشعير والدهن، وأدى ذلك الى خسارة والده رأس المال، وذات مرة حين كان العامل يزن الحنطة في العلوة ، انشغل العلوجي بقضية إعرابية قال إنه من دعاة إلغاء الإعراب مفضلا الاستغناء عنه ببعض القواعد الأساسية.
العلوجي في موسوعة أعلام العراق
باحث موسوعي بغدادي، مارس التعليم مدة، وبلغت مؤلفاته 41 كتابا، خاض معارك جدلية مع الدكتور محسن جمال الدين حول الاستشراق الروسي، ومعركة مع فؤاد جميل حول كتاب (في بلاد الرافدين) ومعركة مع المجمع العلمي العراقي حول الطب العراقي، كتب عنه حسين نصار والمستشرق البريطاني بيرسون، حصل على وسام المؤرخ العربي وشارة جمال الدين الأفغاني وشارة الفارابي وشارة بغداد والكندي.
مؤلفات العلوجي
نشير الى عدد من مؤلفات العلوجي التي وجدت في فهارس دار الكتب والوثائق الوطنية في بغداد ومصادر أخرى:
حكومات بغداد منذ تأسيسها حتى عصرها الجمهوري، 1962
الزوج المربوط، 1964
المواسم الادبية عند العرب، 1965
مؤلفات ابن الجوزي، 1965
من تراثنا الشعبي، 1966
عطر وحبر، 1967
تأريخ الطب العراقي، 1967
الشيخ ضاري قاتل الكولونيل لجمن في خان النقطة، بالاشتراك مع عزيز جاسم الحجية، 1968
رائد الموسيقى العربية، 1969
الهجرة الصهيونية الى فلسطين، 1969
كتاب الوزارات مخطوط جليل يحسن دراسته، 1970
أيام في المربد، 1971
الأصول التأريخية للنفط العراقي، بالاشتراك مع خضير عباس اللامي، 1973
النتاج النسوي في العراق، 1974 ـ 1975
المرشد الى النتاج الموسيقي، 1975
الفارابي في العراق، 1975
المتحف البغدادي، 1975
عقبة بن نافع رجل البيت والقومية، 1975
المثنى بن حارثة الشيباني، 1980
القعقاع بن عمرو التميمي، 1980
المربد مواسم ومعطيات، 1986
آثار حنين بن إسحاق، بالاشتراك مع عامر رشيد السامرائي
جمهرة المراجع البغدادية، فهرست شامل بما كتب عن بغداد منذ تأسيسها حتى الآن، بالاشتراك مع كوركيس عواد.
ومن المواقف الظريفة، إن الباحث الراحل عمل وصديقه الباحث سالم الآلوسي مدة في لجنة تقويم (تقييم) المطبوعات في دار الكتب والوثائق لغرض شرائها، وذات مرة أرسل وزير الثقافة والإعلام شخصا من طرفه، كان قادما توا من أميركا ومعه مجموعة كبيرة من الكتب، عرضها للبيع بالدولار، استقبله العلوجي والآلوسي وطلبا منه إحضار الكتب لتقويمها ماديا، فجلبها لهما في أكياس جنفاص، فقاما بتوزيع الكتب بين ثلاث أقيام وعلى وفق حجم الكتاب، مجموعة بـ 5 دنانير للكتاب الواحد، ومجموعة بـ 10 دنانير للكتاب، ومجموعة بـ 15 دينارا للكتاب الواحد، فكان هذا التوزيع أشبه بالنكتة من قبلهما، ولأنهما محددان بميزانية مالية معينة، وحين عاد صاحب الكتب في اليوم التالي صدمته الأسعار، فقال لهما : قابل دا ابيع لكم رقي.
وعندما بدأت الأمراض تنهش من جسده في العقد السابع من عمره، وأخذت صحته بالتدهور، وأصيبت عيناه بالتقوّس، ودمه بالسكر والضغط، وكذلك أذنه بثقل في السمع، ودبّت في أطرافه الرعشة، وفمه بسقوط الأسنان، فإنه ترك في عهدة ولده غسان كتاب مذكراته (ذكريات ومطارحات) بستمائة صفحة من الحجم المتوسط، كتب أحداثه بصراحة توجع الأصدقاء وتغيظ الأعداء. وكان يتمنى لو كان هناك من يرعى مشروعه الضخم (الموسوعة القرآنية) الذي شرع بكتابته منذ سنة 1952 بدلاً من أن يبقى محفوظاً في الصناديق المقفلة.
يومها كان العلوجي يقول عن نفسه: إنه صار يماثل خراب البصرة بعد عدوان الزنج، وأنه ينتظر رحلته الأبدية إلى عالم الغيب، التي كان يرى أنها لن تكون مخيفة، لأن ما زرعت يداه في الدنيا سيجني ثمره مثوىً كريماً عند رب غفور.
من آرائه: إنّ العلاقة بين التأريخ والاسطورة مثل علاقة التوابل بالأطعمة، التأريخ اسطورة كبيرة لكنها تدعو الى الثقة والإيمان.
ومن آرائه أيضا: إنّ الحكايات الشعبية انعكاس لطقوس وخوف من الغيبيات والماورائيات، وإن الحكايات الشعبية ظلمت المرأة.
رحل عن عالمنا سنة 1995، لكنه ترك في ذمة الذاكرة الثقافية سيرته ومؤلفاته الرفيعة.